يجتمع وزراء وخبراء من حول العالم في الرياض من 10 إلى 12 يناير الجاري للمشاركة في منتدى معادن المستقبل، وهو فرصة تتعرف فيها الدولة المضيفة والدول العربية المشاركة على موقع مخزوناتها من المعادن في الأسواق العالمية، وكذلك مقدار الأهمية الاقتصادية السياسية الوارد بلوغها في بند المعادن، بعد أن تحققت في بند النفط. أقتبس هنا مثالاً من قطاع إنتاج وتطوير شواحن الهواتف والحواسيب المحمولة، المعتمد جداً – مثل المعالجات وأشباه الموصلات – على السيليكون. حدثت طفرة في هذا القطاع عند إطلاق بضع شركات كبرى في هذا المجال لشواحن استبدلت السيليكون بمادة نيتريد الغاليوم GaN، الأقدر على إيصال التيار الكهربائي في مساحات أضيق وباستمرارية متزنة دون ارتفاع كبير في حرارة الشاحن، ضمن ميزات أخرى مهمة. أدت هذه الخطوة إلى تضاؤل حجم الشواحن، وارتفاع سرعة الشحن بدرجات بلغت اليوم – مع إطلاق الجيل الثالث منها – فترات أقصر بنصف ساعة إلى 40 دقيقة بالمواصفات العادية لإيصال الطاقة PD، ووصلت في أسرع حالاتها إلى 8 دقائق لشحن الهاتف المحمول، بوجود شريحة مسرعة في السلك الموصل وبرمجة يقبلها الجهاز الخاضع للشحن. يتطلب العصر الرقمي الحالي زيادة سرعة الشحن وطول مدة الحفاظ عليه، ورفع مستوى سلامة البطارية وحمايتها من الاحترار والتسربات والاشتعال، وزيادة دورات شحنها وتفريغها، وقد وضعتنا كمستهلكين عدة شركات رائدة موضع المستفيدين من هذا التطور، وبقدر أهمية هذه التقنية للمستهلكين، إلا أنها ساهمت في عدة أشهر في تحويل الكم المهول من مئات آلاف الأطنان من محولات الشحن وملحقاتها من الأجيال السابقة إلى خردة إلكترونية وبلاستيكية، مما يجعل المادة البديلة سالفة الذكر من عوامل اضطراب السوق، عند تأثر سلاسل إنتاج المواد المستبدلة بتراجع أو توقف الطلب عليها. في ضوء ذلك، لعل تجمعاً من العلماء والمسؤولين في الدول العربية يفيدنا في منتدى المعادن في الأيام القليلة القادمة بوجود ترابط مدروس ومتسلسل بين المنقبين عن أنواع المعادن والفلزات الموجودة بسخاء في أراضي المنطقة، والباحثين المختبرين لاستخداماتها الواعدة في بيئات تجريبية مصغرة، والمسوقين لمبيعاتها على أهم أسواقها، وبذات الأهمية – خلف الأبواب المغلقة – من يزن وقع مثل هذه الصادرات على متغيرات منافع الأسواق والثقل السياسي المتصاعد لمن يصدرها، إذ أن من الحلفاء من يقربه الطمع إذا لم ينفع الخوف. يحتاج المستقبل القريب منافسين أشداء في مضمار الفيزياء الكمية، المنتقلة بنا جميعاً إلى الحوسبة والاتصالات الكمية وتعلم الآلات وسائر المنافع الفلكية الموعودة، وجل اعتماد هذا المجال سينصب على علماء خواص المواد، حيث سيطور هؤلاء من موصلات ومستشعرات كل ما سنتكل عليه من أجهزة وخدمات المستوى القادم الأكفأ والأسرع، وبمناسبة هذا الزعم أختم بمثال حديث للغاية يدعمه، حيث كشفت جامعة نانجينغ في الصين عن كاميرا "كمية" تستغني في تصويرها عن المصدر الذي يبث الضوء، مع عدم الحاجة لاستشعار الضوء المنعكس عن المجسم المراد تصويره، وانتفاء حاجتها إلى مستشعر لوضوح المساحة، والبديل هو سلسلة من العدسات والمرايا ومنفذ ضوء ليزر يمر عبرها إلى مادة التصوير وينعكس عنها ليصنع لحظة السطوع المطلوبة، في اختراع لتصوير العينات البيولوجية فقيرة الإضاءة لصغرها المتناهي، ولولا ما احتوته المرايا والعدسات من معادن "نادرة" أو فلزات بأخلاط معالجة بدقة، لما ظهر هذا المستوى الثوري من التصوير الذي سيكون ثميناً في الاستخدامات الطبية والبحثية، وبالتأكيد العسكرية. سكاي نيوز عربية