يتميز الشعب الجزائري خلال الشهر الفضيل بعادات وتقاليد تعود إلى ما يملكه من تعدد وتنوع ثقافي وبحكم المناطق و القبائل و العروش التي تمثل نسيجه الاجتماعي، إلا أن هذا التنوع بزخمه يجد له روابط وثيقة مع باقي الشعوب العربية والإسلامية. إن شهر رمضان في الجزائر شهر صيام وعبادة وتزاور و تراحم وصدقات، لا يخلو بيت جزائري من القيام بشعائر الصيام كاملة، لمدى أهمية هذا الشهر الفضيل لدى كل الجزائريين. قبل قدوم شهر رمضان ترى الأهالي يبدؤون بإعادة طلاء المنازل ترحيبا برمضان الكريم وشراء كل المستلزمات الواجب توفيرها لهذا الضيف العزيز، وتبدأ ربات البيوت في تحضير مختلف أنواع التوابل.. وكل ما يستوجب توفيره لمائدة رمضانية تليق بالعائلة وبالضيوف الذين سيشاركونهم الإفطار خلال الشهر كله. تمتلئ المساجد في رمضان الكريم بالمصلين الذين يؤدون الصلاة وصلاة التراويح وتلاوة القران، فتقام مسابقات لحفظ القران واحتفالات دينية بالمناسبة تمتد إلى ليلة القدر المباركة التي تحظى بالاهتمام الأكبر وينتظرها كل الجزائريين بشوق ومحبة. الأطفال الذين يصومون لأول مرة، تقام لهم احتفالات خاصة تشجيعا لهم على الصوم وترغيبا في الشهر الكريم ويحظون بالتمييز من أجل دفعهم للمواظبة على أداء فريضة الصيام، فالبنات يلبسنهن أفضل ما لديهن من ألبسة ويجلسن كملكات وسط احتفال بهيج بصيامهن وتختلف مناطق الوطن في القيام بهذه العادة وسط جو أسري يحفزهم على المحافظة على فريضة الصوم. مائدة رمضان.. في هذا الشهر الكريم تتكفل جمعيات الهلال الأحمر الجزائري عبر التراب الوطني بإقامة موائد الرحمة لكل الفقراء والمساكين وعابري السبيل الذين يتعذر عليهم الإفطار في الجو الأسري المفترض في مثل هذه المناسبة، كما تتكفل الجمعيات الخيرية طيلة الشهر بتوزيع قفة رمضان وهي عبارة عن مجموعة من المواد الغذائية على الأسر المحتاجة. لمعرفة ما يطبخ من مأكولات في رمضان، عليك أن تتوقع كم هي متنوعة ومختلفة ففي الشرق الجزائري تختلف عنها في الغرب أو الوسط أو الجنوب الصحراوي. فتجد أن الشرق الجزائري يمتاز بطبق أساسي في رمضان وهو "الشربة" ويطلق عليها "الحريرة" في غرب الوطن، ولا يغيب هذا الطبق عن مائدة رمضان خلال الشهر كله، بالإضافة إلى أطباق أخرى يترك أمرها لربات البيوت اللواتي يسعدن بأن يبدعن في إعدادها للعائلة وللضيوف. تتميز منطقة الشرق الجزائري أيضا بطبق "اللحم الحلو" في اليوم الأول من رمضان، ويصنع من الزبيب والبرقوق المجفف واللحم وماء الورد والقرفة وهو تقليد قديم للمنطقة حتى يستمر الشهر كله بحلاوة اليوم الأول. بالإضافة إلى الحلويات التي تصنعها السيدات في رمضان وتعج بها المحلات في هذا الشهر مثل "الزلابية"، "قلب اللوز" "القطايف" وغيرها. تجتمع الكثير من الأسر بعد الإفطار في حركة تزاور جميلة تكثر خلال هذا الشهر بين الأهل و الأصدقاء، فبعد أداء صلاة التراويح، تلتقي النساء والفتيات للسهر و السمر وتنتشر في العاصمة وضواحيها لعبة "البوقالة" وهي تقليد جزائري قديم يقوم على الحكم والأمثال الشعبية والتي تتفنن النساء في حفظها و المحافظة على نقلها للجيل الجديد من الفتيات. ليلة القدر.. ليلة القدر المباركة كما هي ليلة قيام وتلاوة وذكر ودعاء إلى الله عز وجل كليلة هي الأفضل عند الله من ألف شهر، تجدها الأسر والجمعيات الخيرية مناسبة، لتقيم ختانا جماعيا للأطفال في جو أسري بحضور الأهل والأقارب وفي أجواء احتفالية رائعة.