انطلقت الأحد قمة المناخ "كوب 27" التي يستضيفها منتجع شرم الشيخ السياحي في مصر، بعد عام قاس شهد كوارث مرتبطة بتقلبات الطقس جعلت الحاجة ماسة إلى اجراءات ملموسة، وتعقد القمة على مدى 13 يوما، ويحضرها ممثلو حوالي 200 دولة، فيما يجتمع الرؤساء يومي الإثنين والثلاثاء. وشدد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الأسبوع الماضي، على أن النضال من أجل المناخ "بات مسألة حياة أو موت لأمننا اليوم ولبقائنا غدا" مع فيضانات غير مسبوقة في باكستان وموجات قيظ متكررة في أوروبا وأعاصير وحرائق غابات وجفاف. وأكد أن مؤتمر الأطراف السابع والعشرين للأمم المتحدة حول المناخ (كوب27) الذين انطلق الأحد لمدة أسبوعين "يجب أن يرسي أسس تحرك مناخي أسرع وأكثر جرأة راهنا وخلال العقد الحالي الذي سيحدد خلاله ما إذا كان النضال من أجل المناخ سيكون رابحا أو خاسرا". وينبغي خفض انبعاثات غازات الدفيئة بنسبة 45% بحلول العام 2030 في محاولة لحصر الاحترار المناخي ب1,5 درجة مئوية مقارنة بالحقبة ما قبل الصناعية، وهو أكثر أهداف اتفاق باريس للمناخ طموحا. إلا أن التعهدات الحالية للدول الموقعة على الاتفاق في حال احترامها، ستؤدي إلى ارتفاع يراوح بين 5 و10 % ما يضع العالم على مسار يفضي إلى ارتفاع الحرارة 2,4 درجة مئوية بحلول نهاية القرن الحالي. وهذا الأمر بعيد جدا عن الهدف الرئيسي لاتفاق باريس مقارنة بالحقبة التي بدأ فيها الإنسان يستخدم على نطاق واسع مصادر الطاقة الأحفورية من فحم ونفط وغاز، المسؤولة عن الاحترار. ومع السياسات المعتمدة راهنا، يتجه العالم إلى زيادة قدرها 2,8 درجة مئوية في الحرارة وهو مستوى كارثي. وأسف غوتيريش لأن المناخ تراجع إلى المرتبة الثانية في سلم الأولويات بسبب جائحة كوفيد-19 والحرب في أوكرانيا والأزمات الاقتصادية وأزمات الطاقة والغذاء. وقال ألدن ميير، من مركز الأبحاث "إي 3 جي" والمتابع لمفاوضات المناخ منذ فترة طويلة: "سبق أن عرفنا مراحل مشحونة جدا في السابق" مثل انسحاب الولاياتالمتحدة في عهد دونالد ترامب من اتفاق باريس للمناخ، مضيفا: "لكن لم يسبق لي أن رأيت شيئا من هذا القبيل" واصفا ما يحصل بأنه "العاصفة المثلى". في ظل هذه الأجواء ورغم التعهدات التي قطعت في "كوب 26" في غلاسغو، وحدها حوالى عشرين دولة رفعت أهدافها فيما تقول الأممالمتحدة إن "لا مسار موثوقا" لتحقيق الهدف المتمثل بحصر الاحترار ب1,5 درجة مئوية. وبعد افتتاح مؤتمر كوب 27 في مصر الأحد، يلتقي أكثر من 120 من قادة الدول والحكومات يومي الإثنين والثلاثاء في قمة من شأنها إعطاء دفع لهذه المفاوضات التي تستمر أسبوعين. ويغيب عن القمة الرئيس الصيني شي جينبينغ، في حين يحضر الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى مؤتمر شرم الشيخ في محطة سريعة في 11 نوفمبر، بينما التعاون حيوي بين أكبر دولتين ملوثتين في العالم اللتين تشهد علاقتهما توترا شديدا، إلا أنهما قد يلتقيان في بالي خلال الأسبوع التالي على هامش قمة مجموعة العشرين. ودول مجموعة العشرين مسؤولة عن 80 % من الانبعاثات العالمية، إلا أن أغنى دول العالم متهمة بعدم تحمل مسؤولياتها على صعيد الأهداف والمساعدات إلى الدول النامية كذلك. وسيكون استياء أفقر دول العالم غير المسؤولة عن الاحترار، لكنها أكثرها عرضة لتداعياته، في صلب مؤتمر "كوب27".