من يتابع كرة القدم الإفريقية على العموم، فإنه دون شك يتعرف على الحارس الدولي السابق للمنتخب المغربي طارق الجرموني، الذي شارك معه في نهائيات كأس أمم إفريقيا 2006 التي جرت في مصر، وصنع الجرموني لنفسه إسما لامعا عندما لعب للجيش الملكي، الوداد البيضاوي، ‘'دينامو كييف'' الأوكراني قبل أن يحط الرحال في نادي الرجاء البيضاوي. واستغلينا فرصة متابعتنا لإحدى الحصص التدريبية للرجاء من أجل الاقتراب من هذا الحارس الخبير صاحب 34 عاما، من أجل الحديث معه عن المباراة القادمة بين المنتخبين الجزائري والمغربي. السلام عليكم، معك صحفي من الجزائر ولا أعتقد أنك سترفض الرد على بعض الأسئلة، أليس كذلك؟ — (يضحك) نعم بالتأكيد لن أرفض، فأنت ضيف عندنا اليوم ومن غير المعقول أن أخيب ظنك. تفضل أخي فأنا هنا في خدمتك وتحت تصرفك. شكرا لك، لماذا لا يوجد الجرموني منذ مدة مع منتخب المغرب؟ — لقد عشت فترات صعبة للغاية في 2007، حين كنت قبل ذلك الحارس الأساسي في المنتخب المغربي وشاركت في نهائيات كأس أمم إفريقيا 2006، قبل أن يتم الاستغناء عني بسبب مشاكل حدثت لي مع فريقي السابق الجيش الملكي، الذي لم يرد منحي وثائقي طلبت الرحيل ولكن مسيروه لم يسمحوا لي بذلك، وبقيت موسما بأكمله دون منافسة ومن حينها فقدت مكانتي في المنتخب. ما الذي فعلته في الموسم الأبيض الذي قضيته؟ كنت أتدرب بانتظام واستغليت ابتعادي عن المنافسة من أجل القيام بفريضة الحج. ولماذا لم تعد بعد ذلك؟ — لا أدري، وأرى أنه من الأجدر طرح هذا السؤال على المدربين الذين تعاقبوا على تدريب المنتخب، لأنني استعدت كامل لياقتي وأوجد في أحسن حالة ممكنة وأنتظر بفارغ الصبر العودة مجددا إلى بيت الأسود. على الرغم من كل هذا التهميش لم تقطع الأمل في تلقي الدعوة، كيف ذلك؟ — صحيح أنني عانيت من التهميش، لكنني لم أفقد الأمل خصوصا مع التحاق المدرب الجديد إيريك ڤيريتس الذي أكد أن الباب مفتوح أمام الجميع دون استثناء، وأنه سيختار الأحسن من اللاعبين سواء داخل أو خارج أرض الوطن. ألا ترى أن سنك لا يسمح لك بذلك؟ — لا إطلاقا فأنا أبلغ 33 سنة فقط وبالنسبة لحارس مرمى لا يزال أمامي الكثير في المستوى العالي، والمثال حي بوجود حراس مثل ‘'فان دير صار'' الهولندي الذي يبلغ من العمر 40 سنة ولا يزال يلعب في أكبر الأندية، ويتعلق الأمر بنادي مانشستر يونايتد ولعب نهائي كأس العالم مؤخرا في جنوب إفريقيا. لكن الأكيد أنك لن تكون معنيا بمواجهة الجزائر أمام المغرب نهاية شهر مارس، أليس كذلك؟ — (الحوار أجري قبل الإعلان عن قائمة المنتخب) لا، أنا لا أنتظر تلقي الدعوة من الناخب الوطني لأنني أعاني من إصابة أبعدتني عن الميادين لشهر ولا أعتقد أن ڤيرتس سيجدد فيّ الثقة خلال هذه الفترة لأنه يوجد آخرون هم أحسن مني. من دون شك تتحدث عن الحارس نذير المياغري... — نعم نذير حارس جيد لديه الخبرة اللازمة والإمكانات التي تسمح له بأن يحرس عرين المنتخب دون أي مشكل. المياغري سيكون الحارس الأساسي بنسبة كبيرة أمام الجزائر، هل ستتحدث معه قبل هذا اللقاء؟ — نذير صديقي وهو إنسان رائع لا أعتقد أنه بحاجة إلى نصائح، لأنه يعرف جيدا كيف يتعامل مع مثل هذه المباريات، ويحضر لها كما ينبغي وسيكون في المستوى إن شاء الله. بما أننا تحدثنا عن لقاء الجزائر، كيف تراه من الوهلة الأولى؟ — هذه المباراة قيل عنها الكثير منذ أن أسفرت القرعة عن تواجدنا في نفس المجموعة، وشخصيا تمنيت لو لم نقع في نفس المجموعة لكن هذا ليس خوفا منكم (يضحك). لماذا إذن تمنيت عدم وقع المنتخبين في نفس المجموعة؟ — تمنيت ذلك لأنني أريد أن تتأهل جميع المنتخبات العربية ويكون هناك أكبر تمثيل في كأس إفريقيا القادمة، ومن المؤسف أن يقصى الجزائر أو المغرب في التصفيات في الوقت الذي يكون باستطاعة كل منتخب التأهل لو يكون في مجموعة أخرى. وماذا يمكن لك أن تقول لنا عن مباراة نهاية شهر مارس؟ — هذه المباراة خاصة من كل النواحي والجميع ينتظرها بفارغ الصبر، نحن هنا في المغرب نتحدث عنها باستمرار وكأنها مباراة حاسمة لكن في حقيقة الأمر هي ليست كذلك، إذ لا تزال ثلاث مباريات أخرى بعدها، لكن نتيجة هذا اللقاء ستكون مهمة للغاية ومؤثرة لما هو قادم. نفهم من كلامك أن تأشيرة التأهل لن تخرج من الجزائر أو المغرب، أليس كذلك؟ — بنسبة كبيرة نعم، فالتأشيرة لن تفلت من الجزائر أو المغرب لأن تانزانيا وإفريقيا الوسطى ليس لديها المستوى الذي يسمح لها بالصمود إلى غاية نهاية التصفيات. وكيف تفسر النتائج المحققة؟ — ما فعلته إفريقيا الوسطى لا يعني أنها ستتأهل إلى “الكان”، بل على المغرب والجزائر أن يظهرا بوجههما الحقيقي ولن يكون الخطر من إفريقيا الوسطى أو تانزانيا، والمنتخب الذي يحصد أكبر عدد من النقاط في مبارتي الذهاب والإياب بين الجزائر والمغرب سيتأهل لا محال. وكيف ترى حظوظ المغرب عند مواجهته الجزائر؟ — حظوظ منتخبنا الوطني لا تزال قائمة وهذه المباراة صعبة للغاية ولا أحد يمكنه أن ينكر ذلك، فالضغط يزداد من يوم لآخر والكل يعلم هنا في المغرب أن لقاء الجزائر أهم مرحلة يمر بها المنتخب من أجل بلوغ الهدف المنشود، وبذلك فالجميع يركز على هذا اللقاء ويأمل في تحقيق نتيجة إيجابية. وما هي حلول المنتخب المغربي للفوز في هذا اللقاء؟ — لن تكون هناك أية حلول في مثل هذا النوع من اللقاءات التي تلعب على حيثيات صغيرة، ومن يحسن إستغلال الأخطاء وتسجيل الأهداف ستكون له الغلبة. وبالتالي فإن لاعبينا مطالبون بالتركيز كما ينبغي فوق الميدان، وعدم التأثر بالضغط الشديد الذي سيكون يوم اللقاء في المدرجات بطبيعة الحال. هل تقصد بكلامك حدوث تجاوزات من الأنصار؟ — لا إطلاقا، أنا لا أقصد حدوث تجاوزات، بل بالعكس لما يتواجد منتخبنا في الجزائر، فكأنه في المغرب ولا خوف عليه. فلاعبونا سيكونون في بلدهم الثاني من دون نفاق ونحن ندرك جيدا ذلك. لكنني أتحدث عن الضغط الطبيعي الذي يكون في المدرجات لأننا نرتقب تواجد أعداد غفيرة من الأنصار مثلما عوّدتنا عليه مباريات المنتخبين المغربي والجزائري، سواء عندنا أو عندكم لا غير. أكد لنا البعض هنا في المغرب أنه في لقاء العودة سيلقى المنتخب الجزائري نفس المعاملة التي يعامل بها المنتخب المغربي في لقاء الذهاب، ماذا يعني ذلك؟ — (ينزعج) المعاملة ستكون ممتازة في العودة مهما حدث في الذهاب وأنا متأكد من هذا، فالمغاربة لا يمكنهم أن يسيؤوا لأي أجبني فما بالك لما يتعلق بالجزائر. أنتم إخواننا تربطنا اللغة، الدين، التاريخ المشترك ولا يمكن لجلد منفوخ أن يجعل العلاقات تتأثر بسبب تجاوزات فلان أو علان. إذن أنت تستبعد أن يتكرر ما حدث بين الجزائر ومصر في التصفيات السابقة؟ — بالفعل لن يتكرر ذلك، لأننا لسنا كالمصريين فنحن إخوة ومستحيل أن تكون هناك اعتداءات أو ما شابه ذلك، لأننا نحب بعضنا البعض من دون نفاق ولن نترك الفرصة مجددا للغير كي يشمت فينا. فيكفينا ما تعانيه الأمة العربية من الشرق الأوسط إلى المغرب العربي الكبير، والمباراة بين المغرب والجزائر فرصة للتقارب بين الشبان والتعارف، وفي نهاية المطاف جميعنا سيهنئ الفائز ويتمنى له التوفيق في بقية المشوار. في مثل هذا النوع من المباريات الضغط يكون أكثر على حراس المرمى، أليس كذلك؟ — الضغط سيكون على الجميع بمن في ذلك حراس المرمى، المطالبون بالتحضير أكثر من غيرهم لأن أي حارس مطالب بأن يكون يقظا ويمنح الثقة اللازمة لرفاقه منذ البداية، والدخول مبكرا في اللقاء وتحقيق الوثبة على حساب مهاجمي الفريق المنافس، وأتحدث هنا عن المنتخبين. هل تعرف حراس المنتخب الجزائري؟ — أعرف حارس وفاق سطيف وأقصد بذلك شاوشي، الذي يملك إمكانات كبيرة واكتشفته في اللقاء الفاصل أمام المنتخب المصري في السودان، وبعدها تابعته في كأس إفريقيا الأخيرة واستوقفني في لقطة شجاعة. ما هي؟ — على ما أعتقد شاوشي كان يعاني من إصابة حينها، ولكنه واصل اللقاء وفي إحدى اللقطات تصدى لكرة قوية سددها مهاجم كوت ديفوار دروڤبا كان الجميع يعتقد بنها ستسكن الشباك وأنا شخصيا اعتقدت ذلك، لكن الحارس الجزائري تصدى لها بكل شجاعة وأدخل الشك بعدها في نفس دروڤبا الذي خسر تحديه في تلك المباراة، وأهنئ شاوشي على ما قام به آنذاك لأنه أدهشني بتحديه وشجاعته. وهل تعرف الحارس مبولحي؟ — لا أعرف مبولحي بل أعرف حراس آخرين على غرار مزايير الذي سبق له اللعب في المنتخب الجزائري لسنوات عديدة، وكذا الحارس ڤاواوي الذي تأسفت لتضييعه لعب المباريات في المونديال بعد تألق شاوشي. بما أنك تأسف على ڤاواوي فإنك كنت تتابعه، أليس كذلك؟ — نعم ڤاواوي حارس من نفس جيلي وهو يبلغ ربما نفس عمري، وطبيعي أن أتابعه لأنه ساهم بقسط كبير في تأهل الجزائر إلى نهائيات كاس إفريقيا الأخيرة بأنغولا وكأس العالم، لكنني تمنيت لو شارك على الأقل في مباراة واحدة بالمونديال عرفانا له بالتضحيات الكبيرة التي قام بها، طيلة السنين التي قضاها مع المنتخب الجزائري. هو الآخر غادر المنتخب من الباب الضيق، ما تعليقك؟ — للأسف في كرة القدم لا يمكنك أن تبقى دائما نجما تسطع، اليوم أنت الرقم واحد وغدا تصبح لا شيء وأعتقد أن ڤاواوي يفهمني جيدا فأنا أيضا كنت الرقم واحد في المغرب، وبعد مروري بفترات فراغ أصبحت لا شيء لكنني لم أستسلم وعدت بكل قوة والحمد لله. هل سبق لك مواجهة المنتخب الجزائري أو الأندية الجزائرية؟ — لا لم يسبق لي مواجهة المنتخب الجزائري الأول لكنني واجهت المنتخب المحلي في التصفيات من قبل وتفوقت عليه (يضحك). هل ترى أن حراس المرمى سيكون لهم دور كبير في حسم نتيجة الجزائر مع المغرب؟ — نعم أرى بأن الحراس سيكون لهم دور فعال في حسم النتيجة النهائية لهذه المباراة. ما هو تكهنك بنتيجة اللقاء؟ — والله التكهن صعب للغاية، لكنني أتكهن بفوز المغرب هدف دون رد. ومن يسجل هذا الهدف؟ — مروان الشماخ. لعبت للوداد البيضاوي والآن أنت في الرجاء ويقال إن الضغط شديد في هذا الداربي، هل تعتقد أن نفس الضغط سيكون يوم مباراة الجزائر والمغرب؟ لا يمكنك تصور شدة الضغط في داربي الرجاء والوداد ولكن الضغط ليس نفسه، لأن الأمر هذه المرة يتعلق بالمنتخبات والتصفيات تختلف عن مباريات البطولة. كان لك تجربة في أوكرانيا وبالضبط في ‘'دينامو كييف''، حدثنا عن ذلك؟ — قضيت موسما واحدا في أوكرانيا مع نادي ‘'دينامو كييف'' موسم 2002-2003، واكتشفت أن المستوى هناك ليس أحسن بكثير من المستوى عندنا في المغرب أو في إفريقيا على العموم. وبما أنني إنسان متديّن وملتزم لم أستطع التأقلم مع الأجواء المعيشية هناك، وقررت العودة إلى البطولة المغربية مباشرة بعد انقضاء الموسم، والتحقت حينها بالجيش الملكي الذي حصدت معه عدة ألقابا والحمد لله. هل ستتنقل إلى الجزائر لمساندة رفاقك في عنابة؟ — لا أعتقد وسأشجعهم من خلال الحديث مع أصدقائي في المنتخب هاتفيا، لكنني سأفعل ذلك في مباراة العودة التي ستجرى عندنا في المغرب وسأتنقل بحول الله إلى الملعب، ولم لا ربما يومها سأكون حارسا في المنتخب (يضحك). ما هي الرسالة التي توجهها إلى الجماهير الجزائرية التي ستطالع هذا الحوار؟ — الجماهير الجزائرية غنية عن كل تعريف، فهي تعرف جيدا كرة القدم ونفس الشيء عندنا في المغرب، وعلى الجميع أن يتحلى بالروح الرياضية لأن الأمر يتعلق بمباراة من 90 دقيقة والغلبة ستكون للأكثر تركيزا فوق الميدان. وأنا سأصفق للفائز مهما كانت هويته لأننا في نهاية المطاف إخوة، وعلينا جميعا أن نفكر بهذه الطريقة وأوجه سلامي للإخوة في الجزائر وأتمنى أن يكون اللقاء عرسا حقيقيا ونقدم أحسن صورة عن البلدين أمام العالم بأسره. وماذا يمكنك أن تقوله للاعبين؟ — اللاعبون يفهمون لغة الميدان وأطلب من الجميع أن يكون في المستوى ويقدّم أقصى ما لديه، وبالخصوص التركيز على الروح الأخوية فوق الميدان حتى لا يتفاعل الأنصار في المدرجات مع أي حركة غير رياضية. وهذا مهم جدا في مثل هذه المواعيد، وبالتوفيق لكم إن شاء اللّه.