يعد مركز دمغ الزرابي الذي أعيد فتحه في السنوات القليلة الأخيرة بمدينة تلمسان أحد الأدوات التي يعول عليها المهنيون والمشرفون على الصناعة التقليدية المحلية للنهوض بأنشطة صناعة الزرابي وترقية منتوجها واستعادة مكانتها. وقد عمل هذا المركز الذي افتتح في 1949 بتلمسان تحت اسم "مركز طبع ودمغ الزرابي والأغطية الصوفية" مدة سنين طويلة كأداة لمراقبة النوعية ومتابعة الإنتاج على مستوى كل المشاغل عن طريق مفتشين كانوا يحاولون توحيد المقاييس المعمول بها كي تتميز الزربية التلمسانية عن غيرها ويسهرون على جعل الإنتاج يحترم المواصفات المضبوطة مع مراقبة صارمة للوزن ونوعية المادة الأولية المستعملة. ويحظى المنتوج الذي قوبل باستحسان من طرف هؤلاء المفتشين بدمغة المركز التي هي بمثابة علامة الجودة الرفيعة والتي بواسطتها يسوق بسهولة داخل وخارج الوطن. غير أن هذا المركز قد شلت أنشطته في سنة 1988 بسبب انعدام المنتوج وتحول أصحاب مهنة النسيج إلى أنشطة أخرى الشيء الذي جعل المهنيين القليلين الذين واصلوا نشاطهم غير مهتمين بمقاييس وقواعد صناعة الزرابي المعروفة محليا كما لاحظ أحد المفتشين القدامى الذي أشار إلى مظاهر الرداءة التي بات يتميز بها هذا المنتوج التقليدي في وقت المنافسة وتفتح السوق على المنتوج الأجنبي. ومن أجل تدارك الوضع لجأت مديرية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والصناعة التقليدية بمساعدة الوزارة الوصية على إعادة فتح هذه المنشأة بعد تكوين وتأهيل المفتشين في الصناعة التقليدية وتقديم لهم دروس نظرية وتطبيقية حول المقاييس المعمول بها لمراقبة الزربية، حسب مسؤول بالمديرية الذي أكد أن القطاع "يعلق أمالا كثيرة على هذا المركز لجمع شمل المهنيين وتشجيعهم في الإنتاج وتذليل أمامهم الصعوبات". وإلى جانب إعادة فتح المركز الذي أصبح عمليا في 2010 فقد اتخذت الجهات المعنية جملة من التدابير الكفيلة بإعادة الاعتبار إلى هذه الصناعة التقليدية وإنعاشها مثل فتح فروع بمراكز التكوين المهني لتعليم هذه الحرفة مع تشجيع المستثمرين الشباب في إنشاء ورشات للنسيج بالإضافة إلى إعطاء المكانة اللائقة للزربية في مختلف البرامج الإنمائية مثل التشغيل الريفي وكذا التظاهرات الثقافية والمعارض المختلفة. وكانت ولاية تلمسان تصدر إلى السوق الأوروبي خلال الستينيات والسبعينات الماضية ما بين حوالي 350 ألف إلى 450 ألف متر مربع من الزرابي. كما كان القطاع يوفر حوالي 15 ألف منصب شغل لليد العاملة النسوية زيادة عن عدد كبير من المناصب غير المباشرة. وعرفت صناعة الزرابي بعاصمة الزيانيين في السنوات السابقة تراجعا كبيرا. وهذا جراء عدة عوامل أهمها "غياب المادة الأولية بالسوق" و"مشاكل التموين" لضمان إنتاج منتظم و"إقفال منافذ تسويق المنتوج" خصوصا إلى الخارج وعزوف اليد العاملة عن هذه المهنة الشاقة وتحولها إلى الأنشطة الأخرى التي فتحت بمختلف الوحدات الصناعية العصرية.