تدعمت الهياكل الثقافية بولاية تلمسان، بمركز للدراسات الأندلسية، الذي يعد أحد أهم المشاريع الرئيسية الكبرى المعتمدة في برنامج هذه التظاهرة الهامة من قبل الدولة، بإعتبار أن هذا الصرح الجاري تشييده ببلدية المنصورة والمنتظر تسليمه في غضون الشهور القليلة المقبلة، سيعزز الموجود ويساهم في تفعيل الحراك الثقافي والنشاط العلمي على الصعيدين الوطني والإقليمي، لا سيما إذا علمنا أنه الأول مغاربيا والثالث عالميا، وهو ما يجعله يكتسي أهمية بالغة، إذ يعد مكسبا حقيقيا لبلادنا تجسد على أرض الواقع في تلمسان، بعدما رصدت له الدولة غلافا ماليا قدره 700 مليون دج. إعتمد في تشييد هذا الصرح الضخم، على المقاييس العالية والعالمية المعمول بها دوليا، وفق نمط معماري يعكس مدى قوة الحضارة الأندلسية والهندسة العربية الإسلامية الأصلية، وقد تم الحرص أثناء تصميمه وهندسته على أن يكون شبيها بقصر الحمراء الكائن بغرطانة، ويحمل بعض ملامح هذه التحفة المعمارية الساحرة، التي تعد أحد المعالم الإسلامية التي أبدع في تشييدها الأندلسيون، على مر الأزمنة والعصور، وهو ما جعل القائمين على تظاهرة »تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية« ينتهزون المناسبة ويغتنمون الفرصة لتجسيد هذا المشروع الطموح والمتمثل في إنجاز مركز للدراسات الأندلسية، ليكون على خطى قصر الحمراء، شاهدا على مرحلة البناء والتشييد، التي تعيش بلادنا على وقعها منذ عقدين، وحتى تترك التظاهرة بصماتها راسخة على أرض عاصمة الزيانيين، من خلال ما تجسد وما سينجز من مشاريع، التي تضمنها برنامج هذا الحدث الثقافي المميز. يتربع المركز على مساحة معتبرة بمنطقة إمامة، تقدر ب 6000 م2، كما يتميز بموقع إستراتيجي هام، بإعتبار أنه شيد بمحاذاة قصر الثقافة ويطل على معظم المعالم التاريخية التي تزخر بها بلدية المنصورة، لا سيما منارتها المشهورة الصامدة في وجه الزمن، فضاء شاسع وفسيح وغاية في السحر والجمال، مقسم الى أربعة أجنحة، حيث سيخصص الجناح الأول للجانب البيداغوجي الذي يضم بدوره 6 قاعات وعدد مماثل من الورشات، في حين يتألف الجناح الثاني المخصص للبحث، من مكتبة كبيرة ومركز للتوثيق وقاعة للأنترنت، ويعنى الجناح الثالث بالخدمات العامة إذ يتكون من قسم إداري ومرافق هامة ومقهى، أما الجناح الرابع فسيخصص للإيواء، وهو مدعم ب 13 ملحقة لإستقبال الطلبة والباحثين والضيوف، كما يتوفر مركز الدراسات الأندلسية أيضا، على عدة ساحات وشرفات ولأنه أنجز وفق النمط الأندلسي الأصيل، فهو يرتكز أساسا على الأقواس و»الردهة«، أو ما يعرف بالبهو، الموجود بكثرة في هذا الصرح، فلكل بهو خصوصيته التي تميزه عن الآخر، فهناك بهو »المعرفة« المتواجد بالجناح البيداغوجي، وبهو رئيسي يتوسط المركز أطلق عليه إسم »ردهة الغزلان« ويتميز بنافورة جميلة، زادت من سحر وجمال المكان، الذي يعتمد على الزخرفة الإسلامية، والخط العربي الأصيل والنقوش الجميلة والرخام الخالص، والبلاط المزركش بأجمل وأبهى الألوان التي أضفت على الصرح حاذبية أخاذة. ينتظر لدى دخول مركز الدراسات الأندلسية بإمامة حيّز العمل والخدمة، أن يكون منارة وهاجة للعلم والمعرفة، ومركز إشعاع ثقافي لا يضاهي، وقطبا يؤمه الطلبة والباحثون على حد سواء من مختلف أرجاء الوطن، ومن كل الأصقاع والبقاع، طلبا للعلم، وطمعا في إنجاز أبحاث معمقة في شتى العلوم والتخصصات، لا سيما الفلسفة، والتاريخ والرياضيات والأدب والشعر والفن التشكيلي والتصويري والخط والموسيقى، وكل الدراسات ذات الصلة بالتراث الأندلسي والحوار بين الحضارات والثقافات، التي ستجعل من هذا المركز قبلة للباحثين والدارسين والطلبة لا محال ولتلاقح وتبادل الأفكار والخبرات، من خلال الملتقيات والتظاهرات الفكرية والعلمية والثقافية، التي سيحتضنها مستقبلا.