استضافت مكتبة المطالعة العمومية "جمال الدين بن سعد" في ندوتها الثالثة مجموعة من الأدباء والشعراء لمناقشة موضوعها الذي أعلنت عنه سابقا "الجامعة والحراك الأدبي في الجلفة، الواقع والرهانات"، حيث نشط هذا اللقاء مجموعة من المبدعين وأساتذة جامعة الجلفة، في محاولة لإلقاء الضوء على مجموعة الأسئلة التي بقيت عالقة بين نشاطات الجامعة من جهة والحركة الأدبية والفكرية من جهة أخرى، وقد كانت مداخلة الدكتور الطيب بلعدل تتمحور حول هذه القطيعة، في تحليل تفصيلي لأسباب التدهور الذي لمس النشاط الثقافي والفكري في الجامعة، مؤكدا أن انحطاط الجامعة الجزائرية هو مؤشر واضح لانحطاط الدولة، وقال إن ظاهرة المبدع الجيد في ظل هذا الانحطاط لا يفسرها إلا الجهد الفردي الخالص لوجه الكتابة والمعرفة مستشهدا بمقطع للشاعر حسن طلب حين قال "فمثلما قد نجد الصبّار في الصحراء ينمو/ كذلك قد ينهض الفرد ويسموبينما الدولة تنحطّ.."، كما أكد أن حجم التراجع المفجع الذي تشهده الجامعة، يعكس حجم خيانة الضمير، وخيانة الشهيد الذي اعتقد أنه مات من أن أجل أن نحيا، مبينا أن غياب المعايير الصارمة في التعليم والإبداع أنتج ركاما من الزيف الأكاديمي والأدبي وزاد إلى لصوص الدين والسياسة لصوص الثقافة. بينما تحدث الدكتور الشاعر بشير ضيف الله عن أسفه العميق من استمرار الجامعة في تجاهل النخب المثقفة والمبدعة وأرجع ذلك إلى أمراض الحسد والأنانية وانعدام البصيرة متمثلا مقولة عبد الفتاح أبو غدة "دخلت الجامعة جاهلا بسيطا فخرجت منها جاهلا مغرورا"، وأضاف الشاعر بشير ضيف الله في مداخلته أنه يجب توطيد الصلة بين الجامعة والساحة الثقافية، أو بالأحرى بين الجامعة والمبدع، وقال إنه من واجب الجامعة (كلية الآداب واللغات والفنون) أن تراعي الزخم الإبداعي الموجود في ولاية الجلفة، حيث يجب أن يحظى بالدراسة الشافية والوافية، فالكثير من الطلبة في قسم الأدب تغيب عنهم شخصيات أدبية هامة في الولاية، كما أن هناك من الشخصيات الأدبية في الجلفة من يقفون بالموازاة مع الأسماء الوطنية، وقدّم دراسة إحصائية لكثير من الأسماء الأدبية في ولاية الجلفة خاصة تلك التي صدرت لها أعمال مؤخرا وقال إن هذه الأعمال لشخصيات مبدعة من ولاية الجلفة تتجاوز 100 اسم إبداعي له إصدارات متنوعة في مجال الأدب، من الشعر الفصيح والملحون والرواية والقصة والكتب النقدية والتاريخية وغير ذلك. وخلال هذا اللقاء الذي توغل في توطيد العلاقة بين الجامعة والمثقف والمبدع خارجها، وعلى هامش الندوة قدم بعض شعراء الولاية قراءت شعرية استمتع بها الحضور كثيرا مع تقاسيم للعود من أداء الفنان ملاك مصطفى، ودعوا إلى استمرار هذه النشاطات "الواقعية" التي تطرح الأسئلة الحقيقية والقريبة من الجامعي والمثقف والقريبة جدا من الوعي الثقافي الذي يحتاجه مجتمع ولاية الجلفة الذي يزخر بنخب ثقافيةهامة تهتم فعليا بعملية التواصل الثقافي الجاد، وقد شكر الحضور مجهودات مكتبة المطالعة الرئيسية وعلى رأسها السيد عبد الكريم صخري الذي كان جد سعيد بهذا اللقاء مستبشرا في الفئة الثقافية والعلمية خيرا كثيرا من أجل مواصلة واستمرار هذه الندوات.