أعلنت كلية العلوم والاتصال بجامعة الجزائر 3 عن فتح أبواب المشاركة في الملتقى الوطني الأول حول "الثورة التحريرية في السينما الجزائرية، بين حقيقة الواقع وتجليات المتخيل"، المزمع عقده افتراضيا يوم 27 فيفري الجاري، والذي تنظمه بالتنسيق مع فرقة البحث الجامعي. يحاول منظمو الملتقى تقديم مقاربة الأفلام التي تناولت الثورة التحريرية والذاكرة، وتحليلها وتأويلها لفهم آليات اشتغالها، ومعرفة مختلف القضايا والأحداث والأفكار الثورية التي تناولتها، ومساءلة الصورة الفيلمية والبحث في تفاصيل هذا التمثيل بتحديد الإحالات المرجعية والدلالية، والصيغ التعبيرية الرمزية، التي تساعد على فهم آليات التعامل مع الذاكرة. وينطلق الملتقى من الرؤية التي يتبنّاها منظرون ونقّاد، بأن الخطاب السينمائي بإمكانه المحافظة على الذاكرة بكل مكوناتها عبر الأزمنة، ما يجعله أحد أهم أشكال التعبير لإنتاج التمثلات ومختلف الموضوعات التي تسمح بالحديث عن الذاكرة على حدّ تعبير جون لوك غودار، باعتبار أنّه يتشكّل من بنيات تعبيرية وتمثيلية تحيل وتشير إلى الواقع الموضوعي أو إلى رمزيته، أو باعتباره وقائع تمثيلية تمّ إعادة إنتاجها بأساليب فنية ورمزية، تختزن في نفس الوقت الكثير من الخصوصيات التعبيرية القائمة على الاشتغال التمثيلي والبناء الخطابي، الذي يتعدى أساسا التمثيل والتعبير المباشر، وانطلاقا من هذه القاعدة الأساسية، تشير ديباجة الملتقى يمكن أيضا النظر إلى السينما على أنها فن ووسيلة تعبير تقوم بإعادة إنتاج وخلق عناصر تمثيلية جديدة للذاكرة الثورية، وتمتد لتشمل مختلف المجالات المعرفية والجمالية والإيديولوجية والفنية المساهمة في إدراك وفهم ونقد ديناميكية الواقع التاريخي، بفضل الذاكرة المرئية والسمعية للفيلم. من جهتها، عرفت السينما الجزائرية إنتاجا من الأفلام وصفه منظّمو الملتقى بالمعتبر، أفلام حاولت إعادة تمثيل وسرد أحداث مرتبطة بالثورة التحريرية، وإعادة بعث الذاكرة الجماعية، خاصة المتعلقة بالرموز التاريخية وأبطال معركة التحرير، كما برز جيل جديد من المخرجين الجزائريين الذين تطرّقوا لهذه القيمة من زوايا متباينة، سواء بإعادة تمثيل بعض الوقائع التاريخية وإعادة إنتاجها بصريا بسرد صور مختلفة للذات الجزائرية، وعلاقتها بالأحداث التاريخية، أو بنقل مواقف وتصورات هؤلاء المخرجين المعاصرين من بعض الأحداث ذات العلاقة بالثورة، بتوظيف اللغة السينمائية، كاللقطات وجمالية الألوان وتعبيرية الإضاءة والفضاءات والموسيقى والتمثيل الرمزي وإعادة الاعتبار للصورة السينمائية التي تتعدى الوصف والنقل والتمثيل لتفتح مجال التعبير عن الخطابات الواسعة وحتى المتناقضة لمختلف أشكال النضال والمقاومة. ولمعالجة هذا الموضوع، حدّد القائمون على الملتقى سبعة محاور، أولها الإحاطة بمجموعة من المفاهيم والمعطيات النظرية التي تخصّ مواضيع الذاكرة التاريخية والسينما، كالسينما الثورية، الفيلم الثوري، المتخيل والواقعية في السينما، أما المحور الثاني فيشمل طرح مختلف المقاربات والمساهمات النوعية التي اهتمت بمجال تحليل الخطاب السينمائي، مع التركيز على دور المتخيل ورؤية المبدع الإيديولوجية في إعادة إنتاج ذاكرة الحروب والثورة في الخطاب السينمائي. فيما يتطرّق المحور الثالث إلى تجليات العناصر الفنية والإبداعية والتشكيلات الخطابية في الفيلم الثوري الجزائري المعاصر، وآليات تمثيلها وسردها للأحداث والوقائع مقارنة بالأفلام المنتجة بعد الاستقلال. ويتعلق المحور الرابع بآليات بناء الخطاب الفيلمي وطريقة إعادة إنتاج الأحداث أو الوقائع التاريخية للثورة التحريرية، وتحديد التركيبات التمثيلية والتعبيرية التي تدخل فيها عناصر التعبير المرجعي والمتخيل، فيما يركّز المحور الخامس على التطرق إلى مختلف القراءات وآراء المختصين والنقاد المتعلقة بالسينما ومواضيع الثورة التحريرية في الجزائر، مع وجوب التركيز على الممارسات النقدية. وفي محور سادس، يمكن للباحثين المشاركة بمداخلات تطبيقية، من خلال عرض وتحليل نماذج من الأفلام التي تناولت حرب التحرير في السينما الجزائرية المعاصرة، وتفكيك عناصر الصورة الفيلمية بمكوناتها البلاغية والجمالية والخطابية. أما المحور السابع والأخير فيعرض أهمّ الإشكاليات والتحديات المعاصرة في إعادة تركيب وتمثيل مختلف الأحداث عن الثورة التحريرية في السينما الجزائرية المعاصرة.