شكل موضوع "المنشآت المائية لمدينة الجزائر خلال العهد العثماني" محور ندوة نظمت يوم الأحد بالجزائر العاصمة بمناسبة إحياء شهر التراث2021 (18 أفريل – 18 ماي) الذي يعقد هذه السنة تحت شعار "التثمين الإقتصادي للتراث الثقافي". وتناولت المهندسة المعمارية المختصة في تاريخ تقنيات حفظ التراث والمعالم التاريخية ، كماش أوزيدان دليلة ، في مداخلة بدار القاضي بالقصبة، التجهيزات المكونة للنظام المائي وأهم التقنيات المستعملة في وضع شبكة قنوات المياه والصهاريج و الخزانات و قناطر المياه بمدينة الجزائر المنجزة خلال الفترة العثمانية مبرزة أهمية هذه المنشآت في تثمين التراث الثقافي الجزائري. وفي هذا الصدد، ذكرت الدكتورة كماش، التي أصدرت كتابا بعنوان "مياه مدينة الجزائر تحت الحكم العثماني" عن منشورات داليمان، ان القرن الاول من الوجود العثماني في مدينة الجزائر شكل فترة مفصلية لتاريخها العمراني حيث تم انشاء اربعة قنوات مياه رئيسية لتزويد المدينة وكذا إرساء نظام مجاري تصريف مائية على مستوى كل احياء وازقة المدينة اين تصب في مختلف المنشآت كالقناطر المائية و الخزانات الارضية حيث يتم توزيع المياه نحو العيون العمومية.
وأشارت المتحدثة أن الفرنسيين توجهوا مبكرا و في السنوات الأولى من الإحتلال إلى دراسة نمط التجهيزات المائية لمدينة الجزائر ومنهم الجيولوجي كلود روزيت الذي قدم وصفا دقيقا لشبكة قنوات المياه بمدينة الجزائر في كتابه "الرحلات الثلاث لمدينة الجزائر" سنة 1833 الذي إعتبرته مصدر مهم للباحثين إلى اليوم، أين إكتشف نمط مغاير لنظام هندسة وتقنيات وتجهيز المياه من خلال زيارته لقنوات " واد بني مسوس ، واد حيدرة و الحامة و عين الزبوجة وغيرها ". وأضافت المهندسة المعمارية، ان الفرنسيين إنبهروا لمستوى التقنيات المستخدمة والممرات المستحدثة بدقة لهذه المنشآت المائية رغم التركيب الجيولوجي للمدينة القديمة بغية إيصال الماء إلى مختلف أجزاء القصبة وكذا دويرات الفحص والأحواش المحيطة بالمدينة القديمة وهو نظام متوارث من العهد العثماني مبرزة دور العثمانيين في تطوير و نقل هذه التقنيات إلى الجزائر حيث أن مدينة الجزائر خلال الفترة العثمانية من المدن التي عرفت تطورا كبيرا في مجال العمارة المائية. من جهة ثانية، ركزت الأستاذة المحاضرة في المدرسة المتعددة التقنيات للهندسة والعمران، كماش أوزيدان دليلة، على توضيح نظام التجهيز المائي لقصر الداي (قلعة الجزائر) بالقصبة العليا خلال العهد العثماني اعتمادا على المخطوطات و كذا بعض المخططات والخرائط والصور مكنت من خلالها وضع بطاقات تقييم لأهم المنشآت المائية الباقية الى يومنا وأهمها قناة وادي بني مسوس. بدوره أشار، مدير الثقافة لولاية الجزائر، مختار خالدي ، في افتتاح التظاهرة، أنه تم برمجة ندوات موضوعاتية بالتنسيق مع الديوان الوطني للتسيير واستغلال الممتلكات الثقافية المحمية والوكالة الوطنية للقطاعات المحمية بمناسبة إحياء شهر التراث2021 وهي فرصة تجمع ما بين المختصين في المجال حماية وصيانة التراث الثقافي الوطني و الجمهور لتناول مختلف الجهود في تثمين التراث الثقافي المادي واللامادي بالجزائر وأهمية ترقيتها باعتبارها مورد اقتصادي. ويتضمن برنامج نشاطات شهر التراث لسنة 2021 سلسلة من المداخلات حول التراث الثقافي المادي واللامادي بمشاركة مختصين وخبراء في المجال وذلك مستوى دار القاضي بالقصبة (مقر الوكالة الوطنية للقطاعات المحفوظة). ويشمل البرنامج الثقافي المتواصل لغاية يوم 18 ماي القادم مجموعة من المداخلات تتناول المسارات الثقافية لولاية الجزائر ودورها في إثراء السياحة الثقافية و دور التكنولوجيا ومنصات التواصل الإجتماعي في تثمين وترويج المنتوج الثقافي و دور التراث الثقافي في تحقيق التنمية المستدامة للجزائر. من جهة ثانية ، سيتم بالمناسبة تنظيم ورشة خاصة بتقنيات ترميم وصيانة الرخام.