الكتابة حياتها والشعر بحرها، الليل صديقها والتحرّر شعارها، هي الشاعرة الشابة حنين عمر، التي استطاعت في ظرف وجيز أن تفرض وجودها بخطوات ثابتة على الساحة الأدبية، وترفع على عاتقها لواء التجديد، غير آبهة ولا مبالية بثقل المهمة وصعوبة المغامرة، حيث اختيرت ضمن قائمة أفضل ثلاثين شاعرا عربيا معاصرا ومجدّدا في مجال الكتابة والإبداع خلال النصف قرن الأخير، كما اعتبر المطرب الكبير كاظم الساهر قصيدتها »ماذا بعد؟« التي اختار أن يغنيها، أفضل قصيدة حملها ألبومه الجديد »لا تزيديه لوعة« الصادر في يناير 2011، في خرجة مباغتة فاجأت الكثير من متتبعي الحراك الفني وعشاق قيصر الغناء العربي، الذي طالما أطربهم بقصائد كبار الشعراء الراحلين والأح+-*ياء على حد سواء. الجمهورية: في البداية نهنئك على قصيدة "ماذا بعد؟" التي غناها القيصر كاظم الساهر في ألبومه الأخير "لا تزيديه لوعة"، ماذا يعني لك هذا ؟ - حنين عمر: حينما نحلم بأشياء معينة منذ طفولتنا وتتحقق بعد 16 عاما من الحلم، كيف يمكننا أن نصف ما نشعر به ونحن نلمس زجاج شباكنا المبلل بالمطر لنكتب عليه ابتسامتنا ؟ لا أعرف كيف أشرح هذا، ولا أعرف كيف أشكر الأستاذ كاظم الساهر لأنه أعطاني فرصة يحلم بها ملايين الشعراء ولم ينلها سوى 10 أو 13 شاعرا من بينهم عظماء، أمثال الشاعر الكبير نزار قباني الذي صنعت قصائده روائع كثيرة للطرب العربي مع عبد الحليم حافظ وغيره من كبار المطربين العرب. حدثينا عن هذا التعامل الذي فاجأ الكثيرين باعتبار أن المطرب يغني لأول مرة كلمات من نضم شاعرة فصحى تشق طريقها في بحر الأدب، بعدما تعود الغناء لكبار شعراء الوطن العربي؟ - تعود علاقتي بالأستاذ كاظم الساهر إلى زمن بعيد كنت فيه طفلة، وأدين له بالكثير عبر مختلف مراحل عمري، فهو أحد أهم الأشخاص المؤثرين في حياتي التي فيها سلسلة تقاطعات عجيبة وصدف غريبة تحققت من وراء هذا التأثير، هذا إضافة إلى تأثيره في مساري الشعري بحيث أن أول مبادئ العروض تعلمتها عبر نقرات أصابعه على خشب الطاولة وهو يحاول أن يعلمني كيف أزن بيتا شعريا بشكل دقيق بينما تتسع عيناي بدهشة طفولية على وقع موسيقاها. كانت تلك اللحظات هي بوابة دخولي إلى عالم موسيقى الشعر وفهم ماهية "الجرس" الذي كنت أشعر بوجوده حينما اقرأ الشعر العربي. هكذا إذن فهمت ما هو الجرس بفضله وانطلقت بعدها في صقل موهبتي عبر سنوات كثيرة خضت فيها كل أنواع التجارب إلى أن صدر ديواني الثاني في شهر مارس المنصرم والمعنون "باب الجنة" والذي حوى خلاصة تجربتي الوزنية العمودية، فأهديته الديوان في لقاء جمعني به في الإمارات كما تهدي تلميذة لأستاذها إنجازا ما امتنانا ومحبة ومحاولة منها لتقول له "لقد أصبحت شاعرة محترفة" بعد أن عرف مرحلة خربشاتها الأولى، ومع أنني لم أطمع أبدا في أن يختار منه أي قصيدة وكان أقصى طموحاتي أن يقرأه وأعرف رأيه فيه، إلا أنه فاجأني في اليوم الموالي بأنه قرأه وعرف مكامن قوته وضعفه وأختار قصيدة منه، وطبعا بالنسبة لي لم يكن اختيارا فقط، بل كان هدية من أستاذي لي لأن علاماتي كانت جيدة في الامتحان. وأعتقد أنني محظوظة جدا بهذه الهدية وفخورة بتلك الثقة الكبيرة التي وضعها في شاعرة شابة هي أول تجربة نسوية فصيحة يغني لها بعد أن تعود الجمهور على القباني وفاروق جويدة وعلى أسماء لها وزنها في المشهد العربي، هي مغامرة كبيرة أنا سعيدة جدا لأنني خضتها معه واستمتعت كثيرا بها وبالتغييرات التي أدخلناها وبمشاعر التوتر والضغط والرغبة في صنع شيء جميل...تلك المشاعر التي صاحبتنا أثناء العمل وكانت تجعلني اشعر بمشاعر مدهشة، وكم أنا محظوظة جدا لأنه بهذا العمل قاسمني جزءًا من حب جمهوره ومن اهتمامهم وجعلني أضيف لمسة صغيرة جدا في تاريخ مدرسة الحب التي كنت ومازلت من تلاميذها.لماذا هذه القصيدة بالذات رغم أن ديوان »باب الجنة« يتضمن أزيد من أربعين قصيدة ؟ - أؤمن أن للقصائد حظوظا مثل البشر، ومن الواضح أن هذه القصيدة محظوظة وإلا كيف وصلت إلى "الأبدية" بعد أن امتزجت بصوت أحد أعظم المطربين في تاريخ العالم العربي؟ ،هناك قصائد جميلة كثيرة لم تسمح لها الصدفة أن تصل إلى الناس أو أن تغنى وتشتهر ويرددها الملايين في الشارع العربي. وقد كان في الديوان فعليا 44 قصيدة، قرأها الأستاذ كاظم وانتقى منها "رسالة شكر"، وأنا نفسي أدهشني اختياره ولم اعرف جوابا لسؤال "لماذا هذه القصيدة؟" لكنني الآن حينما أرى الساهريين يرددون أبياتها ويشعرون بها أفهم سر هذا الاختيار بعض الشيء وأبتسم. لولا مرورك اللافت في برنامج أمير الشعراء لقناة أبوظبي الذي توجت فيه بأحسن قصيدة نسائية وحققت من ورائه شهرة كبيرة هل كنت تتوقعين أن يغني لك يوما مطرب عربي كبير. أم أنت مدينة لهذا البرنامج ؟ - أنا مدينة لبرنامج أمير الشعراء بالكثير من الشهرة وبالكثير من التغييرات النفسية والأدبية التي حدثت في حياتي وبنقط تحول مهمة رتبت تجربتي الشعرية التي كانت فوضوية وحولتها إلى مشروع ذاتي له اشتغالاته ورؤيته وعوالمه، ولكن معرفتي بالأستاذ كاظم تعود إلى ماقبل عام 2007 بكثير، ولهذا فالأمور ليست مرتبطة تماما بين برنامج أمير الشعراء واختيار القصيدة إلا من ناحية كون ديوان "باب الجنة" الذي ينتمي له النص صدر عن هيئة أبوظبي للثقافة والتراث قسم "أكاديمة الشعر" وهي الجهة المنظمة لمسابقة أمير الشعراء، وصدقا لم أكن أضع في حساباتي أن يغني الأستاذ كاظم من كلماتي، ليس لشعوري باني شاعرة سيئة فأنا أثق بتجربتي الآن وأعرف مالها وما عليها، وإنما ربما لشعوري أن العلاقة النفسية به وأن ذلك الخيط السحري الذي تشدنا به مدرسة الحب الجماهيرية تجعلني أخجل من أن أطمع في الوصول إلى نفس مستوى أساتذتها الذين شكلوا تاريخها كالقباني وكريم العراقي وغيرهم. لقبت بتلميذة الراحل نزار قباني، ماذا تعلمت من مدرسة الحب ؟ - تعلمت كل ما جعلني "حنين" ببساطة، أثر أستاذي نزار كثيرا على تشكيل الوعي الكوني والحس الشعري لدي وعلى تكثيف تجاربي الأولى ولكنه أيضا كان هو من حرضني على ألا أشبهه وأن يصبح لي شخصيتي الشعرية المنشقة، وألا أرغب في أن يكون شعري نسخة عن شعره إنما في أن يكون شعري هو "أنا" بعيدا عنه وأن أخترع لي أسلوبي الخاص، فبدأت في البحث عن لغتي وبصمتي بعيدا عن المدرسة إنما ظل هناك ارتباط وثيق بيني وبينها ففيها حصلت على مقومات شخصيتي التي تبلورت كما هي عليه الآن وعلى أصدقائي الذين ظلوا أصدقائي إلى اليوم، وعرفت معنى الصدق والحب والشعر والوفاء والأخلاق والأدب والاحترام والطيبة و العائلة، كانت مدرسة الحب أكثر من مدرسة: كانت عائلة كبيرة تخرج منها اليوم شعراء مميزون وصحفيون مهمون ومطربون صاعدون وملحنون مبدعون ومهندسون وأطباء ومحامون ...من جنسيات مختلفة، والغريب أنه رغم أننا كبرنا و أن بعض أولئك الأطفال أصبح أبا أو أما الآن إلا أننا مازلنا على تواصل إلى يومنا هذا فنلتقي في كل بلد، نزور وندعو بعضنا في المناسبات، نتبادل المعايدات ونتهاتف ونتقاسم الأفراح والأحزان ونتعامل مع بعضنا بمبدأ عائلي. وهذه العائلة الواسعة التي تمتد لمئات الناس هي التي ساندتني وشجعتني وابتهجت بتجربتي الشعرية ومنحتني إخوة حقيقين وأصدقاء أوفياء في ظل عالم "العلاقات الكرتونية". كيف خضت غمار رحلة الأدب التي بدأتها بالرواية، لترسو سفينة الكتابة بك في عرض بحر الشعر، رغم أنك درست الطب؟ - لا أعرف كيف حصل ذلك بالضبط ، لكنني بدأت بكتابة قصص الأطفال وأنا طفلة ثم رغبت في أن أصبح شاعرة، آثرّت القراءة التي كنت أمارسها بإسهاب وجنون ومبالغة كثيرا على بناء تجربتي مبكرا، وكانت الشاعرة والروائية بداخلي تسيران معا إلى أن تفوقت إحداهما على الأخرى وعرفت كشاعرة في الوسط الأدبي خاصة بعد برنامج أمير الشعراء عام 2007، مع ذلك لدي الكثير من الروايات المركونة على الرف والتي لم اهتم بنشرها بعد أن نشرت تجربة بسيطة وأنا مراهقة عام 2003 تحت عنوان »حينما تبتسم الملائكة«، أما دراستي الطبية فلا علاقة لها لا بالشاعرة ولا بالروائية لأن اختياري لها جاء وأنا أصلا أمارس الكتابة، وحينها كان يمكنني أن اختار شعبة أدبية كالصحافة أو الأدب العربي أو غيرها مما له علاقة مع موهبتي ، لكنني أعتقد أن أفضل ما فعلته في حياتي أنني ابتعدت عن مجال الأدب والصحافة حتى لا يكون عملي مرتبطا برأيي ولا يكون رأيي مرتبطا برئيس التحرير أو بتوجه جريدة أو قناة أو عميد كلية أو مدير له علاقة بعالم الأدب والكتابة، هكذا أنا حرة تماما يمكنني أن أقول ما أريده متى ما أردت، فامرأة عصبية ومتمردة وصريحة مثلي كانت ستجد نفسها بلا عمل بالتأكيد خاصة أن لساني طويل ولا اسكت عن الحق ولا يمكنني مداهنة الرداءة ولا منافقة أشباه المثقفين. إذن أنت حققت هجرة عكسية من الرواية إلى الشعر، مخالفة للظاهرة التي تشهدها الساحة الأدبية عندنا؟ - يمكن أن نقول هذا، فأنا بدأت كمشروع روائية بروايتي الصادرة عام 2003، والتي كان أسلوبها بسيطا وطفوليا، رغم أن موضوعها كان يتحدث عن حرب الخليج، ثم برزت كشاعرة خاصة عام 2007 وأعتقد أنه حتى رواياتي فيها شيء من هذه الشاعرية التي تطلع غصبا عني مثل سمكة حمراء بين جملة وأخرى، هذا طبعا لا يعني أنني لن أقدم على نشر رواية ثانية ولكنه يعني فقط أنني راضية بلقب الشاعرة والألقاب التي تأتي بعد ذلك تدخل في غمار "الأوبشنز" الزيادة، ولذلك أركز على تجربتي وأشتغل عليها وأتعمق فيها وأصبحت أعاني حالات من القلق المرتبط بعوالم بناء القصيدة. كيف تبنى القصيدة عندك و ماهي الأدوات التي تعتمدين عليها؟ - بناء القصيدة يعتمد لدي على شيء واحد هو "رغبتها" ولدي أداة واحدة أتعامل بها معها هي "صدقي"، فمتى ما جاءت القصيدة جاءت ومتى ما هطلت أمطارها هطلت، ومتى ما حدث زلزالها الداخلي حدث، ومتى ما انسابت على الورق من بين أصابعي انسابت، أتعامل مع القصيدة بصدق وبدون أقنعة ولا مكياج ولا تصفيف، فإن كانوا يقولون في تراثنا العربي "أجمل الصدق أكذبه" فأنا لدي رأي آخر تماما يقول "أجمل الشعر أصدقه" فأجمل الشعر هو القادم من دمعتنا ومن ذاتنا ومن حالاتنا النفسية ومن تأثرنا وعاطفتنا ...لا أؤمن في الشعر البلاستيكي المصنّع الذي يشبه الورود الاصطناعية ، قد يكون شكلها جميلا ولكنها بلا رائحة ولا تنفع لصنع العطر الحقيقي الثمين. طلبت من أدباء الجيل الذي سبقك أن يسمحوا لك بتغيير ديكور البيت العربي الذي بنوه، إن حصلت على الموافقة كيف سترتبينه و ماذا ستجددين فيه ؟ - كنت طلبت في السابق هذا في أحد حواراتي عام 2005 أعتقد، أما الآن فلم أعد اطلب منهم ذلك ونحن في عام 2011، إنما أحضر الأثاث الذي يعجبني وأؤثث به ركني وغرفتي وأعلق اللوحات التي تروقني على جدراني وأفرش السجاد الذي يتناسب مع ألوان ستائري بينما أترك لهم كاتالوج "إيكيا" - وهي ماركة أثاث شهيرة- فوق الطاولة، ليختاروا منه قطعا في حالة ما إذا غيروا رأيهم و أعجبهم أن يفعلوا مثلي ويغيروا ديكورات غرفهم في المنزل. كتبت في الشعر العمودي متأثرة بالمتنبي، ونظمت قصائد كثيرة في الشعر الحر منتهجة طريق نازك الملائكة، أين تجدين نفسك أكثر؟ - قلت للمتنبي في إحدى قصائدي : "أنا لست ممن يتبعونك إنما / أنا باجتياز البحر مثلك احلم /"....وهذا دليل على كوني لست ممن يتبعونه ولم أكتب في الشعر العمودي متأثرة به مطلقا بل إنني ممن يستفزونه ويعارضونه ويحلمون بعبور الشعر العربي مثلما عبره بتجربة حقيقة كما اني لم أتأثر بنازك الملائكة أيضا ، فشعري لا علاقة له من الناحية الفنية والنقدية بتجربتين مختلفتين تماما عن مزاجات الكتابة لدي وعن تفاصيلي، لدي قصائد مشاكسة مع المتنبي أقول له فيها رأيي الشعري فيه وأحلامي المختلفة عن أحلامه، وهي حالات اعتراض على سلطته الشعرية التي يحب أن يقولبها النقد العربي الكلاسيكي ضمن نطاقها وكأنه من المستحيل أن يولد شاعر أفضل من المتنبي وهذه نظرية خاطئة تدخل ضمن موروث ثقيل من المفاهيم المتحجرة، أما تجربة نازك الملائكة فأرى أنها لم تكتمل وكان يمكن لها أن تمنح الشعر العربي مدرسة حقيقة لو تم الاشتغال عليها أعمق، لكن لسبب ما ظلت تجربة نازك الملائكة محدودة وغير عميقة الدلالات من ناحية البينة الفنية الشعرية رغم احترامي العميق لها ولانجازاتها، بينما ظل المتنبي _ الذي أكن لتجربته احتراما كبيرا أيضا- سوطا في يد النقاد لإحباط وعقاب أي شاعر تسول له نفسه أن يطمع في تجاوزه، فقد جعله بعض نقادنا الكرام "غولا" يلتهم كل التجارب الشعرية وهي بعد في المهد. وهذا ما أرفضه فالشعر العربي لا يتوقف عنده وطالما هناك امرأة عربية واحدة قادرة على الإنجاب فإنه علينا أن نتوقع ولادة شاعر مختلف أكبر دائما من أي شاعر مضى، فلكل خصوصيته ...للمتنبي تميّزه وخصوصيته ولغيره خصوصيتهم وتميزهم. وماذا عن النقد ، ماذا يمكنك أن تقولي عنه ؟ - عن أي نقد تتحدثين ؟؟؟ هناك في العالم العربي أنواع كثيرة من النقد ..هناك النقد المزاجي الذي يعتمد على مزاج الناقد ومسبّقاته ورؤيته وكونه شرب فنجان قهوته المسائي أم لم يشربه، وهناك نقد المصالح الذي يعتمد على فوائد مشتركة بين الناقد والكاتب، وهناك النقد الغزلي الذي يختص به بعض النقاد الشاعرات الفاشلات والكاتبات الغبيات والأديبات الضحلات ....وهي بعض النماذج المعروفة الواضحة التي نلمسها كل يوم، أما النقد الحقيقي فمن النادر جدا أن نراه يعبر هكذا ذات يوم بنظارته السميكة ووقاره المعهود، لهذا أنا لا أتقرب من النقاد واكتفي بآراء من أثق بهم وبكونهم ينقدونني نقدا بناءً لا علاقة له بشخصي وإنما بنصي فقط. فقد أضحت ساحة النقد مرتعا لكل من هب ودب فيها يعيث فسادا على غير هدى، وهنا لدي سؤال صغير : أين هم من يفترض أن عملهم هو النقد من أساتذة جامعيين ودكاترة مختصين ؟؟؟ أم أن كل هم هؤلاء الآن هو راتب آخر الشهر وتصحيح امتحانات طلبة يتخرج معظمهم برؤوس فارغة وبشهادة "ليسانس" مع أنهم لا يستطيعون كتابة جملة سليمة واحدة باللغة العربية ؟ تسبح في بحور شعرك الكثير من المتناقضات هل يعني هذا أنك شاعرة متمردة ؟ - التناقضات حالات فلسفية عميقة للتطابق ، والتمرد بمفهومه ليس تمردا إنما هو حالة فلسفية لرفض السائد الذي يحاول أن يفرض رداءته، كل الحركات التحررية الكبرى سمي المنتمون لها بالمتمردين، ولهذا لا أرى كلمة "تمرد" التي ترتبط بي حالة غير صحية، فقد ارتبطت بي لسبب واحد هو أنني رفضت أن أدخل ضمن القطيع و أعلنت العصيان على الكثير من المظاهر غير الصحية في المشهد الأدبي، ولأنني قلت" لا": لن أفكر كما تفكرون ولن افعل ما تفعلون، ولأنني أردت أن يكون لي رأي وشخصية وأن أنتمي لنفسي : وصفوني بالتمرد، حسنا أنا إذن متمردة وثائرة على كل القبح والظلم والكراهية والرذيلة والرداءة والحزن والكذب الموجود حولنا، أنا متمردة على طريقة ألبير كامو الذي قال : "التمرد يحقق للحياة قيمتها وعظمتها لأنه يحرض التفكير واعتزاز الإنسان بأمور عدة لحقيقة تتجاوز ذاته، إن شعور الإنسان بحياته وبتمرده وبحريته ذلك يعني الصفاء الداخلي".