تحتضن اليوم جامعة سكيكدة ندوة تاريخية احتفالا باليوم الوطني للشهيد، و هي الندوة التي من شأنها مناقشة محورين، يدور الأول حول رسالة الشهيد في تعزيز الوحدة الوطنية، و يتناول الثاني مسألة جدلية الحبر الدم في الأدب الجزائري أو ظاهرة الأدباء الشهداء، ويأتي الملتقى حسب منظمه إلى تحديد مفاهيم العلاقة بين الحبر والدم التي ترتقي إلى أرقى مستويات العلاقة بين الأدب والثورة ، وهو مستوى الالتزام المطلق الذي يبديه الأديب تجاه الفعل الثوري الذي يؤمن به ، بحيث يمتزج لديه – الأديب – فعل المقاومة بواسطة سلاح الكتابة أي الحبر مع فعل المقاومة بواسطة سلاح البندقية و الرصاص أي الدم، فيكون الأديب على استعداد تام ليفدي قضيته بما يبذله من حبر الكلمات وما يضحي به من دم الجسد إلى درجة التضحية بالنفس و الروح أي الموت والاستشهاد . وما لأوضحته ديباجة الملتقى ان في تاريخ الثورة الجزائرية عدة نماذج لأدباء تجسدت في سيرتهم مسألة الالتزام المطلق بالثورة التحريرية، حيث إن هؤلاء الأدباء آمنوا بتحرير الوطن وانخرطوا في الثورة، فقاوموا الاستعمار الفرنسي بحبرهم ودمهم حتى استشهدوا في ميدان الشرف مثل الشهداء أحمد رضا حوحو والربيع بوشامة والأمين العمودي و الحبيب بناسي ومولود فرعون وعبد الكريم العقون والعربي التبسي وغيرهم من الكتاب والأدباء الجزائريين شهداء الحرية والاستقلال . والحقيقة فإن الأدب والثورة يلتقيان في الغاية وهي التغيير ويختلفان في الوسيلة، حيث إن الأدب ينشد التغيير بواسطة الكلمة، في حين أن الثورة تبتغي التغيير بواسطة الرصاصة، ومع أن الأدب يجنح للتغيير السلمي وأن الثورة تقتضي التغيير العنيف، إلا أن الدارسين يجمعون على أهمية الأدب كقوة سلمية في تحريك عجلة التغيير الثوري، حتى أن الثورة الجزائرية ذاتها قد احتاجت قبل أن تندلع في أول نوفمبر 1954 إلى الطاقات الثقافية والأدبية في التحريض عليها والدعوة إلى اندلاعها والتبشير بمبادئها وتطلعاتها في تحقيق الحرية والاستقلال ، وفي هذا المستوى يمكنننا أن نتحدث عن الأدب الذي يسبق الثورة و يخلقها حتى إذا ما اندلعت و انتشرت فإنها هي التي تخلق أدبها أي ذلك الأدب الذي يسايرها و يتفاعل معها و يصورها و يعكس وقائعها و يعبر عنها فيكون صوتها الجميل على غرار ما نجده في أشعار مفدي زكريا و نصوص كاتب ياسين و مالك حداد ، إنه مستوى الأدب الذي يسير مع الثورة ويلتحم بها حتى إذا ما تحرر الوطن و تحقق الاستقلال وجدنا إشعاع الثورة يظل مستمرا في الإبداعات الأدبية، حيث إن الثورة الجزائرية ما زالت إلى اليوم حاضرة في مختلف الكتابات الأدبية لدى جيل الاستقلال و ما بعده ، إنه ذلك الأدب الثوري الذي يأتي بعد انقضاء الثورة . ومن المحاور التي يعالجها الملتقى وتتعلق بأربع مستويات لعلاقة الأدب بالثورة و هي “مستوى الأدب الذي يسبق الثورة و يخلقها”، “مستوى الأدب الذي يسير مع الثورة و يلتحم بها”، ” مستوى الأدب الذي يعبر عن الثورة بعد انقضائها”، “مستوى جدلية الحبر و الدم”.