شرع أمس، مدير ديوان رئيس الجمهورية، احمد اويحيى، في إدارة مشاورات مراجعة دستورية أسالت الكثير من الحبر وطرحت تساؤلات عدة، حول المشاركين فيها والمقاطعين، وفضل اويحيى أن يبدأ مشاوراته بشخصيات غير متحزبة على غرار محمد صغير باباس، رئيس المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي، والشيخ بوعمران رئيس المجلس الإسلامي الأعلى والأمين العام لحركة الوفاق الوطني على بوخزنة. ولم تكشف رئاسة الجمهورية إلى غاية صبيحة أمس عن الشخصيات السياسية أو الوطنية أو قادة الأحزاب التي ستشارك في مشاورات التعديل الدستوري. وقد استقبل أويحيى هذا الأخير برئاسة الجمهورية، أولا، محمد الصغير باباس ثم الشيخ بوعمران ثم على بوخزنة. ولم يتمكن ممثلو وسائل الإعلام الخاصة من التقاط صور لمشاورات أويحيى واقتصر الأمر على وسائل الإعلام الحكومية، بينما أطلقت الشخصيات المذكورة، تصريحات عند خروجها من مكتب المشاورات لأحمد أويحيى، بنفس الطريقة التي تمت مع لجنة عبد القادر بن صالح صائفة 2011، عندما شرع في مشاورات الإصلاحات السياسية مع الأحزاب والشخصيات المعنية. ولم يبد كل من محمد صغير باباس الشيخ بوعمران، تعمقا فيما يريدانه من الدستور المقبل، وكانت اقتراحاتهما سطحية، فقد اقترح رئيس المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي "دسترة" هذا المجلس، واقترح جعل المجلس كما هو معمول بها عالميا كمبدأ في الدستور القادم، واوجب ان يتواتر عن ذلك إصدار قانون عضوي يقنن كل ما يهم التنظيم والتسيير ويحدد الأطراف الوطنية المعنية التي ستكون ممثلة في المجلس". وككل الانشغالات التي طرحتها الأحزاب في الأشهر الأخيرة، دعا باباس إلى الاهتمام بموضوع الحريات الفردية والجماعية، وهو الشق الذي ورد في وثيقة لجنة الخبراء، وموجود أصلا في بنود الدستور الساري العمل به حاليا، كما رافع باباس لصالح "ترقية دور المجتمع المدني وتجسيد الديمقراطية التشاركية لتطوير الحوكمة في بلادنا". وحسب المقترحات التي تحدثت عنها احزاب سياسية وشخصيات وطنية، على مر الأشهر الأخيرة، فإنها تنم عن تناول "سطحي" لموضوع المراجعة الدستورية، والبنود التي يتعين إدراجها في الدستور، من خلال الحديث عن عموميات، توجد اغلبها في الدستور، إلا ما تعلق ببعض المحاور الخاصة بمنع التجوال السياسي الذي اقر لأول مرة في وثيقة التعديلات الدستورية، وكذا العودة إلى تقييد الفترات الرئاسية بواحدة قابلة للتجديد مرة واحدة مدتها خمس سنوات، واستعصى على السياسيين الخوض في طبيعة النظام الذي يتعين اتباعه في الجزائر، اثر الغموض الذي يكتنف النظام الساري حاليا، وان تعددت المطالب المنادية بضرورة اعتماد النظام البرلماني، على غرار مطلب عبد الله جاب الله، رئيس جبهة العدالة والتنمية، وكذلك عدد من الأحزاب المعارضة، بينما يبقى خيار النظام الرئاسي مسيطر على عقول قادة أحزاب الموالاة. وينتظر أن يثار ملف النظام المفترض اعتماده، خلال المشاورات التي انطلقت أمس، وذلك مع قيادات الأحزاب السياسية، المشاركة، لكن دون انتظار تعمق في الطرح، لان اغلب التعديلات الجوهرية، وما يجب ان يتم تبنيه يوجد لدى المعارضة وهي المعارضة التي قاطعت المشاورات الدستورية، فيما أن اغلب المتشاورين مع احمد أويحيى، ينتبون نفس منطق ما ورد في الوثيقة تقريبا، إلا ما تعلق ببعض الجزئيات. أما الشيخ بوعمران وهو ثاني الشخصيات المتشاور معها، فقال أن لقاءه شكل فرصة للحديث حول أمور الساعة التي تهم كل المواطنين لاسيما أهمية وحدة الشعب الجزائري في الأمور الأساسية". وأفاد بوعمران "اقترحت ما استطعت حسب تجربتي في التدريس والتكوين الذي يعد أساسي في تطوير البلاد". في حين اقترح الأمين العام لحركة الوفاق الوطني على بوخزنة, تمديد العهدة الرئاسية إلى سبع سنوات على أن تجدد مرة واحدة, وذلك خلال لقاءه مع وزير الدولة مدير ديوان رئاسة الجمهورية أحمد أويحي بمناسبة المشاورات حول تعديل الدستور. وأوضح بوخزنة في تصريح صحفي عقب لقائه مع أويحيى أنه قدم وثيقة "متكاملة" ضمت جملة من الاقتراحات منها "تمديد العهدة الرئاسية لسبعة (7) سنوت حتى يتسنى للرئيس الجديد تقييم العهدة السابقة و منحه فترة لتحديد المتطلبات الجديدة في إطار إستشرافي". وجاء في وثيقة المقترحات -التي ثمنت الكثير من النقاط التي تضمنها مشروع التعديل الدستوري-- بعض الملاحظات لاسيما ما يتعلق بالديباجة, حيث اقترح الأمين العام لحركة الوفاق الوطني إدراج نص يقر بدور جبهة التحرير الوطني في مرحلة البناء والتشيد إلى غاية 1989. كما تطرق بوخزنة إلى واقع الإقتصاد الوطني الذي يمر على حد قوله ب"أزمة" بسبب الإعتماد على الريع البترولي ,داعيا في نفس الوقت إلى ضرورة استغلال العنصر البشري لخلق الثروة.