تزامنت عودة "التقويميين" في حزبي التجمع الوطني الديمقراطي وجبهة التحرير الوطني في الأيام القليلة الماضية مع حديث عن تعديل حكومي يغري أكثر من اسم يدعو، يا للصدفة، إلى عزل بن صالح وبلعياط من تسيير شؤون "الارندي" و"الافالان"، وعشية التحضير لمؤتمر الأرندي واجتماع اللجنة المركزية للحزب العتيد يومي 29 و30 أوت الجاري. ارتفاع أصوات المطالبين بعزل بلعياط وبن صالح من حزبي السلطة يقرأه المتابعون للشأن الحزبي والسياسي على انه استباق لما سيحدث مع الدخول الاجتماعي وما يرجح وقوعه تحضيرا لانتخابات الرئاسة العام القادم، وهو ربط غير مستبعد مع حديث تروج له أوساط سياسية وإعلامية عن تعديل حكومي وشيك في سبتمبر، ما يثير لعاب لاعبين قدامى وجدد في الحزبين للظهور والاستفادة مما تعرضه السلطة والرئاسة في مثل هذه الحالات من تعيينات في مناصب حكومية وتنفيذية، ومناصب أخرى قد تكون نتاج مرحلة ما تفرضها متغيرات على صعيد الجبهة الاجتماعية مثلا. وعودة تقويميي "الأرندي" للنشاط ومعارضة الأمين العام بالنيابة عبد القادر بن صالح ومطالبته بالتنحي، عشية الدخول الاجتماعي الذي عادة ما يكون قرين تحولات سياسية واجتماعية ولو على صعيد رفع الأجور تفاديا للانزلاق .. هي شكل من أشكال الضغط والقول "نحن هنا"، التي يفهما جيدا من يسرون شؤون البلاد، ويلجأون إلى أصحاب هذه المقولة من باب "تغيير الوجوه" عندما تقتضي الحاجة، وهو "منطق" -حسب المتابعين للشأن العام- يستفيد منه من يحتكرون الواجهة إعلاميا وسياسيا في "الفترات الحرجة" على شاكلة الدخول الاجتماعي، خصوصا اذا اقترن هذا الدخول الاجتماعي بعمليات جراحية على التركيبة الحكومية، ما يوفر مناصب تنفيذية وسياسية (ولو مستشار) لمن يزرعون الفضاء السياسي باعتصامات أمام مقري "الأرندي" و"الافالان" ويوزعون بيانات نارية عن خصومهم، المتهمون في مكان ما ب"غلق الطريق" عليهم مثلما يقال. وبالنسبة ل"الافالان"، الذي تتصارع فيه ثلاثة أجنحة على المناصب والمكاسب، تحرك الداعي لعهدة رابعة النائب خاوة بقوة مؤخرا بمجرد ما فرض بلعياط مبدأ التعيين على الانتخاب، وهو مبدأ يهدد طموح خاوة "المنتخب" قبالة بلعياط "المعين" منسقا للحزب، ونفس الملاحظة تقريبا تنطبق على بلمهدي، الذي يعطي انطباعا بأنه يحضر نفسه لأمر هام مستقبلا، ولو لم تعطه القاعدة النضالية للحزب المكانة والصورة التي يطلبها. والأطراف المتنازعة على الافالان تنتظر ما سيسفر عنه اجتماع اللجنة المركزية وانتخاب أمين عام جديد، وبالتالي التموقع وفق المعطيات الجديدة لافتكاك مناصب جديدة من أسماء قديمة يحاول "شباب" الحزب افتكاكها من الحرس القديم، في إطار صراع على المناصب يتجدد كل خمس سنوات، أو متى قرب موعد تعديل حكومي يثير المنصب فيه لعاب من يطمحون إلى أجرة شهرية تفوق أجرة النائب في البرلمان بكثير، مع امتيازات أخرى كثيرة في الجهاز التنفيذي.