بالتزامن مع اتصال هاتفي جرى بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وأمين عام حلف شمال الأطلسي (الناتو) ينس ستولتنبرغ، أصدر الأخير تصريحات متتالية عن استعداد الحلف لدعم حكومة الوفاق الليبية "الشرعية"، وبينما تحدثت العديد من الصحف الغربية والتقارير الأممية عن خطر انتشار مليشيات فاغنر الروسية في ليبيا، حذر السفير الأمريكي في ليبيا من مخاطر التمدد الروسي هناك. هذه المواقف والتطورات المتلاحقة والتي تزامنت مع الانتصارات العسكرية الكبيرة التي حققتها حكومة الوفاق في الأسابيع الأخيرة ضد مليشيات خليفة حفتر المدعومة من روسيا، أثارت الكثير من التكهنات حول مدى نجاح تركيا في إقناع الحلف والإدارة الأمريكية بشكل خاص بضرورة التعاون في دعم حكومة الوفاق لضمان عدم سقوط ليبيا في يد روسيا. ورغم وجود انقسامات في الموقف الغربي من الأزمة الليبية، لا سيما وجود دول تتزعمها فرنسا تدعم حفتر سياسياً وعسكرياً من أجل السيطرة على طرابلس وذلك انطلاقاً من مصالح سياسية واقتصادية، إلا أن التطورات الأخيرة تشير إلى أن قيادة الحلف بدأت بالتعامل مع ملف الأزمة الليبية بشكل أكثر جدية وتنطلق في ذلك من مبادئ الحلف الأساسية القائمة على الحد من النفوذ الروسي ووقف تمدده في المنطقة. كما أن الموقف الأمريكي والذي يعتبر الأهم داخل الحلف، بدأ يتوضح تدريجياً بعدما كان غامضاً لفترة طويلة، حيث كانت أنقرة تعتقد منذ فترة طويلة أن تدخلها العسكري في ليبيا يحظى برضى أمريكي ضمني وذلك من أجل رفع تكلفة الدعم الروسي لحفتر وتصعيب مهمة موسكو في حسم المعركة عسكرياً لصالحه، لكن واشنطن كانت ترفض الإفصاح عن ذلك علناً لا سيما وأنها غير ممتنة كثيراً لأن يتعاظم النفوذ التركي في المنطقة في حال نجحت أنقرة في حسم المعركة لصالح السراج، في تدخل حساس بالموقف الأمريكي جعل المشهد أكثر تعقيداً. ورغم مواقف أمين عام الناتو والسفير الأمريكي والموقف الإيطالي الداعم للسراج بقوة، إلا أن الانقسامات الأوروبية والغربية المكون الأوسع داخل حلف الناتو تعيق أي توافق داخل أطر الحلف لدعم حكومة السراج بشكل كامل، بحسب التقديرات التركية التي تعتقد بإمكانية الحصول على بعض الدعم يساعد أنقرة في استمرار دعمها للوفاق لكي تحقق مزيدا من الانتصارات ضد مليشيات حفتر وداعميه.