بعد دقائق، من إطلاق النار على تجمّع انتخابي، انتشرت على نطاق واسع بالإعلام الاجتماعي فيسبوك وإكس وغيرهما صورة ترامب الملطخ بالدماء وهو يلوح للحشود الملتفة حوله، بقبضته متحديًا الموت في مشهد أعاد خلط التوقعات بشأن فرص فوزه في انتخابات الرئاسة 2024. حتى قبل المناظرة "الفضائحية" التي خسرها بايدن الشهر الماضي، كان ترامب قد استهلّ السباق من منصة القوة، حيث قدم نفسه كمرشح رئاسي قوي ضد منافسه الضعيف والمُسن والمترهل ذهنيًا. ..رمز أيقوني ومن المنتظر أن يستقبل مؤتمر ترشيح الحزب الجمهوري غداً ترامب استقبال الأبطال وبحشود تليق بزعيم "سوبر" تحدى الموت بشجاعة، وتوقع مايك ميرفي، الخبير الإستراتيجي في الحزب الجمهوري، أن القبضة المرفوعة ستصبح الرمز الأيقوني للمؤتمر. ومع ذلك فليس من الواضح كيف يمكن أن يؤثر هذا الحادث على حملته، ولكن بالعودة إلى دفاتر السوابق التاريخية المشابهة، فمن المرجح أن يستفيد وترتفع شعبيته. يرجح محلّلون أميركيون احتمال تعزيز شعبية ترامب بعد تعرضه للاغتيال استنادًا إلى خبرات سابقة، إذ كان لمحاولات الاغتيال التي تستهدف القادة الشعبويين سجل حافل في الماضي في تعزيز جاذبيتهم العامة فالبرغم من تشاؤم إيان بريمر، رئيس مجموعة "أوراسيا" لأبحاث المخاطر السياسية والاستشارات في تغريدة على "إكس" من مآلات الحادث مستندًا إلى أن الأحداث المماثلة التي وقعت في بلدان أخرى في الماضي، لم تنتهِ في كثير من الأحيان بشكل جيد، فإنه في الوقت ذاته يتوقع أن صورة ترامب، وهو يرفع قبضته في الهواء والدماء تسيل على وجهه – بينما يحمله عملاء الخدمة السرية إلى بر الأمان – ستتناقض بشكل كبير مع صورة الرئيس جو بايدن. مؤكدًا أنَّ عملية الاغتيال الفاشلة "قد تزيد من احتمالية فوز ترامب"، فيما أعلن الرئيس التنفيذي لشركة "تسلا" إيلون ماسك، بعد دقائق من إطلاق النار أنه يؤيد ترامب، قائلًا: "آخر مرة كان لدى أميركا مرشّح بهذه القوة كان ثيودور روزفلت"! وقال موقع "بتكوين": إن حتمالات فوز ترامب بالانتخابات الرئاسية ارتفعت في أسواق التنبؤ بعد محاولة الاغتيال إلى 68 %. وكتب ديف بورتنوي وهو رجل أعمال أميركي معروف مؤسّس مدوّنة الرياضة والثقافة الشعبية Barstool Sports: " انتهت الانتخابات. إنه الرئيس القادم. يجب على الديمقراطيين أن يستسلموا. لا يمكنهم التغلّب عليه الآن". ..العنف السياسي وتتوقع أقلية أن تكون عملية الاغتيال ضارة بترامب، لأن الكثيرين بحسب كوستاس باناجوبولوس رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة نورث إيسترن يعتقدون أنه أي ترامب أجّج نيران العنف السياسي والانقسام من أجل مكاسب سياسية، مما أدّى إلى تفاقم الاستقطاب في أميركا بخطابه الحارق. غير أنه عاد قائلًا: إن الحادث يمكن أن "يولّد التعاطف مع ترامب، الذي من الواضح أنه عرضة للعنف السياسي والتطرف مثل أي شخص آخر". ويرجح محلّلون أميركيون احتمال تعزيز شعبية ترامب بعد تعرضه للاغتيال استنادًا إلى خبرات سابقة، إذ كان لمحاولات الاغتيال التي تستهدف القادة الشعبويين سجل حافل في الماضي في تعزيز جاذبيتهم العامة ومن بينها: إصابة رئيس الوزراء الباكستاني السابق عمران خان برصاصة في ساقه في تجمع سياسي، ما أضاف إلى رصيده الشعبي، إذ بات ينظر إليه الجمهور بوصفه شخصية مناضلة تحارب مؤسسة فاسدة.
وكذلك عندما تعرض السياسي البرازيلي المثير للجدل جايير بولسونارو للطعن على يد أحد اليساريين أثناء تواجده في تجمع انتخابي بين مؤيديه، في يوم 29 أكتوبر 2018، تضخمت شعبيته، وفاز بالرئاسة البرازيلية بأكثر من 55% من الأصوات، متفوقًا على منافسه اليساري فرناندو حداد، على الرغم من أنه كان شبيهًا بترامب معروفًا بآرائه السياسية اليمينية المتطرفة والشعبوية، بما في ذلك تعليقاته المساندة للدكتاتورية العسكرية التي حكمت البرازيل في الفترة من 1964 إلى 1985. ..اللحظة الأكثر أهمية وبالمثل، استفاد الرئيس رونالد ريغان من التعاطف والدعم الشعبي بعد محاولة اغتياله، أثناء مغادرته فندق "هيلتون" في واشنطن، في 30 مارس 1981.. وهو الدعم الذي ساعده على المضي قدمًا في مجموعة من السياسات الاقتصادية المثيرة للجدل التي كان من شأنها آنذاك أن تُحدد هوية البلاد لعقود قادمة. بالتواتر؛ بات الاعتقاد بحسم ترامب نتائج الانتخابات مبكرًا، هو محصلة غالبية الآراء المتماسّة مع قياسات اتجاهات الرأي العام وتحولاتها حتى إن توني دايفر محرر الولاياتالمتحدة في " telegraph" لم يتردد في الإعلان عن النتيجة متخليًا عن أية مفردات فضفاضة وافتراض الاحتمالات الأخرى المغايرة وذلك بمانشيت كبير يقول: " محاولة اغتيال ترامب تغير كل شيء"، وبعنوان آخر فرعي :"إنها اللحظة الأكثر أهمية في السياسة الأميركية منذ عقود.. ويخبرنا التاريخ أن ترامب سيكون في طريق عودته إلى البيت الأبيض". لقد بنى ترامب حملته الانتخابية على فكرة مفادها أنّ الجميع يسعون للنيل منه، وقد تمّ اتهام المدعين الفدراليين والقضاة ومسؤولي الانتخابات والسياسيين المنافسين والصحفيين، بمحاولة إسقاط حملته ومنع عودته إلى البيت الأبيض. لقد تمّ الطعن في العديد من هذه الادعاءات، ولكن بعد الحادث الذي وقع في ولاية بنسلفانيا، لا يستطيع حتى أسوأ أعداء ترامب أن ينكروا أن هناك من يفضل رؤيته ميتًا على إعادة انتخابه. إن محاولة اغتيال ترامب هي بمثابة تذكير صارخ بأن لحظة واحدة رائدة يمكن أن تقلب حملة عاصفة بالفعل، وأنَّ أي شكٍ متبقٍّ في فوز ترامب في انتخابات هذا العام ينحسر الآن، وباتت زلات بايدن في وقت سابق – رغم أنها مثيرة بلا شك – غير ذات صلة.