سيشرع وفد هام من المعهد الوطني النايجيري للدراسات السياسية والاستراتيجية في زيارة إلى الجزائر ابتداء من اليوم الأحد وإلى غاية 21 مايو، حيث تتضمن الزيارة برنامجا ثريا و مكثفا يشمل زيارة العديد من المنشآت والمشاريع عبر عدة ولايات وتنظيم ندوات حول مواضيع تتعلق بالصناعة والطاقة والبيئة، حسبما علم لدى المعهد الوطني للدراسات الاستراتيجية الشاملة. وسيقوم الوفد النايجيري في هذا السياق بزيارة أكثر من 40 موقعا موزعا على 11 ولاية (الجزائر، وهران، الأغواط، تيميمون، ورقلة، قسنطينة، سكيكدة، عنابة، سطيف، غرداية، وبجاية)، بهدف الوقوف على منشآت صناعية وطاقوية مختلفة ومواقع تتعلق بمجال الزراعة والصناعة الصيدلانية، بالإضافة إلى معاهد تكوين ومراكز بحث. وتدخل هذه الزيارة، التي تشكل سانحة لتبادل الآراء والخبرات بين الوفد النايجيري والمسؤولين والخبراء الجزائريين، في إطار تعزيز التبادل بين البلدين، والذي يتميز بمشاريع هامة للتعاون. وتشمل هذه المشاريع، بشكل خاص، خط أنابيب الغاز الجزائر-لاغوس، والطريق العابر للصحراء، ومحور الألياف البصرية العابرة للصحراء، وهي مشاريع ذات أهمية استراتيجية على المستوى الإقليمي والقاري يعمل البلدان، بالتنسيق بينهما، على تنفيذها. ويتميز التعاون الاقتصادي بين البلدين الافريقيين، وكلاهما عضو في منطقة التبادل الحر القارية الافريقية ZLECAF، بتزايد ملحوظ في التجارة البينية، حيث ارتفعت من أقل من 2 مليون دولار في 2021 إلى أكثر من 100 مليون دولار في عام 2022، مع تحقيق فائض كبير في الميزان التجاري الثنائي لصالح الجزائر، حيث يشمل التبادل منتجات متنوعة، بما في ذلك النفط المكرر، ومشتقات النفط، والأسمدة، والمنتجات الكيميائية والمعدنية، وكذا منتجات الصناعة الغذائية. ومن المتوقع أن تعرف هذه التبادلات ارتفاعا أكبر بعد إنشاء مجلس الأعمال الجزائري-النايجيري في نوفمبر 2022، مما يعزز فرص الجزائر في توسيع صادراتها إلى نيجيريا، خاصة فيما يتعلق بالمنتجات الزراعية والصناعية والصيدلانية والنسيجية. ..تعاون إقتصادي وثيق ومشاريع هيكلية إستراتيجية يشهد التعاون الجزائري-النايجيري تطورا متسارعا، لاسيما مع إنشاء آليات ثنائية وإبرام اتفاقيات من شأنها أن تسمح للبلدين، الوازنين قاريا واللذين يتقاسمان نفس الرؤى حول القضايا الإقليمية والدولية، بالتطلع لآفاق واسعة لتعزيز الشراكة الإقتصادية بتجسيد مشاريع إستراتيجية هيكلية وذات بعد قاري. وتملك الجزائرونيجيريا إمكانات كبيرة لإعطاء دفع أكبر لهذا التعاون بالاستفادة من الفرص التي تتيحها الاتفاقيات الثنائية المبرمة خلال السنوات الأخيرة مثل اتفاقية إنشاء مجلس رجال أعمال ثنائي، في نوفمبر 2022، لتطوير مشاريع في الطاقة والزراعة والصناعة وتبادل المعارف، ناهيك عن مذكرات التفاهم في اطار مشروع انبوب الغاز العابر للصحراء واحراز تقدم هام في مجال انشاء الطريق العابر للصحراء وخط الألياف البصرية العابر للصحراء الرابط بين أبوجا والجزائر. ويتمتع البلدان بأهمية استراتيجية وجيوسياسية في إفريقيا فضلا عن غناهما بالثروات الطبيعية، ما يؤهلهما لبناء شراكة ناجعة مع إقامة وتطوير مشاريع كفيلة بدفع عجلة التنمية الاقتصادية، وترقية التبادل التجاري. وما يعزز آليات التعاون بين الجزائرونيجيريا والمشاريع الاستراتيجية التي يعملان على تجسيدها من اجل تعزيز العلاقات الثنائية وتقريب المتعاملين الاقتصاديين للبلدين، الحركية الكبيرة للزيارات الرسمية التي قام بها مسؤولوالبلدين من وزراء وبرلمانيين ورؤساء مؤسسات. وتجدر الاشارة في هذا الاطار الى الزيارات التي قام بها الى الجزائر في نوفمبر الفارط وزير الخارجية النايجيري، جوفري أونياما، والتي ثمن خلالها "نوعية" العلاقات الثنائية التي تربط البلدين على الصعيدين السياسي والاقتصادي. وتدعم التقارب السياسي بين الجزائرونيجيريا كذلك بزيارات اخرى لوفود رسمية ورجال اعمال لا سيما الزيارات التي قام بها وزراء مكلفون بالقطاعات الاقتصادية ورؤساء مؤسسات، فضلا عن الزيارة الهامة التي يقوم بها، ابتداء من غد الأحد والى غاية 21 ماي الجاري، اطارات من المعهد الوطني النايجيري للدراسات السياسية والاستراتيجية. وبالاضافة إلى الاتفاقيات المبرمة بين البلدين، يرتكز التعاون الثنائي على كون الجزائرونيجيريا عضوين في منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية (ZLECAF). وبإمكان الجزائر الاستفادة من حجم السوق والخبرة النايجيرية، خصوصا في مجال الخدمات كالتكنولوجيات الحديثة واقتصاد المعرفة كما باستطاعة الجزائر المساهمة في تلبية متطلبات السوق النايجيري من خلال تصدير مختلف المنتجات كالمنتجات الزراعية والمواد الصيدلانية، ومختلف الصناعات والمنسوجات. وعلى صعيد التبادلات التجارية الثنائية، شهدت السنوات الأخيرة تطورا كبيرا في حجم التجارة بين البلدين، بمبادلات بلغت 111،35 مليون دولار سنة 2022 مقابل مبادلات ب8ر1 مليون دولار فقط سنة 2021، مع ميزان تجاري ثنائي لصالح الجزائر. .. مشاريع هيكلية إستراتيجية ثنائية وخلال سنة 2022، عقد وزير الطاقة والمناجم محمد عرقاب ووزير الدولة النايجيري للموارد البترولية، تيميبر سيلفا، عدة اجتماعات في إطار التحضير لمشروع خط أنابيب الغاز العابر للصحراء الجزئر-النيجر-نيجيريا TSGP، الذي وصفه رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، ب"الانجاز الافريقي الضخم"، ناهيك عن التشاور بين الطرفين في إطار تحالف أوبك+ ومنظمة منتجي البترول الأفارقة. وتوجت هذه الاجتماعات، في يوليو2022، بتوقيع مذكرة تفاهم لتنفيذ مشروع خط أنابيب الغاز العابر للصحراء، في ختام اعمال الاجتماع الوزاري الثالث للجزائر والنيجرونيجيريا، الذي عقد في الجزائر العاصمة. ويعتبر أنبوب الغاز العابر للصحراء مشروعا ضخما لنقل الغاز حيث يربط الدول الثلاث بطول 4200 كلم. وأكد السيد عرقاب في وقت سابق أن الدراسات الخاصة بإنشاء هذا المشروع في "مرحلة متقدمة جدا"، لافتا الى انه لم يتبق سوى 1800 كلم لإتمامه. كما تعهدت الجزائرونيجيريا بإنشاء الطريق العابر للصحراء وخط الالياف البصرية العابر للصحراء. ويتعلق الامر بمشاريع هيكلية ذات أهمية استراتيجية على المستويين الإقليمي والقاري، تم اطلاقهما في إطار الشراكة الجديدة لتنمية أفريقيا (نيباد) للاتحاد الأفريقي، والتي تهدف إلى تجسيد التكامل القاري. وقد دخل مشروع الطريق العابر للصحراء الرابط بين الجزائر العاصمة ولاغوس "مرحلة الانجاز الاخيرة" وفق ما أكده البنك الافريقي للتنمية في تقرير نشره مؤخرا بخصوص تقدم اشغال هذه المنشأة. ويعتبر هذا الطريق، الذي يبلغ طوله 10000 كلم، والذي يمر ب6 دول تتمثل في الجزائر وتونس والنيجر ومالي والتشاد ونيجيريا، "ضروريا لتجسيد منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية حيث يربط شمال إفريقيا بغربها، منها أزيد من 8000 كلم تم تعبيدها وسلمت وفقا لما ذكره البنك. أما مشروع خط الألياف البصرية العابرة للصحراء، فإن هذا الخط يأتي بالتوازي مع الطريق العابر للصحراء الجزائر- لاغوس، والذي يغطي التشاد وموريتانيا والنيجر ومالي. ولتجسيد المشروع، تعهدت الجزائرونيجيريا، خلال الدورة الأخيرة للجنة المكلفة بإنجازه والتي عقدت في يوليوالماضي، بتقديم كل دعمهما والإسراع بإنجازه بهدف إنجاح التكامل الأفريقي. وينتظر أن تعطي جميع هذه المشاريع دفعا قويا ليس للتعاون الثنائي فقط بل للتعاون الافريقي البيني كذلك.