''كلثوم''، أو ''عائشة عجوري'' وهو اسمها الحقيقي وهي من مواليد 4 أفريل سنة 1916 بولاية البليدة اكتشفها الكاتب المسرحي ''محي الدين بشطارزي'' سنة 1935، شاركت في حوالي 20 فيلما وأكثر من 70 مسرحية، هي باختصار الفنانة القديرة كلثوم التي تألقت في فيلم ''ريح لأوراس'' للمخرج السينمائي ''محمد لخضر حامينة'' الحاصل على جائزة أحسن عمل سينمائي ''السعفة الذهبية'' في الطبعة العشرين لمهرجان ''كان'' سنة 1967، فكانت هذه الممثلة من بين من أثروا الرصيد السينمائي الاجتماعي والتاريخي في الجزائر ''كلثوم'' وجه من الوجوه القديرة التي ساهمت في صنع المشهد المسرحي والسينمائي الجزائري، فقد بدأت مشوارها الفني منذ نعومة أظافرها، وكانت مهتمة بالرقص والمسرح، وكثيرا ما كانت تترك والديها من أجل مشاهدة الممثلين والراقصين، وقد كان الفنان الراحل محي الدين بشطارزي من بين أول مكتشفي الموهبة الخارقة التي كانت تتمتع بها، بالبليدة سنة 1935، فمنحها فرصة إبراز ما تمتلكه من قوى إبداعية، وبالرغم من الأحكام المسبقة لعائلتها، إلا أنها بقيت على إصرارها للبقاء في هذا الميدان الذي أحبته دون منازع وقد جابت الفنانة الراحلة مختلف بلدان العالم من خلال الدورات الفنية التي كانت تقود الفرقة المسرحية التي كانت تنتمي إليها، إلى فرنسا وبلجيكا، فرقصت في حديقة ''ألبير الأول'' ب ''نيس'' الفرنسية أمام أكثر من 20 ألف متفرج، وجابت مختلف المدن الأوروبية على غرار ''بروكسل'' و''ليون'' و''باريس''، ومن خلال الدورة الفنية التي قادتها إلى المغرب تم اكتشاف موهبتها في التمثيل، فكانت لها تجارب مسرحية عديدة سواء من محي الدين بشطارزي أو مع رشيد قسنطيني أو مع حبيب رضا كذلك كانت مغامرة أول أوبيرا عربية بالجزائر سنة 1947، ومنذ ذلك الحين أصبحت الأدوار النسوية الأساسية تنسب لكلثوم، سواء تعلق الأمر بالتمثيل الكوميدي أو التراجيدي لقد أصبحت كلثوم تستقطب الكثير من المستمعين سواء من خلال البث الإذاعي باللغة العربية أو بالفرنسية، وجاء الدور هذه المرة على السينما التي اجتذبتها بقوة فحطت برحالها في الفن السابع، وعندما قررت أن تمضي عقدا فنيا جديدا، جاءت الرياح بما لا تشتهيه السفن، فقد تعرضت كلثوم لنوبة عصبية أبقتها بعيدة عن مسيرتها الفنية، وهو ما جعلها تمكث ببيتها ببولوغين لفترة وكان ذلك في 30 ماي 1951، لكنها عادت إلى المسرح ثانية سنة1952، حيث قامت بدور ''ديزديمونة'' في مسرحية ''عطيل''، المقتبسة من المسرحية الشهيرة لويليام شكسبير التي قام بترجمتها أحمد توفيق المدني وفي 1956 توقفت كلثوم عن نشاطاتها الفنية ولم تعد إلى خشبة المسرح الوطني الجزائري إلا بعد سنة 1963، وإلى غاية تقاعدها كان الدور الحقيقي الأول الذي تقمصته في مسرحية ''زواج بالهاتف'' لمحي الدين بشطارزي رفقة رشيد قسنطيني، وشاركت صدفة في فيلم ألماني سنة، 1945 لكن مشوارها السينمائي لم يبدأ إلا بعد عشرين سنة من مشاركتها في هذا الفيلم، أي سنة، 1965 من خلال حضورها القوي والخالد في فيلم ''رياح الأوراس'' للمخرج لخضر حمينة، والذي جسدت فيه وبإتقان دور الأم التي كانت تبحث بدون أمل عن ابنها الذي أخذته الجيوش العسكرية الفرنسية ومعاناتها بعد وفاة زوجها في قصف جوي لمنزل العائلة بمنطقة ''الأوراس''، لتموت لاحقا عند السلك الشائك الذي يحيط بمكان اعتقال ابنها بعدما كانت تحاول الاقتراب منه، وهو الفيلم الذي تمكنت فيه الفنانة باحترافية كبيرة من رسم معاناة المرأة والأم الجزائرية أثناء سنوات الاحتلال الفرنسي شاركت كلثوم في أكثر من سبعين مسرحية وفيما يزيد عن عشرين فيلما، وقد سجلت خمس أسطوانات غنائية قبل 1962 على غرار ''يا أولاد العربان'' و''عهد اثنين'' وغيرها، لكنها توقفت عن الغناء بعد أن وضعت مولودها سنة. 1954 ومنذ 1981، لم يكن بإمكانها تجسيد الأدوار، إلى أن دعتها المخرجة المسرحية فوزية آيت الحاج سنة 1987، من أجل المشاركة في مسرحية ''موت المسافر''، ولكن تم الإعلان عن تقاعدها ثمانية أيام فقط قبل العرض الشرفي لهذه المسرحية، وقد كان هذا القرار بمثابة صدمة قوية بالنسبة إليها، وهي من لم تعش مع عائلتها إلا 13 سنة، بينما عاشت في المسرح أكثر من خمسين سنة، وقد كان آخر ظهور لها بعد ذلك إلى جانب ''رويشد'' في ''البوابون'' سنة 1991، بعدما كانت لها مشاركات في فيلم ''حسان طيرو'' لمحمد لخضر حمينة سنة 1968، وفي ''ديسمبر'' لنفس المخرج سنة 1972، وغيرها من الأعمال التي تبقى خالدة لتخلد ذكرى عمالقة الفن الجزائري الذين شرفوا السينما الجزائرية في المحافل الدولية