تنتهي غدا، السنة الدراسية 2009/ 2010، ليجد الوزير بن بوزيد نفسه مرة أخرى في ورطة، لتقييم منجزات قطاعه البيداغوجية، وتقييم إصلاحاته. ومع انطلاق العد التنازلي لامتحانات نهاية السنة، لاسيما البكالوريا، يتصاعد معها الضغط والقلق على التلاميذ والأساتذة والأولياء ونقابات القطاع، الذين يتقاسمون المسؤولية جماعيا، وبنسب متفاوتة، ولا يختلف اثنان، إذا أرجعنا عجلة الزمن إلى الوراء، وما شهدته الساحة التربوية من احتجاجات وصفت الأعنف في تاريخ القطاع، دامت لأزيد من 5 أسابيع، وتأثيرها السلبي على التحصيل العلمي الذي وصف بالأسوأ منذ سنوات. الكنابست: إصلاحات بن بوزيد عشوائية أثرت سلبا على الأستاذ والتلاميذ كشف أمس، مسعود بوديبة، المكلف بالإعلام لنقابة المجلس الوطني لأساتذة التعليم الثانوي والتقني، بأنه غير راض على السنة الدراسية، واعتبرها من أصعب السنوات التي شهدها القطاع، خصوصا وأنها تزامنت مع مستجدات كان لها تأثير كبير على نفسية الأستاذ والتلميذ على حد سواء. وأضاف بوديبة، في اتصال ل "الحياة العربية"، بأن هذه السنة عرفت هي الأخرى بعض المشاكل والضغوطات من قبل الحكومة، مؤكدا من جانبه بأن القطاع عرف هو الآخر إضرابات واحتجاجات، والتي أثرت بشكل كبير على المردود الدراسي المقدم. أما بخصوص الإصلاحات التي قام بها وزير التربية الوطنية، فاعتبرها بوديبة بالفجائية، حيث لم يكن هناك تحضير للأستاذ الذي لم يستفد من أي تكوين له، والذي ولد صعوبة في التكوين والتأقلم معها، مشيرا من جانبه، بأن عدد الحركات الاحتجاجية الوطنية التي قامت بها نقابات التربية، والتي عرفها القطاع، قد بلغت 5 أسابيع كاملة، وكذا بعض الإضرابات الدورية عبر مختلف الولايات التي بلغت يوما أو يومين، والتي عرفت اعتصامات ومقاطعات إدارية من جهة أخرى. وبخصوص تقييمه لعملية التحصيل العلمي لهاته السنة، فقال بوديبة "بأن التأثير النفسي الذي عاشه الأستاذ والتلميذ أثر على التحصيل العلمي، بالإضافة إلى كثافة البرنامج". وبخصوص نظام المنح والتعويضات الذي كان محور الحركات الاحتجاجية، فأوضح بوديبة بأن نتائجها كانت مخيبة للآمال، بحيث أنه كانت هناك وعود واتفاقيات لم تتحقق ولم يوافق عليها، وأن نتائج هذا المشروع كانت مخيبة لعدم توفر عوامل الاستقرار، موضحا من جانبه بأن السنة القادمة لن تكون أحسن من سابقاتها، حيث ستشهد اضطرابات أخرى، وذلك إذا استمرت الحكومة والوزارة على ماهي عليه. الأسرة التربوية تتوعد بحركات احتجاجية أقوى من سابقاتها من جهة أخرى، اعتبر الصادق دزيري، رئيس اتحاد عمال التربية، بأن السنة الدراسية كانت صعبة للغاية على طرفي المعادلة العملية التربوية للتلميذ والمربي على حد سواء، من خلال تضارب حقين دستوريين، وهما حق التلميذ في التمدرس وبصفة مستمرة، وحق الموظف في الإضراب من أجل افتكاك بعض حقوقه. وأضاف دزيري، في اتصال ل "الحياة العربية"، بأن هذه السنة قد تخللتها حركتين احتجاجيتين طويلتي المدى، الأولى 03 أسابيع، والثانية أسبوعين، مما أثر على سير العملية التربوية، أما الشق الثاني فيكمن في تعامل الحكومة مع هذه القضية -حسب دزيري-، من خلال تكريس مبدأ الحوار والتفاوض بدل التهميش والإقصاء حتى يتحسن الوضع. أما بخصوص الإصلاحات الأخيرة التي دعا إليها وزير التربية الوطنية، أبو بكر بن بوزيد، فقال دزيري بأن هذه الإصلاحات لا تكون في عجالة، وأن هذه الإصلاحات تتسم بصفتين أساسيتين، وهما الاستعجال والارتجال أحيانا، مشيرا بأنها ضرورية، ولابد من أن نعد له العدة، مع توفير الجو المناسب، ولا نحكم عليها بنتائج مدرسية مرتفعة، مضيفا بأن قطاع التربية هو القطاع الوحيد الذي أخذ نصيبه ولو كان منقوصا في بعض جوانبه. وعليه، فقد حمل دزيري السلطات والحكومة المسؤولية كاملة، أما إذا بقيت دار لقمان على حالها، فستشهد السنة القادمة حركات احتجاجية أقوى من سابقاتها، مطالبا بذلك الوصاية الإفراج عن ملفات العمل والخدمات الاجتماعية، وملف التقاعد والقانون الخاص بأسلاك التربية. الموسم الدراسي الحالي فاشل بيداغوجيا واجتماعيا أكد أمس، إيدير عاشور، المكلف بالإعلام لمجلس ثانويات الجزائر، أن السنة الدراسية الحالية لم تكن ناجحة على الإطلاق، كونها تميزت بعدة تخلخلات من خلال الحركات الاحتجاجية الواسعة التي شهدها القطاع طيلة السنة، والتي كانت بدايتها بإضراب اليوم الأول من الدخول المدرسي، والمصادف ل 16 سبتمبر، عرفت بعده العديد من الإضرابات والاعتصامات، حيث كان إضراب 5 أكتوبر تمهيدا للإضراب المفتوح، الذي انطلق يوم 6 نوفمبر، ودام ل 3 أسابيع، وأدى إلى شل القطاع في مختلف الأطوار، هذا إلى جانب إضراب 27 جانفي ويومي 21 و22 فيفري. وقال إيدير عاشور، في اتصال ل "الحياة العربية"، لسنا راضين على هاته السنة الدراسية الحالية على الإطلاق، ولم تكن ناجحة سواء من الناحية البيداغوجية، والتي عرفت تأخرا في إنهاء دروس المقررات، حيث أنه لم يتم تقديم سوى 60 بالمائة من البرنامج المقرر. من جهة ثانية، أضاف المتحدث أن الأوضاع الاجتماعية والمهنية لعمال القطاع لا تزال غير مأخوذة بعين الاعتبار كما ينبغي. الإصلاحات لم تأت ثمارها...وهدفها اقتصادي أكثر من بيداغوجي وأضاف المتحدث أن إصلاحات قطاع التربية الجديدة لم تأت ثمارها لحد الآن، وخير دليل على ذلك تواصل الحركات الاحتجاجية من جهة، ومن جهة أخرى عدم استيعاب التلاميذ للمناهج والدروس الجديدة، والذي يرجع سببه الرئيسي لعدم إشراك الأساتذة في هذه الإصلاحات، الأمر الذي جعلهم لا يتحكمون في الطرق والمناهج الجديدة التي تم إدراجها، وعدم إخضاعهم لتكوين بخصوصها. من جهة أخرى، أضاف المكلف بالإعلام لمجلس ثانويات الجزائر، أن الهدف الرئيسي من الإصلاحات كان اقتصاديا أكثر من بيداغوجي، كون الحكومة تبحث عن تقليص النفقات في هذا القطاع، أكثر من التفكير في تحقيق نتائج بيداغوجية جيدة. ملف المنح والتعويضات تم تسويته وبخصوص تلبية الحكومة لملف المنح والتعويضات، فأكد المتحدث أنه قد تم تلبية هذا المطلب، ولو أنه ليس بالنسبة المنتظرة، مضيفا أن أجر الأستاذ يبقى لا يستجيب إلى القدرة الشرائية في السوق. كما ندد ايدير عاشور، بعدم إشراك النقابات في إعداد مشروع الإصلاحات المراد إجراؤها في قانون العمل، وخاصة النقطتين المتعلقتين بنظام التقاعد والحريات النقابية، مشيرا أن النقابة مقتنعة أن التعديلات لن تصب في صالح العمال. الامتحانات ليست معيارا للتقييم... ولسنا راضين على السنة الدراسية من جهته، كشف سعدالي محمد سالم، الأمين العام للنقابة المستقلة لعمال التربية والتكوين، في اتصال ل "الحياة العربية"، أن إصلاحات المنظومة التربوية التي أقرتها الوصاية لم تأت بأي جديد، بل ساهمت في تدهور الأوضاع أكثر وأكثر، حيث أن هذه الأخيرة لم تأخذ بعين الاعتبار الأوضاع المتواجدة في الميدان، كما أنها لم تعط الأهمية اللازمة لعملية التكوين قبل الدخول في عملية تطبيقها، ناهيك على أنها لم تأت بجديد يرمي إلى تحسين المنظومة التربوية، مشيرا إلى أنه لحد الآن لم يحدث أي تغير في توجه المدرسة، سوى بعض التغيرات التقنية، التي هي الأخرى لا تتماشى مع أرض الواقع، وهو الأمر الذي يجعل أزمة القطاع لا تنتهي. كما أضاف المتحدث أن الوصاية لم تشرك المعنيين بالأمر، سواء نقابات التربية أو أولياء التلاميذ، في دراسة وإعداد الإصلاحات الجديدة أو في تطبيقها. من جهة أخرى، أكد سعدالي محمد سالم، أن الأسرة التربوية غير راضية على السنة الدراسية الجارية وعلى السنوات الماضية، وتتأسف على حال المنظومة التربوية التي تعيش أزمة لا تنتهي في جميع الأطوار، وليس فقط في الأقسام النهائية، موضحا أنه في كل نهاية موسم دراسي نحن أمام تساءل، هل الامتحانات تجرى وفق المعايير اللازمة؟، مضيفا "إننا أمام مستقبل غامض وغير واضح. البكالوريا لم تعد معيارا للتقييم... وأشار الأمين العام للنقابة المستقلة لعمال التربية والتكوين، أن شهادة البكالوريا في الوقت الراهن لم تعد معيارا يعتمد عليه لقياس مستوى التلميذ، ولا تترجم أي نتيجة معينة، بل أصبحت عبارة عن ورقة تحتوى على أرقام فقط، وأكد المتحدث أن مستوى التحصيل العلمي للتلميذ أصبح يتدنى من سنة لأخرى، محملا في الوقت ذاته الوصاية كل النتائج التي آلت إليها المنظومة التربوية، نتيجة غلقها لأبواب الحوار والنقاش البناء، وكونها لا تعمل على إيجاد الحلول الجذرية لمطالب عمال القطاع، بل تقر حلولا ظرفية، وهو ما يجعل المدرسة الجزائرية تدور في نفس الدوامة ونفس المشاكل، التي يعاد طرحها في السنوات المقبلة واللاحقة.