حذرت جريدة «واشنطن بوست» الأميركية من زيادة قوة تنظيم «داعش» واستهدافه تونس من داخل معاقله في ليبيا، مؤكدة أن الهجوم الأخير الذي شهدته مدينة بن قردان الحدودية دليل على ضعف وهشاشة الوضع الأمني في تونس، التي تحاول «احتواء تداعيات ثورات الربيع العربي». وأثارت الهجمات «المعقدة» التي نفذها مقاتلو التنظيم في مدينة بن قردان، وفق توصيف الجريدة الأميركية، مخاوف جديدة من محاولة «داعش» ليبيا التمركز في تونس وتحويلها إلى ملاذٍ آمن له، وأسفرت الاشتباكات داخل المدينة عن مقتل 52 مسلحًا و12 شرطيًا وثمانية مدنيين وإصابة العشرات. ورأت الجريدة أن هجمات بن قردان كانت «انتقامًا بسبب الضربة الجوية الأميركية في مدينة صبراتة، التي قتلت القيادي التونسي نور الدين شوشان» ومحاولة من قبل «داعش» لخلق مركز جديد له خارج ليبيا في ظل تحرك واشنطن وحلفائها للتدخل عسكريًا ضده في ليبيا. وكانت قوات الأمن التونسية عثرت على مخازن للأسلحة داخل بن قردان قادمة من ليبيا، في إشارة إلى العلاقة الوثيقة بين «داعش»، وشبكات التهريب في ليبيا التي تساعده في زيادة أرباحه والاستمرار في إشعال الأزمة. ونقلت الجريدة في تقريرها أمس الجمعة عن رئيس إدارة وحدات مكافحة الإرهاب بتونس، محمد معالي، أن ليبيا تحولت إلى «تهديد حقيقي لأمن تونس، فمع زيادة الحملة العسكرية في سورية، أصبحت ليبيا المقصد الأول للتنظيم حيث لا يوجد أي سلطة مركزية أو نظام، فليبيا بمثابة جنة للتنظيم». وعزت الجريدة ارتفاع أعداد التونسيين المنضمين ل«داعش» في ليبيا إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية بتونس وارتفاع نسب البطالة. وقالت إن كثيرًا من العائلات بمدينة بن قردان تعتمد بشكل أساسي على تهريب الأسلحة والوقود والبضائع من وإلى ليبيا. ورأت الجريدة أن الغارة الأميركية ضد مركز تدريب تابع ل«داعش» في مدينة صبراتة دليل قاطع على نية التنظيم استهداف تونس وشن مزيد من الهجمات الإرهابية داخلها، وعلى زيادة أعداد المقاتلين التونسيين ضمن صفوف التنظيم، وفق «واشنطن بوست». وتعد تونس المصدر الأول للمقاتلين الملتحقين بتنظيم «داعش» في سورية والعراق، ومع زيادة الحملة العسكرية ضد التنظيم، وتشديد إجراءات الأمن على الحدود التركية توجه مزيد من التونسيين إلى ليبيا للالتحاق بصفوف التنظيم. وغادر مئات الآلاف من الشباب مدينة بن قردان خلال السنوات العشر الماضية للالتحاق بالقتال في العراق وأفغانستان، وكانوا ضمن الصفوف الأولى في التنظيمات المتشددة لمهارتهم القتالية، إذ قال قائد تنظيم «القاعدة» أبو مصعب الزرقاوي: «إذا كانت بن قردان قرب الفلوجة لحررنا العراق».