رغم كل النقائص التي يعاني منها قطاع النقل بولاية "معسكر" إلا أن أحد مسؤولي مديرية النقل الذي إستضافه منتدى الإذاعة المحلية مساء الإثنين، أمر على تأكيد العكس بتكراره عدة مرات أن قطاع النقل في تحسن كبير أو تحسن مستمر . فإذا كان المقصود "بالتحسن" هو وفرة وسائل النقل ودخول حافلات وسيارات جديدة مجال الخدمة، فهذا لا أحد ينكره، ولكن لا بد من التنبيه إلى أن هذا النوع من التحسن لم يكن لمسؤولي قطاع النقل أي فضل أو دور في تحقيقه لأنه نتيجة فتح القطاع على المتعاملين الخواص« ونتيجة »تمكين الشباب العاطل عن العمل من الإستفادة من قروض لتأسيس شركات نقل خاصة« والغريب أن تسيير هذه الوفرة في وسائل النقل، وتنظيمها وهما من صلب مهام مديرية النقل)، لم يصلا بعد إلى المستوى الذي يسمح يتخفيف المعاناة التي يعيشها المواطنون يوميا بسبب "فوضى النقل" وهي فوضى تتجلى في الكثير من المظاهر، منها على سبيل المثال لا الحصر تجمع عدة حافلات للنقل الحضري أمام المحطة البرية في إنتظار دورها لملء مقاعدها بالزبائن بينما يبقى المواطنون في بقية الموقف ينتظرون هذه الحافلات العالقة في الطابور التي تسببت فيه كثرة الحافلات، ومن جانب النقل الحضري في مدينة معسكر أن كل الحافلات بمختلف خطوطها تنطلق وتنتهي إلى المحطة البرية مرورا بوسط المدينة! "إرضاء لجميع الناقلين" وليس بحثا عن خدمة المواطنين. ونفس الظاهرة نجدها لدى حافلات النقل ما بين البلديات، رغم أن القاعدة المعمول بها في هذا الشأن أنه على الحافلة الأولى مغادرة المحطة فور دخول الحافلة الثالثة من نفس الخط، لكنها قاعدة معطلة منو طرف الناقلين ومن طرف المراقبين مما يجعل المواطن يدفع الثمن المعاناة من طول الإنتظار وأحيانا من الحرمان من التنقل أصلا إذا ما كان ينتظر الحافلة في أحد المواقف البيئية (بين محطة الإنطلاق ومحطة الوصول) وزيادة على إستمرار حافلات قديمة تعود إلى سبعينيات القرن الماضي في العمل على مستوى بعض الخطوط ما بين المدن فإن معظم الناقلين سواء بواسطة الحافلات أو سيارات الأجرة ينهون دوامهم اليومي بمجرد إختفاء قرص الشمس (الذي يختفي هذه الأيام على الساعة الخامسة والخمسين دقيقة مساء) وعلى المسافرين بعد هذا التوقيت الإستنجاد (بالكلونديستان إن وجد). سيارت الأجرة في معسكر وعددها 1487 سيارة، ليست في منأى عن مظاهر الفوضى هي الأخرى، فبعاصمة الولاية هناك أكثر من 800 سيارة أجرة، ومع ذلك يصعب عليك العثور على إحداها إن كنت بإحدى أحياء المدينة لأن كل السيارات تنطلق وتنتهي إلى وسط المدينة بساحة بن باديس أو إلى المحطة البرية، وذهاب هذه السيارات إلى بقية المناطق العمرانية يتوقف على إرادة أصحابها أو لإيصال زبون "أي كورسة"، وفي طريق العودة يحمل معه زبناء (البلاصة) ، أما بالنسبة للأسعار المطبقة، فحدث ولا حرج إلا قلة ممن يتقيدون بالسعر القانوني. من جهة أخرى عجز قطاع النقل عن إعداد مخطط النقل الحضري بعاصمة الولاية، يزيل الإختناق المزمن الذي يشهده وسط المدينة رغم إنجاز الممر تحت الأرض، وإضافة عدة إشارات ضوئية لتنظيم حركة المرور، لكن دون جدى لحد الآن. وبينما تطمح الولايات إلى تنويع وسائل النقل بها، بإضافة "القاطرات الحضرية (الترامواي)" و"العربات المعلقة (التيليفريك)" و"سكك الأنفاق (الميترو)"، ما زالت عاصمة الأمير عبد القادر تفتقر إلى محطة برية لائقة، ومحطات حضرية فرعية تضمن توزيع عادل لخدمات النقل بين مختلف الأحياء السكنية. ورغم أن الوثائق الخاصة بتوزيع مشاريع التنمية التي إستفادت منها ولاية معسكر في إطار البرنامج الخماسي الثاني للتنمية 2014/2010 لا تشير إلى إستفادة قطاع النقل من أي مشروع ضمن البرنامج المذكور، إلا أن ضيف منتدى الإذاعة أكد إستفادة الولاية من عدة مشاريع منها محطة برية من صنف "ألف" ستنجز بشمال مدينة معسكر، وأخرى من صنف "باء" بمدينة المحمدية ومحطتان من صنف "جيم" بكل من تغنيف وسيڤ، وكذا إعداد دراسة خاصة بمحطات حضرية لفائدة معسكر، المحمدية، سيڤ، غريس، البرج وتغنيف، وكذا إنجاز 3 مخططات للنقل لصالح مدن معسكر، المحمدية وسيڤ فضلا عن مراكز لتعليم السياقة بالحواضر الكبرى. وكلها مرافق نأمل أولا أن تتجسد بأسرع ما يمكن، ولكن نأمل أكثر ألا يكون مصيرها كمصير المحطات البرية التي كانت تتوفر عليها معظم هذه المدن، وتم غلقها أو بيعها أو تحويل نشاطها. والخلاصة أنه لا وفرة المركبات والعربات، ولا كثرة المرافق كافيتان لتوفير خدمات نقل ذات نوعية وإنتظام، ما لم تصاحبها صرامة في تنظيم وتسيير هذا القطاع الحساس، وفرض الإنضباط على متعامليه.