بعد الحوار الذي أجريناه مع الحضري وكان انفرادا ل “الهداف” وبما أن مصر تعيش أزمة سياسة كبيرة غطت على كل الأحداث بما في ذلك دورة كأس إفريقيا للمحليين المقامة السودان.. ارتأينا الحديث إلى مدرب الأهلي السابق حسام البدري الذي يقود حاليا المريخ السوداني وتجمعه ذكريات كثيرة بالكرة الجزائرية وحتى لغط خاصة بعد مباراة شبيبة القبائل والأهلي المصري في تيزي وزو، واستمرت ترتيبات الحوار 3 أيام، التقيناه يوم أمس في شقته بعد التدريبات حيث يقيم في العمارة نفسها التي يسكن بها الحضري في العمارات 2، وكان سعيدا برؤيتنا رغم أن بعض الصحفيين السودانيين راهنونا على أنه لن يتكلم لأنه متعصّب نوعا ما. شكرا على استضافتك لنا في شقتك في الخرطوم، كيف هي أحوالك؟ أهلا بكم كإخوة عرب وكزملاء في مهنة كرة القدم، أنا موجود في السودان كما تعرفون وأتولى مهمة تدريب فريق المريخ، أتمنى أن يوفقني الله في تجربتي الجديدة التي تعتبر الأولى لي خارج مصر لهذا أعتبرها مميزة وبمثابة رهان كبير لي. كل الشعوب العربية متأثرة بما يقع في مصر الآن، بالنسبة لك كمصري ما تعليقك على ما يحصل؟ أنا حزين لما وقع في بلدي وسعيد لأن الشباب عبّر عن رأيه وتمكن من أن يصنع تغييرا ولو طفيفا حتى الآن، الشيء الذي حز في نفسي هو الانقسام الواقع فقد كنت أتمنى أن يكون الجميع على كلمة واحدة لأن اختلاف أبناء البلد الواحد كان يجب أن يكون في أطر ديمقراطية وليس عن طريق العنف والتجاوزات التي تشعرني بالخجل، لكنني متفائل بالفترة القادمة. المصريون كما قلت انقسموا إلى من هم مع الرئيس حسني مبارك أو ضده، أنت أين تقع من كل هذا؟ التغيير صار شيئا محتما، لكن أقول إن الشباب يجب أن يغيّر بهدوء وعلى خطوات حتى لا تسود الفوضى مصر ولا تستغل العصابات الفوضى للنهب والسلب وأعمال التخريب والإجرام، فهناك مواطنون عزّل سقطوا أيضا في هذا المستنقع وممتلكاتهم خربت وهذا شيء لا نرضاه مهما كانت مواقفنا اتجاه الرئيس، فالرئيس قال إنه لن تكون له عهدة جديدة، كمواطن مصري عاقل أطالب بتركه يكمل فترته المتبقية حتى لا تعم الفوضى ولا نترك المجال للعصابات التي يمكنها أن تعيدنا إلى أزمان غابرة وبعد ذلك كل شيء سهل. أحداث العنف التي حصلت جديدة على مصر وأكيد أنها فاجأت العالم العربي كله، هل انتظرت ثورة كهذه؟ نعم جديدة وشخصيا لم أنتظر أن تقع بهذه الحدة، أنا من مواليد 1960 يعني عمري 50 سنة ولم أر مظاهرات بهذا الحجم، لكن هذه هي أحوال الشعوب، فتارة تتحرك تحتها براكين تجعلها تثور وما أتمناه أن تكون الأيام القادمة أفضل من هذه. كنت في مصر ونريد الاطمئنان على عائلتك وأصدقائك. الحمد لله، المظاهرات كانت بعيدة ولم يصبنا منها شيء. التحاقك بالمريخ، فاجأ كثيرين باعتبار أنه لم يسبقه ترتيبات، كيف التحقت به وماذا تنتظر من هذه التجربة الجديدة لك؟ اختياري للمريخ أسعدني خاصة بعد تركي الأهلي الذي قدمت استقالتي منه وفضلت ألا أبقى، ومثلما تعرفون النادي الأهلي يواجه صعوبات كبيرة تتمثل في أنّ معظم العناصر الموجودة والتي كانت حاضرة في البطولات السابقة بدأت الأعمار السنية لها ترتفع وكفاءتها الكروية تقل، فبدأت أقوم بترقية الناشئين وأحاول خلق مزيج بينهما وبالفعل نجحت والموسم الماضي حققت لقب الدوري العام رغم الصعوبات الكبيرة جدا، كما فزت ببطولة السوبر ولعبت رابطة أبطال إفريقيا أين وصلت إلى المحطة قبل النهائية وخسرنا بالطريقة التي تعرفونها أمام الترجي التونسي كما وصلت إلى نهائي كأس مصر، وأعتقد أن مدربا لما يتولى المسؤولية هذه لأول مرة بمفرده فهي إنجازات كبيرة تحسب له، وبالمقابل وجدت أنه لا يوجد تفهم ولا وعي لدى الجماهير بالإنجازات التي حققتها، ويبدو أن بعض المناصرين تعودوا على وجود أجنبي وهذه مشكلة كبيرة جدا لأنني أقول إنني من خلال عملي مع 4 مدربين أجانب، هم كوفرير، دكسي، جوزي وتوني أوليفرا بعضهم فعلا ناجح ولا اختلاف في ذلك لكن الآخرون محدودون للغاية، المدرب المصري أفضل من بعض الأسماء التي ذكرتها، عندما وجدت أن الجماهير لم تفهم هذا الشيء وأنني أعمل في جو مغاير غير الذي كان قبل 5 سنوات فقررت أن أنسحب، فأبو تريكة ووائل جمعة اللذان كان عمرهما 25 و27 أو 28 سنة عمرهما اليوم 32 سنة وأكثر ومع هذا حققت إنجازات. قلت إن الأهلي تغيّر، هل كبر سن اللاعبين هو المبرر الذي جعله يغيب عن ساحة التتويجات الإفريقية في المدة الأخيرة؟ بالفعل، أكبر سبب هو سن اللاعبين، وهذه سنّة الحياة، في أوقات كان ميلان يبسط سيطرته ويتسيّد العالم بالنسبة للفرق الكبيرة، لكن لما يكبر الفريق من حيث السن يحصل اختلال وتتغيّر موازين القوى أو كما نقول عندنا تغيير جلد، وهذا شيء طبيعي، لكن من الممكن أن جماهير النادي الأهلي لم تتقبل هذه الحقيقة وهو الأمر الذي دفعني إلى المغادرة بعد أن حققت إنجازات، وأكبر إنجاز هو أنني تركت الفريق في القمة، كان في المرتبة الأولى واليوم هو الثالث. خضتم مباراة أمام شبيبة القبائل في دور المجموعات الإفريقية وهي مباراة انتهت وسط كلام كثير، ماذا تتذكر منها؟ الحكم الذي اسمه كوكو كان سيئا وهو على فكرة مشهور في إفريقيا بأنه يؤجَّر، لما يكون هناك لقاء يجب أن يُحسم يكون كوكو من الأسماء المرشحة ليمارس هذه اللعبة القذرة، التحكيم أثر كثيرا في تلك المباراة، شبيبة القبائل فريق جيد لكنه لا يملك الخبرة التي تمكنه من الحصول على بطولة رابطة أبطال إفريقيا، وهذا الكلام كنت أريد قوله عندما كان يتنافس على اللقب لكن احتفظت به لنفسي، رأيت حماسا من قبل الفريق لكن لا وجود لثقل كبير يؤهله لنيل بطولة بهذه القيمة، لكنه بالفعل الآن غير قادر وطموحاته من الممكن أن يحققها فيما بعد، لكن في تلك الفترة كنت متأكدا بأنه لن يحصل على البطولة. لم تحدثنا عن تلك المباراة. المباراة كانت فيها مرحلتان شوط للشبيبة وشوط لنا، لكن أعتقد أن التحكيم ساعد كثيرا، الهدف الذي سجلناه لم يكن من وضعية تسلل وأنتم شاهدون على ذلك، كانت لنا فرص لمصلحتنا خاصة في البداية عن طريق انفراد كان يمكن أن يغيّر وجه اللقاء، وفي لقاء القاهرة كنا أفضل بكثير وحاصرناهم في منطقتهم لكن لم يكن هناك توفيق كبير، لم نكن “كويسين” من حيث الحظ، كما أن السيادة التي كانت لنا قبل المباراة والترشيحات أحدثت حالة ارتخاء وسط اللاعبين. أنت متهم من قبل الجماهير الجزائرية بأنك أشرت إلى أنصار الشبيبة بالذبح متوعدا إياهم في العودة، هل قمت بهذا الشيء فعلا؟ لا لا “ما عملتش كده خالص”، أنا سكتت ولم أتصرف بأية طريقة رغم أنني كنت متضايقا جدا من الأجواء الموجودة في الملعب لأن الشبيبة كانت فائزة وكل شيء في مصلحتها وكانت تلعب بطريقة جيدة، وحتى مع التعصب الشديد للجمهور لم أفعل شيئا مما ذكرته. لكنك كنت منفعلا وفقدت أعصابك كثيرا. من الأجواء نعم ومما سبق المباراة حيث ذهلت لأنني أعتقدت أن لقاء الأهلي والشبيبة هو الذي سيصلح العلاقات بين الجزائر ومصر لأنها علاقة قطرين كبيرين بينهما مودة وترابط، لكن بعض التصرفات أضرت كثيرا وأعتبرها من بعض الدخلاء، وتتذكرون ونحن في طريقنا إلى التمرين رشقت حافلتنا بالحجارة حيث كسروا لنا الزجاج، هذا شيء كان غريبا جدا خاصة أنني جئت بفكرة أن هذه المباراة ستضع اليد على الجرح وتُنهي الصراع الكروي الذي أخذ أبعادا أخرى، لكن مهما يكن فهي مباراة وانتهت وستستمر العلاقة الطيبة. ما هو السبب الذي أفسد العلاقات الجزائرية – المصرية، في وجهة نظرك؟ لن أقول كلمة أفسد لأن العلاقات الجزائرية مستمرة ولن تفسد، يجب أن لا نقيس علاقة بلدين بمباراة كروية، لكن ردا عن سؤالك أعتقد أن بعض الوسائل الإعلامية هي التي لم تحسن استغلال المباراة ونشرت الإثارة بين الجماهير المصرية والجزائرية. هناك من شتم شهداء الجزائر عبر قناة “مودرن”، ما رأيك في أمور مثل هذه؟ أنا أرفض هذا الكلام رغم أنني لم أسمعه شخصيا، وإذا كان هناك من قاله فهو مخطئ كثيرا، وأنا بالنيابة عنه أعتذر لكل الشعب الجزائري لأن شيئا مثل هذا لا يمكن إدخاله في كرة القدم بحجة الحماس، وكان يفترض أن توظف في الحديث عن المباراة كلمات من مجال الكرة وليس الدخول في مثل هذه الأمور التي صراحة أنا ضدها. هناك لاعبون مصريون بعد أن أنهوا مشوارهم الكروي تحولوا إلى إعلاميين ومنهم اللاعب السابق للأهلي الذي تعرفه جيدا مصطفى عبده الذي تجاوز كل الحدود وكان وقحا في حصته “الكرة في دريم“ وشاهدنا في مرات كثيرة سقطاته غير اللائقة كلاعب دولي سابق على الأقل، كيف تفسر هذا المستوى المتردي للاعبين السابقين الذين كان يفترض أنهم من يلطفون الأجواء وليس يشعلونها؟ أعتقد أن الكابتن مصطفى عبده شعر بالخطأ وبما تسبب فيه في حق الإخوة، وبعد ذلك أشاد كثيرا بالجزائر وشبعها وهذا وعي منه، لكن يجب أن نعذر أي واحد أخطأ انطلاقا من أننا بشر والخطأ وراد جدا، وكل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون، وهو تاب فمن الأفضل أن نغلق الموضوع. قدومك كان لتدريب المريخ الذي يلعبه في أم درمان وهو ملعب يحتفظ بذكريات تاريخية للجزائر وسيئة لمصر، هل أخذت هذا الأمر بعين الاعتبار لما جئت إلى هنا أم لا؟ أكيد أنني تذكرت عندما جئت إلى هنا تلك المباراة الحزينة، لكن يجب أن نفصل بين هذه الأمور، أنا أعرف معنى كلمة رياضة وكلمة خسارة ومكسب وهذه هي الرياضة أنا أعرف هدفها ولا يمكن أن تؤثر في علاقة شعوب وأفراد، بالعكس هي تنافس شريف يترك كلاعب يستمتع باللعب وبالتنافس والاستماع بلحظة انطلاق أي مباراة بالنسبة للجمهور، لكن بعد صافرة الحكم من المفترض أن تنتهي القصة ولا يجوز أبدا أن نربط مصير شعوب بنتائج مباريات، هذه الرياضة للروابط والاستمتاع وفقط. كيف شاهدت تراجع المنتخب الجزائري بعد كأس العالم؟ صراحة أنا حزين على مستوى المنتخب الجزائري في كأس العالم، لكن أقول إنه في بعض الأحيان تجد جيلا مميزا عن آخر، قبل هذا الوقت المنتخبات الجزائرية في كأس العالم أدت بشكل ممتاز للغاية وكانت لها أجيال عظيمة بلاعبين مثل لخضر بلومي، وعصاد وماجر، كل هؤلاء لاعبون موهوبون، والجيل الحالي أقل موهبة من الجيل السابق. هل لك ذكريات مع الكرة الجزائرية؟ لي ذكريات كثيرة مع الكرة الجزائرية، حيث واجهت إتحاد العاصمة وشباب بلوزداد والقبائل وأقدّر جدا الكرة الجزائرية، لكن أمنياتي أن تعود إلى مستواها المعهود لأن السنوات الأخيرة لا تليق باسم الجزائر وشبعها ومستوى الأجيال الذهبية السابقة. هناك لاعب جزائري دربته ولم يأخذ فرصته هو سعيود أمير، لماذا؟ لا، سعيود أخذ الكثير من الفرص معي، أمير لاعب فذ وموهوب لكن لسوء حظه أنه لم يتكوّن في الصغر، لا أقول في الجزائر لكن ربما انضم لفرق كروية وهو كبير في السن دون تدرّج، مشكلته بدنية، فبمجرد التدرب مرتين أو ثلاث مع فرق كبيرة وبأعلى مستوى تجده يتشكي من الإجهاد والإصابات العضلية، وأنا كنت أتمنى أن أستعمله، لكنه كان كلما يتدرب يصاب لهذا السبب لم يأخذ فرصته معي رغم أنني كنت أضع فيه ثقة شديدة وهو يعرف هذا الشيء. من الممكن أن تواجه مولودية الجزائر في رابطة أبطال إفريقيا في الدور ما بعد القادم، هل لك فكرة عن المنافس؟ أتمنى أن أزور الجزائر من جديد ونقدم صورة رائعة كأشقاء، في الوقت الحالي أعرف المولودية كاسم وليس كلاعبين أو كهيكل، لكن لو تأهل المريخ سأتابع كل الفرق التي سأواجهها، والمولودية من الفرق الكبيرة وأتذكر هذا الفريق وأنا لاعب في أشبال النادي الأهلي سنة 1976 لما أقصوا الأهلي من كأس إفريقيا للأندية البطلة، وكان لكم حارس عظيم. هو الحارس كاوة المتواجد كمدرب لحراس المنتخب الجزائري للمحليين. نعم، وأتذكر أنه كان أفضل لاعب في تلك المباراة، كان بشعره الطويل صورته بين عيني مثل اليوم، هو حارس عظيم ولن أنسى ما فعله بنا. هناك فريق جزائري أيضا في الواجهة الإفريقية، هل تعرفه؟ نعم هو وفاق سطيف، وتابعته في رابطة أبطال إفريقيا وفيه لاعب ممتاز من اللاعبين الذين كنت أريد أن أضمهم الى النادي الأهلي. تقصد جابو. نعم، هو اللاعب الممتاز الذي يلعب في الوسط بالرجل اليسرى، إنه رائع. وصل للاعب عرض من النادي الأهلي، هل كنت وراء الرغبة في الحصول على خدماته؟ نعم، أنا من أصررت على استقدامه، إعجابي الشديد به كان السبب لكن الصفقة تعطلت في البداية ولم نفلح في استقدامه، أعتقد أن مستقبلا كبيرا في انتظاره. هو متواجد مع منتخب المحليين في السودان، هل ستتابع الجزائر؟ نعم، وأتابع هذه الدورة ككل خاصة أن هناك لاعبين في فريقي يشاركون مع السودان ويواجهون الجزائر، وهي فرصة لي للاستمتاع بمشاهدة لاعبي فريقي وهذا اللاعب المهاري. شكرا لك. العفو، وبلّغوا سلامي إلى كل الجزائريين وأؤكد لهم أن علاقتنا ستبقى قوية ولن تتأثر بفعل الدخلاء، وأتمنى غدا أفضل لبلدي مصر التي أعطتني الكثير.