"علي موت واقف" هي الكلمة التي اشتهر بها أيقون السينما و المسرح الجزائري، الفنان "سيد علي كويرات" الذي فقدته الساحة الثقافية أول أمس عن عمر يناهز 82 سنة، بعد صراع مرير مع المرض ألزمه الفراش طيلة عشرة سنوات، أبعدته عن الساحة الفنية وعن جمهوره الذي سيفتقد لأعماله. برحيل الفنان الجزائري الكبير "سيد علي كويرات" أسد الشاشة، ستفقد الساحة التلفزيونية والمسرحية أحد أبرز الوجوه الذي صنعت السينما الجزائرية، خاصة السينما الثورية التي أرخت لأهم المراحل التي شهدتها الجزائر، تألق في العديد من الأدوار التي جسدها على مدار سبعة عقود كاملة كانت حافلة و ستبقى خالدة في ذاكرة مشاهديها، الفنان"سيد علي كويرات" ستخلده أعماله و سيظل أسمه متوهجا في الساحة الثقافية الجزائرية باعتباره أحد كبارها و أحد معالمها، يمتلك الراحل خصوصيات صنعت منه أسطورة. .. الوسط الثقافي ينعون لفقدان سيد علي كويرات أجمع عدد من الممثلين والفنانين في فضاء أن الراحل سيد علي كويرات فنان متكامل وموهبة فذة يصعب تكرارها، وأن الجزائر لم تستغل كل طاقاته الفنية ، مؤكدين أن سيد علي كويرات كان فنان متكامل و أسطورة سينمائية و إنسان بكل ما تحمله الكلمة من معان، و في هذا السياق فقد اعتبر المخرج بشير درايس، منتج آخر أعمال كويرات كممثل سنة 2012 من خلال "المفتش لوب"، أن وفاة سيد علي كويرات هي فقدان آخر المشاهير الكبار في السينما الجزائرية، وأضاف أن الراحل كان نجما بلا مثيل في الفن السابع الجزائري خلال الخمسين سنة الأخيرة، مذكرا في السياق ذاته باحترافيته الكبيرة، و عن إنسانيته التي ميزته عن باقي الفنانين. ومن جهته عبر المخرج أحمد راشدي مخرج العمل السينمائي الكبير"الأفيون والعصا"، الفيلم الذي مكن سيد علي كويرات من البروز عن حزنه و ألامه لفقدان كبير السينما و المسرح الجزائري، وأكد راشدي أن الراحل تمنى دائما تتمة لفيلم العفيون والعصا الذي عمل فيه مطولا. أما محمد يحياوي مدير المسرح الوطني الجزائري، فقد اعتبر رحيل كويرات خسارة كبيرة للسينما والمسرح الجزائري اللذين فقدا حسبه فنانا كبيرا بكاريزما وموهبة لا نظير لها، و قد عبر رئيس نائب رئيس جمعية أضواء عمار رابية عن حزنه لغياب الابن الخارق للسينما، واصفا إياه بالفنان الكبير ذو الموهبة الطبيعية والعفوية. وأعرب المخرج غوتي بن ددوش رفيق درب الفقيد منذ أكثر من 60 سنة عن أسفه لفقدان هذا "الفنان الكامل ذو الحساسية الكبيرة والذي منح كل حياته للثقافة الجزائرية"، وأكد بن ددوش الذي قدم كويرات في "حسان نية" 1982 و"الشبكة" 1975 أن الفقيد كان سعيدا جدا كلما شرع في تصوير" عمل جديد. وذكر المخرج والممثل مصطفى عياد ب"المناضل الكبير للقضية الوطنية" الذي التحق بفرقة جبهة التحرير الوطني و"كرس كل حياته للثقافة الجزائرية". وبدا المخرج حاج رحيم شديد التأثر وهو يعبر عن أسفه لرحيل "الصديق والفنان الشهم صاحب الخصال الإنسانية المتميزة، عاشق الجزائر الذي يمكنه العمل في كل أساليب التمثيل"، محييا الفنان الذي ينتمي لطينة حسان الحسني، رويشد وعلال المحب. من جهته، أعرب الفنان عبد النور شلوش عن أسفه لرحيل سيد علي كويرات و قال بالمناسبة برحيل كويرات تكون الساحة الثقافية فقدت احد أهم أعمدت الفن الجزائري، و صانع للسينما الجزائرية باعتباره كان عضوا في فرقة جبهة التحرير الوطني الذي التحق بها عندما كان مقرها في تونس،مضيفا أنه كان فنانا كبير يمتاز بالموهبة والكفاءة الفنية وكذلك يمتاز بالكثير من الكبرياء، يقول عنه انه عاش لعائلته كما عاش لفنه، مشيرا بخصوص وضعية الفن الجزائري أن ما فقدته الساحة الفنية مؤخرا سيشكل ضربة جديدة لركود الفن الجزائري، وقال أيضا سيد علي كويرات يحس بنوع من التهميش مثلما أحس به فنانون رحلوا قبله مثل حسن الحسني وغيرهم، منوها في سياق حديثه إلى الكاتب عبد الحليم ريس الذي يعيش هذه الأيام مرحلة صعبة بسبب ظروفه الصحية، ولا أحد يذكره. من جانبه قال الناقد السينمائي أحمد بجاوي أن وفاة سيد علي كويرات تعد فاجعة كبيرة للأسرة الفنية وليس لعائلته فقط، وبفقدانه خسرت الساحة الفنية أسما يصعب تكرره، لأنه صنع أمجاد السينما و المسرح بموهبته و بحرصه الدائم على تقديم ما هو أفضل، لأنه يضيف المتحدث كان يبحث عن متعة الجمهور. .. حياته ومساره الفني ولد الفنان الراحل في السابع سبتمبر 1933، بحي القصبة ، وانخرط منذ صباه بزقاق "الشاطئ الأحمر" في حركية ابتكارية لا متناهي، سنة 1950 التحق بالمسرح الوطني الجزائري وكانت هي بداياته مع التمثيل، وذلك إلى جانب فنانين كبار أمثال مصطفى كاتب ومحي الدين بشطارزي وغيرهم في ذلك الوقت، وسنة 1963 تألق مع أول فيلم له مقتبس من مسرحية "أبناء القصبة" مع المخرج مصطفى بديع، وأنتج سيد علي كويرات العديد من الأعمال المسرحية والسينمائية وتحصل إثرها على العديد من الجوائز الوطنية والأجنبية وعلى رأسها جائزة "السعفة الذهبية" التي حصدها عن إنتاجه لفيلم "وقائع سنوات الجمر" الذي دخل باب المنافسة الدولية في مهرجان "كان" الدولي، بالإضافة إلى حصوله على جائزة "الفنك الذهبي" لأحسن أداء رجالي على أحد أعماله المنجزة في السنوات الأخيرة، قدم "سيد علي كويرات" عدة أعمال بحضوره القوي الذي امتد إلى حقبة السبعينات عبر "هروب حسان طيرو" ،"عودة الابن الضال"، إضافة إلى لائحة غير متناهية لمسرحيات ثورية، وكذا أخرى مستوحاة من قالب "الفكاهة الاجتماعية"، واصل "سيد علي كويرات" عطاءاته الكبيرة، بأفلامه "الشبكة رايحة وين"، "الضحايا"، "صحراء بلوز"، "المهاجر" الذي انتجه سنة 1994، مع المخرج المصري الشهير "يوسف شاهين" والممثل "خالد النبوي" إضافة إلى أرمادة من الفنانين المصريين، "المشتبه فيهم" ، "خالي وتيلغراف" ، "الأجنحة المنكسرة" (2009)، وقبلها كان حاضرا في مسلسل "اللاعب" آخر أعمال الراحل جمال فزاز، ليختم أخر أعماله بفيلم "المفتش بوب" المقتبس عن إحدى روايات ياسمينة خضرة، للمخرج والمنتج بشير درايس.