على غير العادة التي سرنا عليها منذ أن فتحنا باب بيت الترجمة، نلتقي اليوم في نص حواري حول إشكاليات ترجمية ولغوية يطرحها الأستاذ هشام بن مختاري، أستاذ الترجمة بجامعة بجاية علينا، استجابة لتساؤلات فرضها وضع الترجمة الراهن سواء على المستوى التنظيمي أو على مستوى المنشأة التي كادت أن تنهار بسبب سوء الأحوال الجوية الأخيرة، إليكم الحوار: الأستاذ هشام بن مختاري: بعد أن تجاوز عدد أعضاء بيت الترجمة 3000 من مختلف مناطق الوطن و بعد قرابة الثلاث سنوات من نشاط بيت الترجمة كيف تقيمون هذه التجربة؟ الأستاذ عبد الرحمان الزاوي: أولا مساء الخير أيتها الباحثات أيها الباحثون، أيها المقيمون العلميون الدائمون ببيت الترجمة...أحييكم وأتمنى أن نواصل مشوار البحث عن معالم هذا البيت الذي نريد تأسيسه في الجزائر. البيت يكبر يوما بعد يوم،،، بغرفه وبباحثيه ومنتسبيه...إنها بادرة يعود الفضل في تأسيسها لكم يا مجمع الباحثين. فمن مجرد فكرة بسيطة ها نحن نجمع عددا هائلا من الباحثين عبر التراب الوطني. على الرغم من أننا لم نحقق كل ما رسمناه في برنامجنا إلا أننا استطعنا أن نلم أن نجمع هذا العدد من أخيار الباحثين في ميدان الترجمة واللغات وغيرها من العلوم الإنسانية والاجتماعية. فجميل أن يلتقي عالم الاجتماع وعالم النفس و.. و.. و.. و...المترجم في بيت واحد...وأن يشرف على غرف البيت مجموعة من الباحثين المتميزين من الأدب وعلم الاجتماع واللغات والترجمة ...مرحبا بالجميع فعالم الترجمة واسع. الأستاذ هشام بن مختاري: تعليمية الترجمة في الجزائر عرفت شدا و جذبا في السنوات الأخيرة ما تقييمكم لخريطة التعليمية للترجمة ماضيا و حاضرا؟ الأستاذ عبد الرحمان الزاوي: الترجمة وتعليمها وتعليميتها في الجزائر عرفت تجاذبات كثيرة منذ قبل الاستقلال، فقد استقت الجامعة الجزائرية مناهج وطرق التدريس من الجامعة الفرنسية أولا ومن بعض الجامعات الغربية الأخرى ثانيا، فانفتاح الجامعة على اللغات – بعد الاستقلال – جعل معهد الترجمة في العاصمة يتبوأ مكانة مرموقة بين المعاهد عبر المساحة العربية وحتى الغربية. عندما التحقت بقسم الترجمة بجامعة وهران في ثمانينات القرن الماضي، دأبنا على بناء برامج لتدريس الترجمة بطرق علمية، أكثر مما هي عليه الآن، فقد ركزنا اهتمامنا على الجوانب التطبيقية أولا ثم النظرية ثانيا. لأن النظري يمكن اكتسابه عن طريق مجهودات المتعلم الفردية، لكن الجانب التطبيقي [والتربصات] لا يمكن أن تقدمه إلا المؤسسة التعليمية وهي هنا قسم الترجمة آنذاك. وعندما وجدت الترجمة مكانتها بين اللغات [غارت منها] اللغات وبالأخص اللغة الانجليزية والأدب العربي، فعمل بعض الأساتذة [لا سامحهم الله] على تكسيرها، والوقوف بالمرصاد لها. وحدث ما حدث، وهي تعاني للأسف الشديد من هذه التبعات إلى الآن. الأستاذ هشام بن مختاري: مخابر البحث آلية وجدت أصلا للبحث العلمي ولمرافقة الباحثين في تجسيد مشاريعهم. ما تقييمكم للبحث الجامعي عموما و البحث الترجمي علي مستوي المخابر علي وجه الخصوص؟ الأستاذ عبد الرحمان الزاوي: آلية وجود مخابر البحث في الجامعة الجزائرية آلية ممتازة جاءت لتساعد الباحثين والمقبلين على البحث على تجسيد أفكارهم العلمية، وأطروحاتهم الأكاديمية، أقصد رسائلهم الجامعية، الماجستير والدكتوراه، لكن [الشعبوية] التي صاحبت العملية جعلت منها عملية لا طائل من ورائها، فخرجت عن المسار العلمي إلى مسار استغله بعضهم [بعض مديري المخابر] للتجارة وكسب المال فقط. وأعتقد أن الوزارة انتبهت إلى الأمر وهي تحاول إعادة هيكلة هذه المخابر،،، العملية باختصار أعتبرها فاشلة، فهناك بعض المخابر تعمل منذ سنوات [أكثر من 10 سنوات] ولم تخرج كراسة واحدة؟؟؟؟؟؟؟؟ غريب. المخبر الذي يحجب النشاطات العلمية ولا يأخذ بأيدي الباحثين الجدد [طلبة الدكتوراه والماستر] إلى مسار البحث،،، المخبر الذي لا يستفيد منه الطالب الشاب...المخبر الذي لا ينزل للبحث عن الباحث ...يجب أن [تغلق أبوابه] حينا. المخير مسؤولية علمية وليست مسؤولية أدبية. المخبر يصنع الباحث. وتجربتنا في مخبر الأنساق [كفرقة للترجمة] غنية عن التعريف. ولكن العراقيل البيروقراطية تقف حاجزا في وجه التقدم . لا يسير المخبر بفكر العشيرة. الأستاذ هشام بن مختاري: من المتعارف عليه في المعايير الأكاديمية الدولية أن لكل علم أهله و ذوي الاختصاص فيه ممن يجوز لهم الإفتاء في أموره و الإبحار فيه و لعل من أهم هموم الترجمة في الجزائر تجرؤ من ليس من أهلها عليها حتى أصبحوا أهل البيت و أصبح المختصون ضيوفا هل توافقون هذا الطرح و ما الحل في رأيكم؟ الأستاذ عبد الرحمان الزاوي: هي مشكلة عامة جدا ؟؟؟؟ لقد أصبت الجرح تماما؟؟؟ إذا أسندت المهمة لغير أهلها فصل عليها؟؟؟ والمثال الحي ما يجري على مستوى معهد الترجمة ،،،، فتدريس وتعليم الترجمة يختلف عن تعليم الأدب والمسرح والقانون ...تعليم الترجمة يتطلب التفكير باللغات أولا ...تدريس الترجمة يتطلب ملتقيات وتلاقح لغوي مع الآخر غير العربي ...معهد للترجمة لا تجد فيه أستاذا أجنبيا واحدا ليس معهدا ولا تجد فيه أستاذا زائرا واحدا ولا طالبا أجنبيا قارئا ؟؟؟؟؟ لكننا سنناضل [بلغة السياسيين] على إعادة الترجمة إلى الواجهة. الأستاذ هشام بن مختاري: المجتمع المدني هو الوسيط بين الدولة والمواطن والجمعيات ذات الطابع الأكاديمي العلمي وسيط ضروري بين الباحث و السلطة الإدارية أين نحن من هذه الثقافة و أين الترجمة بالتحديد من العمل الجمعوي ؟ الأستاذ عبد الرحمان الزاوي: نطمح إلى خلق فضاءات للتلاقح الفكري والمعرفي ،،، وسنعلن عن مفاجأة علمية جمعوية قريبا. الأستاذ هشام بن مختاري: ترجمة الكتاب نفس آخر له و فرصة اكبر للانتشار والوصول للقارئ فما مشاكل ترجمة الكتاب في الجزائر؟ الأستاذ عبد الرحمان الزاوي: مشاكل الكتاب في الجزائر عديدة ومتنوعة، يعاني منها كل من له علاقة بالكتاب، من المبدع إلى القارئ إلى دور النشر إلى التوزيع إلى الترجمة التي تعتبر مساحة أخرى يتنفس من خلالها المبدع الأول، إن اعتبرنا المترجم مبدعا ثان. أصدقكم القول أننا نحتل المراتب الأخيرة في ترجمة الكتاب ؟؟؟ على الرغم من أن الجزائري له حاسة سادسة تخص اللغات. الإشكال – أعتقد- يكمن في كيفية أخذ الأمور العلمية بجد وبالتخصص. الأستاذ هشام بن مختاري: أهم ما يكتب الباحث في أولى مراحل حياته العلمية هي مذكرة تخرجه بما تنصحون الطلبة الباحثين المقبلين علي إعداد مذكراتهم أو أطروحاتهم؟ الأستاذ عبد الرحمان الزاوي: المذكرة خطوة منهجية أولى في البحث، هي النافذة التي يطل منها الباحث على ميدان البحث العلمي أول مرة، فالطالب الباحث [المذكرة] لا يحاسب على المضمون بمثل محاسبة الباحث في الأطوار الأخرى، الدكتوراه... من خلال مشواري التعليمي كنت أركز أساسا على تعليم تقنيات البحث للمبتدئين من طلبة الماستر... أدعوهم أولا وأخيرا إلى القراءة بالمفهوم العلمي أولا... القراءة للبحث... القراءة لكتابة نص للآخر... الكتابة قصد الوصول إلى أهداف مرسومة مسبقا... البحث انطلاقا من فرضيات... أدعو طلبتي أن لا يستسهلوا أمر البحث خاصة في وجود الانترنيت الخداع. الأستاذ هشام بن مختاري: بمناسبة الانترنيت الخداع، ننتقل إلى عالمية البحث الترجمي ومعاييره الدولية، هل ترون أن المختص في الترجمة في الجزائر وصل إلى المستوى المطلوب وبالمعايير الدولية. الأستاذ عبد الرحمان الزاوي: نعم فالانترنيت خداع يسهل الوقوع في السرقات العلمية [البلاجيا].. أما بخصوص وصول المترجم الجزائري الى المستوى المطلوب بالمعايير الدولية فلا أعتقد ودون تعليق... الأستاذ هشام بن مختاري: هل ترون تخصصات الماستر و الدكتوراه الموجودة حاليا كافية وهل تغطي متطلبات سوق العمل و سوق الترجمة في الجزائر؟ الأستاذ عبد الرحمان الزاوي: أعتقد أنه يجب إعادة النظر في طرق التكوين أولا ؟؟؟ تعرف بأن سوناطراك يلزمها جيوشا من المترجمين؟؟؟ يبقى الإشكال كيف يمكننا أن نغير مفهوم التعليم في الجزائر؟ متى تستطيع الجامعة الجزائرية تكوين مترجمين على الطلب [أقصد أن نكون للشركات وأن تدفع هذه الشركات للجامعة وللطالب المتعاقد مع هذه الشركة] ويجد الطالب منصب عمله بمجرد تخرجه. متى نتعلم كيف نؤسس لقاعدة تعليمية حسب السوق؟؟؟ الأستاذ هشام بن مختاري: كلمة أخيرة و ختام مسك لهذا اللقاء الشيق معكم أرجو منكم التوجه إلى الباحثين في الترجمة ببعض النصائح التي تنير دربهم بوصفكم من أعلام الترجمة تنظيرا و ترجمة و تدريسا. الأستاذ عبد الرحمان الزاوي: شكرا لحوارك الراقي والهادف شكلا ومضمونا، فإدارة الحوار فن يتقنه المتمكنون والأكفاء فقط...بوركت أستاذ هشام صانع الاستثناء دائما في ميادين العلم والترجمة...فيما يخص توجيهاتي للباحثين : أدعوهم للتواضع أولا وأخيرا فمن تواضع لله رفعه...ومن سار على الدرب وصل ... البحث فعل مستمر، فلا يكتفي الباحث بالمحصول العلمي الذي يملكه، فواجب التجديد في مجتمع المعلومات الذي نعيش فيه. أدعوكم للعمل الجماعي، وهي الفكرة التي انطلقنا منها منذ وعينا البحث... أدعوكم جميعا ودون حواجز ولا عراقيل إلى الانضمام إلى عالم بيت الترجمة من أجل بناء بيت جزائري للترجمة. شكرا لبيت الترجمة و شكرا للنادي الأدبي.