رغم مرور سبعة أعوام على إطلاق آخر أعمال المخرج البريطاني الشهير غاريث إدواردز، وهو فيلم "روج وان: إيه ستار وورز ستوري"، الذي تم إنتاجه في عام 2016، لا يمكن أن يكون توقيت أحدث أعماله أفضل من ذلك، حيث تأتي ملحمة الخيال العلمي الجديدة التي تحمل اسم "ذا كريتور"، في وقت يحاول فيه العالم التصالح مع حقيقة أن المستقبل سيتشكل بواسطة الذكاء الاصطناعي، إلى حد كبير. وفي العمل السينمائي الدرامي المثير للإعجاب وذي الطبقات المتعددة، تأخذنا الأحداث إلى عام 2065، لاستكشاف المزايا والتهديدات الناجمة عن انتشار تقنية الذكاء الاصطناعي. وفي إطار أحداث الفيلم الشيقة، يُقتل مليون شخص في انفجار نووي يقع في لوس أنجلس، وتشن الولاياتالمتحدة حربا ضد الذكاء الاصطناعي. إلا أن واشنطن لا تكتفي بحظر التقنية المثيرة للجدل وتدميرها على أراضيها، ولكنها ترسل أيضا مجموعة من القوات الخاصة على متن مركبة فضائية عملاقة تحمل اسم "نوماند"، لتدمير جميع صور الحياة الاصطناعية في أنحاء العالم، في مهمة إمبريالية مناهضة للذكاء الاصطناعي. وفي الوقت نفسه، يمثل الذكاء الاصطناعي جزءا مهما من الحياة اليومية في دولة تحمل اسم "آسيا الجديدة"، حيث توجد روبوتات بشرية تعمل في الحقول، أو كسائقي سيارات أجرة (تاكسي). ويصل الأمر إلى أنها تستخدم أيضا في تربية الأيتام. وعندما يتم إرسال العميل الخاص الأميركي جوشوا (الذي يجسد دوره الممثل الأميركي جون ديفيد واشنطن 39 عاما) إلى آسيا الجديدة للعثور على نيرماتا، المهندس الغامض للذكاء الاصطناعي المتقدم، يقع في حب مهندسة الذكاء الاصطناعي مايا (التي تجسد دورها الممثلة البريطانية جيما تشان 40 عاما)، إلا أن غطاءه ينكشف وتختفي مايا خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من حملها. وبعد مرور خمسة أعوام، يعلم جوشوا المكلوم فجأة أن مايا مازالت على قيد الحياة، ويوافق على الذهاب في مهمة أخرى إلى آسيا الجديدة، من أجل تدمير سلاح غامض قام نيرماتا بتطويره، ويُقال إنه قادر على إنهاء الحرب من خلال القضاء على البشرية. ولكن عندما يكتشف جوشوا وقواته الخاصة السلاح الغامض، يجدون أنه الذكاء الاصطناعي ولكن على هيئة فتاة صغيرة، قادرة على اختبار المشاعر. ثم يأخذها جوشوا ليرعاها، في إطار فكرة مكررة عادة ما تتم الاستعانة بها في الأفلام التي تستكشف العلاقة بين الذكاء الاصطناعي والبشرية، ثم لا يستغرق الأمر وقتا طويلا حتى يصير شديد التعلق بها. وإلى جانب بطلي العمل البارزين، واشنطن وتشان، يضم طاقم الممثلين مجموعة من ألمع النجوم، من بينهم النجمة الأميركية الحائزة على جائزة الأوسكار، أليسون جاني (63 عاما) التي تجسد دور العميلة الخاصة هاويل التي ليست لديها أي رحمة في القتال ضد الذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى الممثل الياباني كين واتانابي (63 عاما) الذي يجسد دور الروبوت هارون. وبالنسبة لأماكن التصوير، اختار المخرج وكاتب السيناريو البريطاني جاريث إدواردز (48 عاما) التصوير في أماكن ذات مناظر طبيعية خلابة، متوزعة على كمبوديا ونيبال وإندونيسيا وتايلاند واليابان، بدلا من التصوير في أستوديوهات مكلفة. وعلى الرغم من إضافة المشهد المستقبلي الخاص بعام 2065 فيما بعد، يبدو الفيلم مذهلا حقا، وبميزانية مُعلن عنها تبلغ 80 مليون دولار فقط. وفي حديث له في لندن، قال إدواردز "أعتقد أنه من المحتمل جدا أن الذكاء الاصطناعي سيصير أمرا جيدا جدا بالنسبة للبشرية. كما أنني متأكد من أنه ستكون هناك بعض الأمور السيئة الناجمة عنه. ولكن عادة ما ينظر المرء إلى كل تطورات التكنولوجيا الكبيرة من حوله، فكلما كان هناك أمر سيئ، فلن يكون بسبب التكنولوجيا، ولكن سيكون بسبب سوء استخدام البشر لها". وينعكس هذا النهج في فيلم "ذا كريتور"، الذي يؤكد الجانب الإنساني للروبوتات. ويؤكد إدواردز "إننا لسنا الأخيار". ويقول إدواردز إن الفيلم لا يقدم إجابات واضحة عما سيحمله المستقبل، ولكن هذه لم تكن الفكرة أيضا، مضيفا "ليست لدي الإجابات. إن الإجابات غير مثيرة للاهتمام أبدا". وإلى جانب الموسيقى التصويرية القوية للفنانين هانز زيمر وستيف مازارو، يمثل التصوير المذهل لفيلم "ذا كريتور"، أجواء جذابة وساحرة، على الرغم من أن المشاهد ليس بالضرورة أن يعلم أن زيمر مشارك في العمل. ويضيف إدواردز "لقد كانت الفكرة هي تقديم موسيقى تصويرية لا تبدو في الواقع مثل أحد أعمال هانز زيمر (المؤلف الموسيقي الألماني الشهير)".