قبل عام، انطلق الأستاذ المحامي حسن عبادي بمبادرته الذاتية في زيارة سجون الاحتلال والالتقاء بعدد من الأسرى لا سيما المثقفين منهم وذوي الإنتاج الثقافي الأدبي، حيث دأب على زيارة هؤلاء الأسرى تطوعا أكثر من مرة ومن بينهم كاتب هذه السطور. والأستاذ حسن عبادي ابن مدينة حيفا المثقف الذي لا يعرف الكلل والملل، كان ينشط قبل هذه المبادرة في الكتابة عن الأسرى وإنتاجاتهم الأدبية، وإجراء اللقاءات والمقابلات الصحافية والإذاعية والتلفزيونية، فضلاً عن المشاركة في الفعاليات الثقافية في مختلف ساحات الوطن وفي الخارج، مكرسا جل جهوده في خدمة وإغناء الحياة الثقافية الفلسطينية لا سيما أدب السجون، كما أنه حرص على زيارة ذوي الأسرى الذي كان يزورهم في السجون والكتابة عن كل لقاء أو زيارة للأسير أو ذويه. وقد ولد من رحم هذه المبادرة، مبادرة أخرى لا تقل أهمية عنها، وهي قيام الأستاذ حسن يإطلاق حملة ( لكل أسير كتاب) حيث تحمل وحده أعباء هذه الحملة، في جمع الكتب والإصدارات بالمئات وإيصالها إلى بيوت الأسرى، ليتمكن ذويهم من إدخالها لأبنائهم في السجون. ومع أن السجون تعج بالآلاف من الكتب والإصدارات، إلا أن ما يميز هذه الحملة أنها أولاً جاءت بمبادرة وبمجهود فردي، وأنها ثانياً أتاحت لنا كأسرى الإطلاع على إصدارات لأدباء ومثقفين وروائيين وشعراء فلسطينيين، بعضهم لم يكن معروفاً لنا من قبل، والبعض الآخر لم يصلنا إصداراتهم التي كنا نسمع عنها. أما ثالثاً فإن هذه المبادرة سمحت لنا بالكتابة عن بعض هذه الإصدارات الأمر الذي أدى إلى إثراء النشاط الثقافي، وتفاعل الساحة الاعتقالية مع مختلف الأنشطة والفعاليات الأدبية والثقافية. وإذا كان لابد من كلمة، فيتعين علينا في البداية أن نشكر الأستاذ حسن على هذه المبادرة الأصيلة، والشكر أيضاً موصول لكافة مثقفي وأدباء وشعراء فلسطين الذين استجابوا لهذه الحملة وأمدونا بالمئات من هذه الإصدارات. فمثل هذه المبادرة يفتح ثغرة ولو صغيرة في جدار الأسر السميك، ويسمح بتسرب القليل من نور الحرية ليضيء عتمة الزنازين الثقيلة، ولا يسعنا إلا أن نبارك مثل هذه الأنشطة ونشد على أيدي الكثيرين من أبناء شعبنا على شاكلة الأستاذ حسن، ممن يكرسون الكثير من وقتهم في خدمة قضايا الأسرى، ويعبرون عن هذا الانتماء بالمزيد من العطاء والفعل المثابر من دون أن يلتفتوا إلى نيل أي مقابل.