يتواصل بالمتحف العمومي الوطني للزخرفة والمنمنمات وفن الخط بالجزائر العاصمة المعرض الوطني للخط العربي بمشاركة أزيد من 30 فنانا من مختلف الولايات إحتفاء باليوم العالمي للغة العربية المصادف ل 18 ديسمبر. يتضمن المعرض المنظم من طرف المتحف وبمشاركة من "مركز كنوز للفنون" أزيد من 40 لوحة فنية من مختلف الأحجام والتأطير تقدم عصارة تجارب فنية رائدة في مجال الخط العربي والحروفيات، من توقيع فنانين مرموقين من مختلف الأجيال الفنية للمدرسة الجزائرية التي تعد رائدة في هذا الفن التراثي العريق. كما يقدم هذا المعرض المنظم بمقر المتحف بقصر مصطفى باشا بالقصبة السفلى، فرصة التطلع على أعمال فنانين موهوبين أبدعوا في مجال الخط العربي وقدموا خلاصة تجاربهم الفنية في سبيل تطوير المدرسة الحروفية من خلال إبداع تصاميم مميزة تحمل روح ولمسة فنية جزائرية. وتحت شعار "لمسات فنية بإبداعات خطية" تعرض أمام الجمهور لوحات بألوان زاهية وأخرى ترابية، تجمع بين الآيات القرآنية والأدعية والأشعار الصوفية اعتمادا على أبرز الخطوط العربية التي تميز هذه الممارسة الفنية العريقة على غرار الكوفي النسخي، الرقعة، الثلث، الفارسي، الديواني وغيرها، وقد تحرر بعض الفنانين الحروفيين من قواعد الخط العربي ما سمح لهم بفك الحرف العربي وتغييره وإدراجه في أعمالهم الفنية بلمستهم الإبداعية وبصمتهم الخاصة، وقد نجح الفنانون في توظيف الخط العربي من خلال مدارس فنية مختلفة على غرار الواقعية والتجريدية، إذ يبرز هذا الخط في الأعمال المعروضة كعنصر أساسي في تشكيل اللوحات وله قوة تجعله يتأقلم مع الفن التشكيلي ما يعطي لهذه الأعمال بعدا فنيا وفلسفيا وروحيا. ومن بين الأعمال المعروضة "حديث الشفاعة والابتهالات" لمحمد صفارباتي "اقرأ" لعلي مشطة "شهر رمضان" لمصطفى زرقين، "سورة النبأ" للخضر غزالي، وكذا "سورة العلق" لعلي زيطوط، "آمن الرسول" لبلقاسم صالحي، "آية" لمختارية بودير، "إنما المؤمنون إخوة" لرضوان شكال، بالإضافة إلى "الحمد لله رب العالمين" لمحسن كشكاش، "أسماء الله الحسنى" لمحمود طالب و"دعاء الاستغفار" لجمال فنيش. وعلى الرغم من اختلاف تناول وتطويع الخط العربي على فضاء اللوحات، سواء تعلق الأمر بطريقة رسم وصياغة تدفق الحروف أوفي تركيبها أو أساليبها أو التقنيات المعتمدة في إنجاز اللوحة، إلا أن ثمة تقاطع للفنانين كشغفهم اللامتناهي بالحرف العربي ومثابرتهم على إثراء هذا الفن بلمسات وروح مجددة تضفي على تصاميمهم متعة وقيمة بصرية فنية وفكرية تشع بالجمال والمعنى. وتتجلى من خلال هذه اللوحات، التي تم عرضها بتقنيات بصرية جذابة وإضاءة ملائمة، القيم الجمالية والروحية للخط العربي الذي يعد جزءا من الفنون العربية والإسلامية، حيث تجمع الأعمال المعروضة بين العديد من الأشكال الهندسية وبتوظيف ذكي للمد والتشابك والتزوية والاستدارة والتركيب والتداخل مع تطعيمها بزخارف دقيقة. أشارت مديرة المتحف، نجاة هجيرة كتاب، أن المعرض يتزامن مع "إحياء الذكرى الثالثة لتصنيف الخط العربي ضمن قائمة التراث العالمي غير المادي من طرف منظمة اليونسكو، وكذا مع اليوم العالمي للغة العربية" مبرزة أن "فن الخط العربي هو ممارسة فنية للخط باستعمال الأبجدية العربية" وأنه أيضا "أحد أرقى وأجمل أشكال التعبير في العالم الإسلامي". وذكرت ذات المتحدثة أن التظاهرة تعرف "مشاركة أكثر من 30 فنانا مختصا في فن الخط العربي يمثلون 12 ولاية، يعرضون أعمالا فنية متنوعة في فن الخط العربي"، مضيفة أن "مثل هذه المعارض الوطنية والدولية تسلط الضوء على قيمة التراث الثقافي الجزائري وتنوعه الزاخر والذي يشمل فن الخط العربي الذي يعد جزءا لا يتجزأ من الهوية الثقافية". وبدورها أكدت محافظ المعرض، علي باي سعيدة، أن هذه التظاهرة تهدف إلى "المحافظة على هذا الموروث الثقافي الذي يعتبر تراثا عالميا غير مادي ورمزا للثقافة العربية والإسلامية"، بالإضافة إلى "إبراز جماليات فنون الخط العربي وتقريب الفنانين المتخصصين في المجال، وتوفير فضاء لتبادل المهارات والخبرات".