علينا أن نتدارك ما بقي من رمضان "ومن أصلح فيما بقي غفر الله له ما سلف".. فدعوة إلى المغفرة.. دعوة إلى العتق من النار، دعوة إلى مضاعفة الحسنات قبل فوات الأوان.. لنحاسب أنفسنا حساباً عسيراً فوالله ما صدق عبدٌ لم يحاسب نفسه على تقصيرها في الواجبات وتفريطها في المحرمات.. ها هو رمضان أوشك أن ينتصف.. وقد كان مُضيّه سريعا.. فهل نبارك لأنفسنا أم نعزّيها فيما عملنا في هذه الأيام؟ هل نبارك لأنفسنا على أننا استطعنا أن نحافظ على تلاوة القرآن آناء الليل والنهار..؟ أم نعزيها لتضييع الأوقات في الترهات والفوارغ ولم يكن للقرآن من وقتنا نصيبٌ إلا القليل جداً منه.. هل نبارك لأنفسنا على أنّنا استطعنا أن نحفظ ألسنتنا ولا نجعلها تنطق إلا بالخير والذكر..؟ أم نعزيها لأننا مازلنا على ما نحن عليه من بذاءة اللسان والسب والشتم والكذب والغيبة والنميمة وغيرها..؟ هل نبارك لأنفسنا لأنّنا استطعنا أن نحفظ أعيننا عن الحرام..؟ أم نعزيها لأننا مازلنا بل وزدنا على إطلاق النظر الحرام في المسلسلات وغيرها من مصادر النظر المحرم..؟ هل نبارك لأنفسنا لأنّنا استطعنا أن نُنزه آذاننا عن سماع الحرام وسماع السوء من القول..؟ هل نبارك لأنفسنا على أننا ساهمنا في إفطار الصائمين وفرحنا في نيل الأجور العظيمة..؟ أم نعزيها لتكاسلها في هذا الأمر والقول إن هذا هو واجب الجمعيات الخيرية والبلديات..؟ هل نبارك لأنفسنا لأننا استطعنا أن نحافظ على الصلاة في جماعة وفي وقتها وعلى أن نحافظ على صلاة التراويح..؟ أم نعزيها في تضيعيها لهذا الأمر..؟ هل نبارك لأنفسنا لأنه لا زلنا على همتنا ونشاطنا في العبادة، وفي السباق إلى الله، وفي الفوز بالمغفرة، أم نعزيها لِما أصابها ما أصاب كثيراً من الناس من الفتور والتراخي؟ إن كنت من الذين ما زالوا محافظين على الواجبات والمسابقة في فعل الخيرات والبعد عن المحرمات.. فأبشر بالخير واحمد الله واشكره على أنه وفّقك لذلك واستمر في مضيك قُدما.. فطوبى لمن كانت هذه حالته وهذا مساره.. وطوبى له بإذن الله العتق من النار والفوز بالجنان ومغفرة الذنوب ومضاعفة الحسنات.. فمبارك لك الفوز والظفر أيها الموفق.. وأما إن كنت من الذين ضيَّعوا وأسرفوا وفرَّطوا فيما فات منه.. فعليك أن تتدارك بقية رمضان، فإنه لا يزال يبقى منه أكثر من النصف، ولا يزال الله يغفر لعباده ولا يزال الله يعتق رقابًا من النار.