تعمل إدارة الجمارك على إعادة هيكلة المنظومة الجمركية قصد التوصل لمقاربة متكاملة تشمل كل جوانبها وعلى تعزيز آليات اخلاقيات المهنة إلى جانب تحديث وتحيين التدابير الجمركية بما يتوافق مع توصيات السلطات العمومية تنفيذا للمخط الاقتصادي الجديد. وفي هذا الإطار، يجري العمل على مراجعة قانون الجمارك استجابة للتوجهات الاقتصادية الجديدة وأخذا بعين الاعتبار لمشروع رقمنة ادارة الجمارك إذ يستدعي تجسيد ذلك إعادة النظر لبعض التدابير الواردة فيه، حسبما أفادت به لوكالة الأنباء الجزائرية المديرية العامة للجمارك. كما ترمي مراجعة هذا القانون إلى مرافقة افضل للمتعاملين الاقتصاديين في مجال صناعة المحروقات والموارد المنجمية بالاستفادة من اتفاقية "كيوتو" بشكل يحفزهم على توليد القيمة المضافة. وفضلا عن ذلك سيجري تعزيز اليات الرقابة والاستهداف وتوسيع صلاحيات الجمارك وحماية الاعوان لاسيما خلال عمليات التدخل. وفي هذا السياق، ستسمح هذه المراجعة "للجمركي بممارسة صلاحيته كاملة غير منقوصة بما يمكنه من صنع الفارق في مجال حماية الاقتصاد الوطني، على غرار ما يتم في باقي دول العالم" يضيف نفس المصدر. ويشارك في هذه الورشة الاطارات المركزية والجهوية والمحلية للجمارك إلى جانب الشركاء والمتدخلين المعنيين وذلك من اجل بلوغ اعلى مستويات النجاعة. كما أعلنت المديرة عن الانتهاء من إعداد مشروع مراجعة القانون الاساسي لمنتسبي الجمارك والاسلاك الشبيهة إضافة إلى الهيكل التنظيمي الجديد لمصالحها واللذان رفعا إلى وزارة المالية باعتبارها الجهة الوصية بغرض دراستها. ويتضمن هذا النص الجديد "مراجعة شاملة" للتدابير الواردة في القانون الاساسي والتي تكفل حقوقا والتزامات وواجبات لضباط واعوان الجمارك بغرض "تحسين مناخ ممارسة مهامهم السيادية وتوفير ظروف معيشية أفضل تكفل تحقيق الاهداف والمهام الحساسة لهذا الجهاز" كما يشمل هذا المشروع تدابير جديدة من شأنها تعزيز اليات اخلاقيات المهنة الجمركية. وتأتي هذه الورشات القانونية بالموازاة مع إنجاز مشروع النظام المعلوماتي الجديد بالشراكة مع الجمارك الكورية، والذي بلغ مراحل "متقدمة"، لاسيما فيما يخض الشباك الجمركي الموحد. ويتضمن النظام المعلوماتي الجديد عدة عناصر تتكفل بجمركة البضائع ابتداء من عملية الشحن إلى الرفع، التحصيل الجمركي والاعفاءات، تسيير الملفات المنازعاتية وتطورها، تسيير المخاطر والاستعلام الجمركي، الاحصائيات والاستشراف، تبسيط الاجراءات الادارية إضافة إلى رقمنة تسيير الموارد البشرية. ويسمح هذا النظام بتسيير العمليات عن بعد وتقليص اجالها ومدتها فضلا عن ضمان شفافيتها وفعالية عمليات الرقابة القبلية والرئيسية والبعدية، وهو ما يسمح بزيادة فعالية جهاز الجمارك في التصدي للجرائم الاقتصادية وعلى رأسها تضخيم الفواتير التي يتعين مضاعفة الجهود لاستئصالها كليا. وفي هذا الصدد، تظهر حصيلة للمديرية العامة أن قيمة تضخيم الفواتير التي تم معاينتها من طرف مصالح الجمارك خلال الاشهر التسعة الأولى للعام الجاري بلغت 8.7 مليار دج. وتأتي هذه الحصيلة "نتيجة للتطبيق الميداني لمقاربة جديدة في مجال تسيير المخاطر والتي سمحت بطريقة مباشرة بتقليص فاتورة الاستيراد"، تؤكد مصالح الجمارك التي تتوقع ان تتعزز هذه المقاربة أكثر بعد الشروع في تطبيق ألية "الدفع لأجل" والتي أقرها مشروع قانون المالية 2021 . و تهدف هذه الالية الى مراقبة افضل لتحويل رؤوس الاموال الى الخارج من خلال تحديد مدة زمنية دنيا (30 يوم) للتحويل الفعلي للمبالغ المستحقة للموردين وهو ما يمكن ادارة الجمارك من التحقق من القيمة المصرح بها قبل تحويل مبلغ الفواتير بالعملة الصعبة من طرف البنوك. وسيدخل هذا الاجراء حيز التنفيذ فور صدور النص التطبيقي الخاص به والذي يوجد حاليا طور الاعداد. كما أشارت المديرية العامة إلى مساهمة ادارة الجمارك في الرفع من مقدرة وجاهزية الاعوان التابعين للهياكل الاخرى المؤهلة بمعاينة المخالفات، وذلك من خلال تنظيمها لدورات تكوينية تسمح بمشاركة خبرتها. ..زيادة النجاعة في التحصيل الجمركي من جهة أخرى سجلت إدارة الجمارك ارتفاعا في نجاعة تحصيلها للحقوق الجمركية حيث أنه في الوقت الذي عرف فيها الوعاء الضريبي الخاص بالاستيراد خلال الاشهر العشر الأولى انخفاضا ب20 بالمائة مقارنة بنفس الفترة، سجل التحصيل الجمركي انخفاضا طفيفا ب4.1 بالمائة. ووفقا لنفس المصدر، بلغت التحصيلات الجمركية في الفترة بين يناير واكتوبر 844.63 مليار دج في حين أن فاتورة الواردات تراجعت في هذه الفترة بأكثر من 7 ملايير دولار. ويشير ذلك بوضوح إلى مستويات النجاعة "غير المسبوقة" التي حققتها الادارة الجمركية، وهو ما يؤكده ايضا مستوى تنفيذ توقعات قانون المالية الاولي لعام 2020 (والذي سطر أهدافه قبل بدأ جائحة كورونا) حيث تمكن من بلوغ 95.44 بالمائة بالنسبة للحقوق والرسوم الجمركية و84.71 بالمائة بالنسبة للرسم على القيمة المضافة، قبل شهرين من انتهاء العام. وفيما يخص دور الجمارك في انجاح منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقي بعد دخولها حيز التنفيذ مطلع العام الجاري، أكدت المديرية العامة أن الادارة الجمركية "مجندة" لرفع هذا التحدي بالاستعانة بالخبرة الكبيرة التي اكتسبتها في مجال اتفاقيات الشراكة والمناطق الحرة. وأضافت بأنها ستعمل على مرافقة المتعاملين الاقتصاديين بفعالية من خلال ادوات قانونية وتنظيمية تمكنهم من ولوج الاسواق الافريقية بكل اريحية من خلال منح امتيازات وتسهيلات جمركية حيث يمكن للمصدرين على سبيل المثال الاستفادة من تعويض حقوق ورسوم الجمركة الخاصة بالمواد المستخدمة في انتاج بضائع موجهة للتصدير.