كشف وزير النقل، السيد عمار تو، أمس، عن الشروع قريبا في تنصيب أفواج عمل تتكفل بإعداد دفاتر شروط خاصة بالنقل العمومي للمسافرين تهدف إلى وضع حد لفوضي النقل، وتعهّد من جانب آخر باتخاذ إجراءات عملية لمعالجة ملف التسعيرة. وترأس السيد عمار تو، أمس، بمقر الوزارة اجتماعا ضم مدراء النقل خصص لاستعراض وضعية النقل العمومي للمسافرين بمختلف أنواعها، وبيّن العرض المقدم من طرف مسؤولي الوزارة حالة الفوضى التي تميز جميع أنواع النقل سواء الحضري بكل أنواعه أو سيارات الأجرة، والسبب في هذه الوضعية - يقول وزير القطاع - هو عدم الحضور أو الحضور غير الدائم لأعوان الدولة المكلفين بالرقابة الذين لا يؤدون مهامهم في فرض القانون على الناقلين. وسجل السيد تو في ثاني لقاء يعقده مع مدراء القطاع منذ توليه حقيبة النقل في جويلية الماضي خلفا للسيد محمد مغلاوي، وضعا شاذا بسبب فرض أصحاب عربات النقل العمومي الحضري لمنطقهم في غياب تام للدولة، وانتقد في هذا السياق بشدة المدراء وحمّلهم مسؤولية تلك الوضعية بل أكثر من ذلك اعتبرهم متواطئين في بروز هذه الظاهرة. وبوضع حد لهذه الوضعية، أكد عمار تو أن الاجتماع سيسمح بتشخيص وبموضوعية كل مواطن الخلل من خلال اتخاذ إجراءات عملية. وأعلن عن إنشاء أفواج عمل على مستوى الوزارة مهمتها إعداد دفتر شروط خاص بكل أنواع النقل يلزم به أصحاب السيارات باحترامها، ولم يحدد الوزير المهلة المحددة لوضع دفاتر الشروط ولم يقدم آجال معينة لذلك وربط الانتهاء من إعدادها بمدى تقدم أشغال الأفواج التي ستركز على جميع المعطيات الميدانية المتوفرة حاليا. ومن جهة أخرى، اتضح في لقاء أمس، الذي تابع رجال الإعلام أشغاله، تفشي الفوضى أيضا في التسعيرة المطبقة إلى درجة أن مدراء النقل عجزوا عن تحديد المسؤول عن ردع بعض الناقلين عن رفع تسعيرة النقل دون صدور أي قرار من الوصاية. وأشار مدير النقل لولاية بومرداس السيد بن جودي أن عدم مراجعة المرسوم التنفيذي لسنة 1996 المحدد لتسعيرة النقل أدى إلى إحداث حالة من الفوضى ودفع بالناقلين إلى مراجعة التسعيرة المعتمدة نحو الزيادة، وأعاب في هذا السياق على الوزارة عدم اتخاذ إجراء لمعالجة الوضعية، وحينها تدخل المسؤول الأول على القطاع وأكد أن مسألة مراقبة التسعيرة من اختصاص وزارة التجارة. ولكن الجدل حول التسعيرة لم يتوقف عند تدخل الوزير بل تواصل عندما تدخل مدير النقل لولاية غرداية الذي أكد على ضرورة صدور مرسوم يحدد تسعيرة النقل العمومي شأنها شأن تسعيرة بعض المواد الواسعة الاستهلاك مثل الخبز والحليب. وعلى هامش الاجتماع وفي ردّه على سؤال في هذا السياق وحول كيفية معالجة موضوع التسعيرة، قال السيد تو إن المسألة ستخضع لدراسة دقيقة تراعي حقوق المواطنين من جهة وكذا الناقلين، ولم يستبعد توسيع النقاش حول التسعيرة إلى قطاعات أخرى مثل التجارة. وبحسب الوزير، فإن معالجة النقائص المسجلة في القطاع تستدعي أولا تشريحا دقيقا، ثم يتم اتباعها بسن تشريعات إذا تطلب الأمر ذلك، ولكن يبقى الأهم هو فرض الصرامة في احترام القوانين. وفي مداخلة تحت عنوان "وضعية النقل الحضري" أكد مدير النقل الحضري السيد سليم صالحي أن هذا النوع من النقل يعاني فوضى عارمة تتميز بعدم احترام القانون من طرف الناقلين الخواص، وبروز المنافسة غير الشريفة فيما بينهم بسبب غياب الرقابة، إضافة إلى غياب الاحترافية لدى الناقلين بحيث يملكون على أكثر تقدير وسيلتي نقل فقط. ولاحظ أيضا نقص محطات المسافرين مما جعل من الطرقات مكانا لها مما يحدث في غالب الأحيان الازدحام في الطرقات. والظاهرة البارزة حسب المتحدث هو بروز توجه نحو استعمال السيارات الخاصة وكذا ارتفاع نسبة الراجلين حيث يفضل الكثيرون التنقل على الأقدام لمسافة قد تكون أطول بدل أن يستقل حافلة نقل عمومي. ورغم هذا الوضع يبقى استعمال الدراجات النارية محدودا جدا - يؤكد السيد صالحي - في وقت تصل نسبة استعمال الدراجات في بعض الدول إلى 70 بالمئة. وسجل التقرير المقدم من طرف مدير النقل الحضري سوء توزيع في وسائل النقل، حيث تعاني بعض الولايات من الإشباع المفرط في حين تعاني أخرى من نقص كبير. وحول دور الجماعات المحلية في تنظيم حركة النقل تباينت نظرة السيد صالحي مع نظرة السيد عمار تو، ففي الوقت الذي أشار مدير النقل الحضري إلى الدور السلبي للجماعات المحلية في تنظيم المحطات وسير الحافلات، أكد الوزير بأن المسؤولية يتحملها مدراء النقل المطالبين بالتحرك في كل الاتجاهات لمعالجة الوضعية. ومن جهة أخرى، وحول وضعية النقل الجماعي للمسافرين، أوضح مدير النقل لولاية بومرداس السيد بن جودي أن عدد المتعاملين الخواص في هذا النوع من النقل بلغ 11364 ناقل مقابل 17 متعاملا عموميا، مشيرا إلى أن عدد المقاعد ارتفع سنة 2008 ب37 بالمئة مقارنة بالسنوات الماضية. وعن عمر الحافلات والسيارات المستعملة فإن 50 بالمئة منها لها أكثر من 10 سنوات، مع تسجيل تناقص في عدد العربات لأقل من 5 سنوات، بينما ارتفع عدد السيارات التي يتجاوز عمرها 19 سنة، أما تلك التي يتجاوز عمرها 15 سنة فقد قدرت نسبتها 30 بالمئة، موضحا أن القطاع الخاص يتوجه شيئا فشيئا نحو تجديد وسائل النقل المستخدمة. وأظهر التقرير، الذي قدمه السيد صالحي، جملة من النقائص من أهمها غياب الخدمة العمومية بسبب توجه الناقلين نحو تحقيق الربح حتى وإن كان ذلك على حساب الزبون الذي غالبا ما يتعرض لتجاوزات من طرف أصحاب الحافلات، وحمّل الإدارة مسؤولية عدم تحسن الأوضاع على أرض الواقع بفعل غياب الرقابة. وحول واقع النقل بسيارات الأجرة أشار مدير النقل لولاية تيزي وزو المكلف بإجراء دراسة خاصة بهذا النوع من النقل العمومي إلى أن هناك أكثر من 84 ألف سيارة أجرة في الجزائر، وأن المصالح المعنية أصدرت 138552 رخصة، غير أن عدد الرخص غير المستغلة يبقى مرتفعا جدا حيث قدر ب 57.178 رخصة أي بنسبة 41.37 بالمئة. أما المستغلة فقدرت ب81374 رخصة أي بنسبة 58.73 بالمئة. واقترح المسؤول لتنظيم النقل بسيارات الأجرة وضع بطاقية وطنية وشبكة معلومات خاصة بها، وكذا استصدار دفتر شروط يلزم أصحاب تلك السيارات باحترام شروط معينة في مزاولة هذا النشاط.