انسحاب الزعيم التاريخي حسين أيت أحمد من رئاسة جبهة القوى الاشتراكية، يعني فيما يعنيه أن أقدم حزب معارض في الجزائر قد دخل فعلا مرحلة الولادة الجديدة، قد تجعل من الأفافاس حزبا عصريا وفق متطلبات المرحلة، ومقتضيات العمل النضالي الحديثة التي أفرزتها التطورات الحاصلة في المجتمعات، وقد تعصف بالجبهة بسبب الصراع على التركة، تركة ظل ايت احمد على مدار 50 سنة يحملها على كتفيه، من الجبال الوعرة إلى السجون المظلمة.. إلى المنفى الإرادي أو الاضطراري... من المعارضة المسلحة إلى المعارضة الراديكالية إلى الهدنة السياسية.. والحقيقية أن المعطيات المتوفرة عن الحزب سيما في الآونة الأخيرة، تؤشر على الافافاس يسير بخطى متسارعة نحو الصراع على التركة الضخمة التي تركها الزعيم التاريخي، فالعديد من الأطراف داخل الحزب لم تكن راضية على الخيارات الأخيرة بما فيها المشاركة في الانتخابات التشريعية والمحلية وبلغ الأمر إلى درجة الحديث عن صفقة مع النظام وقبول الحزب بما ليس مستحقا له، مقابل هذا هناك جناح يسيطر على مقاليد الحكم ويعتقد أن الليونة هي وحدها من تبقي الافافاس في ساحة الوجود..وبين هذا وذاك يقف فريق آخر ظل صامتا تقديرا واحتراما لشخص ايت احمد. ومن هنا يمكن القول أن الأمور ستتجه إلى التصادم بين مختلف الأجنحة المشكلة للحزب. دورة الحياة التي فرضت على أيت أحمد الانسحاب من الحزب، حسب ما برر به قراره التاريخي، هي نفسها التي ستجعل الأجيال الجديدة التي تربت على يد الزعيم التاريخي تتنافس وتتدافع من أجل التركة. فهل سيختفي ظل حسين ايت احمد نهائيا من الافافاس ويتحرر الحزب من ثقل شخصية الزعيم أم أن هذا الظل الذي رافق الحزب منذ تأسيسه سيبقى يحتل مخيلة المناضلين؟...نتمنى للافافاس السلامة.