تحتضن مدرسة الجمارك بولاية باتنة ” الشهيد العقيد محمد العموري ” غدا الأربعاء تخرج الدفعة ال 15 لأعوان الرقابة، تحت إشراف السيد فاروق باحميد، المدير العام للجمارك، حيث تضم هذه الدفعة 264 طالبا بينهم 28 طالبة، ليكون عدد المتخرجين من المدرسة 3097 عون رقابة منذ إنشائها في سنة 1994 بالإضافة إلى قيام المدرسة بتنظيم دورات تكوينية متخصصة لأعوان وضباط عاملين بمختلف المديريات الجهورية للجمارك. وللإشارة، فإن هذه الدفعة سوف تحمل اسم المجاهد الراحل المدير العام الأسبق للجمارك ” الرائد بن عيسى محمد ” تخليدا لروحه الطاهرة وهو الذي وافته المنية يوم 24/12/2018 ، كما يعتبر الراحل من أبرز مجاهدي الثورة التحريرية حيث تقلد خلال مسيرته عدة مناصب سامية نذكر منها : قائد أركان الناحية العسكرية الثالثة، المدير العام للحماية المدنية، المدير العام للجمارك ( 1966 – 1971 ). وللعلم، فإن المدرسة تتربع على مساحة قدرها 04 هكتار وبطاقة استيعاب 400 مقعد بيداغوجي، كما تحتوي على عدة ملاحق بيداغوجية ورياضية تضمن السير الحسن لعملية التكوين الجمركي حيث تراهن إدارة الجمارك الجزائرية على جودة ونوعية التكوين وتثمين الموارد البشرية من أجل حماية الاقتصاد الوطني والتصدي للتهريب لمختلف أشكاله . وقد تابع طلبة الدفعة طيلة العام الدراسي ( 12 شهرا ) تكوينا متخصصا بداية من التكوين القاعدي المشترك ( التكوين شبه العسكري ) يشمل كيفيات استعمال مختلف الأسلحة، الطبوغرافيا والإغاثة. أما فيما يتعلق بالتكوين النظري فقد استفاد الطلبة من دروس في مجال التشريع الجمركي، المنازعات ومكافحة التهريب تم تقديمها من طرف إطارات جمركية وجامعية، إضافة إلى محاضرات في مجال مكافحة الغش والتقليد، حماية الثروة النباتية والحيوانية، حماية التراث الثقافي و تاريخ ثورة التحرير، وتم تخصيص جانب من التكوين في التدريب الميداني والتطبيقي الذي اختتم بإجراء الطلبة لفترة تربصية لمدة 03 أشهر بمختلف مصالح الجمارك الخارجية على مستوى التراب الوطني. وتجدر الإشارة إلى أن هذه الدفعة تم تخصيصها لشباب الجنوب الجزائري تنفيذا لسياسة الدولة الجزائرية الرامية إلى الاهتمام بالجنوب الجزائري من خلال تعزيز تواجد أكبر عدد من أعوان الجمارك والالتزام الثابت بمهام مكافحة الإرهاب، الجريمة المنظمة العابرة للحدود والتهريب بمختلف أشكاله وذلك بالتنسيق مع وحدات الجيش الوطني الشعبي ومختلف الأسلاك الأمنية. وعلى هامش هذا الحفل، سيقوم السيد فاروق باحميد، المدير العام للجمارك بتدشين واجهة مدخل المدرسة المكتوبة باللغة العربية والأمازيغية إحياء للذكرى الأولى لترسيم اللغة الأمازيغية من قبل فخامة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة. كما سيقوم بتفقد ظروف عمل مختلف مصالح مفتشية أقسام الجمارك بباتنة ولقاء إطاراتها وأعوانها.
… نبذة تاريخية عن المجاهد الراحل الرائد بن عيسى محمد المدعو محمد بن محمد من مواليد 24 افريل 1931 بالبليدة، تلقى دراسته الابتدائية والثانوية بمسقط رأسه، وعند وفاة والده، ونظرا للظروف المعيشية الصعبة، اضطر الى مغادرة مقاعد الدراسة والالتحاق بالحياة المهنية، وهذا للتكفل بعائلته وهو في سن الثالثة عشر. إلتحق محمد بن عيسى، المدعو محمد بن محمد، بصفوف الثورة التحريرية المجيدة في عز شبابه، ابتداءا من سنة 1955، وهو في سن الرابعة والعشرين، أين كلف من طرف منظمة جيش التحرير الوطني بالبليدة، تحت قيادة مصطفى البليدي، بتزويدها بالذخيرة وبالمعلومات المتعلقة بالجيش الاستعماري، حيث كان أنذاك ضابطا بالجيش الإستعماري المستبد. بعد نهاية المهمة، وتنفيذا لأوامر المنظمة، أواخر أفريل 1958 ، فر محمد بن عيسى مع مجموعة من الضباط الذين كانوا مشبعين بالروح الوطنية والثورية وكانت قلوبهم ووجدانهم مع أبناء الوطن، للإلتحاق بالحدود التونسية تحت لواء جيش الحدود، أين كلف شخصيا، ونظرا لخبرته العسكرية، بتكوين المجاهدين الجنود فيما يخص إستعمال الأسلحة وتقنيات حرب العصابات ضد المستعمر الغاشم. في افريل 1960، وقصد تزويد الثورة المظفرة بالأسلحة والمعدات، دخل محمد بن عيسى الى التراب الوطني بعد تجاوزه لخط موريس، متحديا سياج الموت المكهرب، ومرفوقا برفاق الدرب كل من الرواد محمد بن شريف، الطاهر زبيري، الحاج عبد المجيد عبد الصمد وعلي سوايعي ومجموعة من الثوار، كلهم عزيمة وإرادة ورغم القصف المكثف لمدفعية العدو الظالم، اضافة لألاف الألغام المزوعة بالحدود، وكل أشكال التضييق المفروضة على الجبهة، إلا أن الغلبة والنصر كانا للأبطال الأشاوس وبأقل الإمكانيات. بعد ذلك إلتحق محمد بن عيسى بالولاية الرابعة رفقة مجموعة من الأبطال، أمثال سليمان دهيليس والعقيد محمد بوقرة وغيرهم، وذلك لمواصلة مسيرة الكفاح والنضال لنيل الحرية والإستقلال. في أواخر سنة 1960 ، وفي معركة طاحنة مع العدو بولاية عنابة والتي إستعمل فيها الجيش الإستعماري الغاصب الطائرات والمدفعية الثقيلة، تم إعتقال المجاهد البطل محمد بن عيسى إثر تبادل مكثف لإطلاق النار، بعدما أصيب على مستوى الكتف والجنب وسجن ، وتم وضعه داخل قبو مظلم ، تلقى فيه كل أنواع وأساليب التعذيب المنتهجة من المستعمر الهمجي. وبعد كل هذه التضحيات الجسام ، ونضال طويل قدم فيه الشعب الجزائري النفس والنفيس ، حاز فيه وطننا المفدى على إستقلاله ، كلف محمد بن عيسى إلى جانب العقيد محمد بن الشريف، بإنشاء أول سلك لقوات الدرك الوطني للجزائر المستقلة، أين عين في أوت 1962 قائدا لأركان الدرك الوطني . ونظرا لحنكته وصرامته في تسيير مؤسسات الدولة، عين من طرف الرئيس الراحل هواري بومدين على رأس الجمارك الجزائرية سنة 1966، أين وضع بصمته على هذا القطاع من خلال إنشاء المديرية الوطنية للجمارك، وإعادة هيكلتها، لتعزيز مصالح مكافحة كافة الجرائم الإقتصادية والجمركية إلى غاية سنة 1971 . شهدت سنة 1972 عودة الرائد محمد بن عيسى المدعو محمد بن محمد إلى صفوف الجيش الوطني الشعبي، سليل جيش التحرير الوطني، أين لبى مرة أخرى نداء الوطن، فتم تعيينه قائدا لأركان الناحية العسكرية الثالثة ببشار، و ذلك بمهمة الحفاظ على سلامة التراب الوطني وحماية حدوده. وفي سنة 1974، وفي إطار صقل الخبرات العسكرية لضباط الجيش الوطني الشعبي، تلقى تكوينا عسكريا لمدة سنتين بالخارج في تخصص الأسلحة، أين تخرج الأول في دفعته . وعند رجوعه إلى أرض الوطن أسندت له قيادة أركان الناحية العسكرية الرابعة من 1977 إلى غاية 1979 . ونظرا لخبرته وتضحياته ، رأت فيه السلطات العليا للبلاد آنذاك، الرجل المناسب لتسيير الكارثة الطبيعية التي ألمت بوطننا ، والمتمثلة في زلزال منطقة الاصنام سنة 1980، الذي خلف الاف الضحايا، أين لبى محمد بن محمد نداء الوطن من خلال اشرافه على المديرية العامة للحماية المدنية. إلتحق المجاهد الرائد محمد بن محمد بالرفيق الأعلى يوم 24 ديسمبر2018 ، مخلفا وراءه سجلا حافلا ملؤه الكفاح والتضحيات الجسام قبل الاستقلال ، ومشوارا خالدا ملؤه النضال، والعطاء من اجل البناء بعد الاستقلال. وتخليدا لروحه الطاهرة، وبعد موافقة السيد باحميد فاروق، المدير العام للجمارك، سميت الدفعة الخامسة عشر بإسمه. مصداقا لقوله تعالى، “مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَ مِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَ مَا بَدَّلُوا تَبْدِيلً”، وقوله “يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي”.