كشف مسؤولون أفغانيون أن بعثة من الحزب الإسلامي الذي يتزعمه رئيس الوزراء السابق قلب الدين حكمتيار التقوا الأحد الماضي الرئيس حامد كرزاي ودبلوماسيين أميركيين، وذلك في خطوة ثانية بعد حركة طالبان التي أبدت استعدادها لمحادثات سلام في هذا البلد. وذكر المسؤولون الأفغانيون –وفق وكالة الأنباء الفرنسية- أن محادثات تتعلق بعملية السلام جرت بين بعثة الحزب الإسلامي وكرزاي والدبلوماسيين الأميركيين. وجاءت خطوة هذا الحزب -الذي يحارب منذ عشر سنوات حكومة كابل وحلف شمال الأطلسي (ناتو)- بالتزامن مع إعلان حركة طالبان بدورها استعدادها لفتح مكتب سياسي يمثلها في الخارج للدخول في محادثات للتوصل إلى نهاية للحرب الأفغانية -التي اندلعت قبل عشر سنوات- من خلال التفاوض. وأكد المتحدث باسم الحركة ذبيح الله مجاهد في بيان أمس الثلاثاء أن الوقت "حان لفتح مكتب لنا خارج البلاد بهدف الدخول في حوار مع المجتمع الدولي". وأوضح أنه تم التوصل إلى "اتفاق مبدئي" لفتح مكتب لطالبان في قطر. وكانت فكرة فتح مكتب ارتباط لطالبان في بلد محايد لتسهيل إجراء محادثات سلام، طرحت مرات عدة العام الماضي، واقترحت تركيا أو السعودية لاستقباله، ثم قطر. وكشف مصدر قريب من طالبان أن اتصالات جرت الخريف الماضي في الدوحة بين دبلوماسيين أميركيين ووفد صغير من طالبان يقوده طيب أغا -السكرتير السابق لزعيم الحركة الملا عمر، الذي لا يزال على اتصال معه- إلا أن طالبان نفت في بيانها الثلاثاء أي مفاوضات مع الأميركيين. ومن جهته، أكد البيت الأبيض أن على حركة طالبان أن تنبذ أولا العنف قبل الانضمام إلى مفاوضات سلام في أفغانستان، مشددا على أن هذا الشرط "لم يتغير"، وذلك في أول رد فعل أميركي على قيام الحركة بخطوة أولى نحو المشاركة في مفاوضات سلام. يذكر أن جوزيف بايدن -نائب الرئيس الأميركي- قال في حديث لمجلة نيوزويك منتصف ديسمبر إن "حركة طالبان ليست عدوا للولايات المتحدة"، وهو موقف رحب به حامد كرازي. كما كشف مسؤول أميركي قبل أيام أن واشنطن تعتزم مواصلة المباحثات السرية خلال العام الجديد مع ممثلي حركة طالبان في أوروبا ومنطقة الخليج. ورفضت طالبان حتى الأن بشكل رسمي التفاوض طالما لم يغادر جنود القوات المساعدة الدولية على حفظ الأمن بأفغانستان (إيساف) البلاد، ولم تنجح القوى الغربية في لجم تصاعد أنشطتها تدريجيا في قسم كبير من البلاد وخاصة في ظل ضعف الحكومة المركزية. ويشير مراقبون إلى أن عجز الحلف الأطلسي في التغلب على المقاتلين بشكل نهائي -رغم رفع عديد قواته في 2010 إلى 130 ألف رجل- دفع القوى الغربية إلى الدعوة خلال العامين الماضيين إلى مفاوضات سلام مع طالبان. وكشفت إحصائية نشرتها وكالة الصحافة الفرنسية أن عدد قتلى إيساف بلغ 565 خلال العام 2011، وهي ثاني أكبر خسارة تتكبدها القوات منذ دخولها أفغانستان عام 2001. وبانتظار مفاوضات سلام محتملة لا يزال النزاع الأفغاني مستمرا، حيث قتل ثمانية مدنيين على الأقل الثلاثاء في انفجار قنبلة محلية الصنع وهجومين بالمنطقة الجنوبية المضطربة.