رمضان فرصة أتيحت لنا لنحقّق فيه من أصناف الخير ما فاتنا تحقيقه في سائر الشهور ،علينا أن نحرص حرصا شديدا أن يكون صيامنا في أحسن صوره، و من أراد أن يكون صيامه كاملا صحيحا لابد له من تحقيق ستة أمور: أولها: غض البصر وكفه عن الإتساع في النظر إلى كل ما يحرم ويذم ويكره. قال الله تعالى: قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن. الثاني: حفظ اللسان عن فضول الكلام والهذيان والخوض في الباطل والمراء والجدال والخصومة والكذب والنميمة والفحش والسب وبذاءة اللسان، والسخرية والإستهزاء. وإلزامه السكوت والصمت وشغله بذكر الله وتلاوة القرآن، فهذا صوم اللسان. أما من أطلق عذبة اللسان، وأهمله وأرخى له العنان، سلك به الشيطان في كل ميدان، وساقه إلى شفا جرف هار، وهل يكب الناس على مناخرهم في النار إلا حصائد ألسنتهم. قال محمد بن واسع لمالك بن دينار: يا أبا يحيى حفظ اللسان أشد على الناس من حفظ الدينار والدرهم. و تذكروا قول الله تعالى: ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد. الأمر الثالث: كف السمع عن الإصغاء إلى كل محرم ومكروه. فكل ما حرم قوله، حرم الإصغاء إليه، ولذلك سوى الله عز وجل بين المستمع وآكل السحت فقال تعالى:سماعون للكذب أكّالون للسحت، وقال عز وجل: لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم وأكلهم السحت. الأمر الرابع: كف بقية الجوارح عن الآثام. وكف اليد والرجل عن المكاره، وكف البطن عن الشبهات وقت الإفطار، والحرام سُمّ مهلك للدين، والحلال دواء ينفع قليله. الأمر الخامس: أن لا يستكثر من الطعام الحلال وقت الإفطار، بحيث يمتلئ جوفه، فما من وعاء أبغض إلى الله عز وجل من بطن ملئ من حلال. الأمر السادس: أن يكون قلبه بعد الإفطار معلقاً بين الخوف والرجاء. إذ ليس يدري أيقبل صومه فهو من المقربين، أو يرد عليه فيكون من الممقوتين. وليكن كذلك في آخر كل عبادة يفرغ منها. سواء من صيام أو قيام أو صدقة أو إحسان.