لو نتأمل قليلاً في أمر تكرهه النفوس والملحوظ في علاقاتنا الإنسانية، والمتمثل فيما يمكن أن نسميه بعادة "عدم الإنصات" أو على أقل تقدير عدم الاستماع إلى بعضنا سواء في العمل أو البيت أو النادي أو المقهى أو أي موقع نجتمع فيه مع بعضنا... مع الفارق الكبير بين الاستماع والإنصات، لو تأملنا هذا الأمر، لوجدنا أنه سبب لكثير من الأزمات والعثرات في علاقاتنا الإنسانية، إذ تجد رغبة كل أحد منا في الاجتماعات أن يستأسد ويكون له النصيب الأكبر في الحديث، فيما الناس تستمع إليه، وربما حين يأتي دور غيره ويبدأ الحديث، تجده لا يصبر فيدخل مقاطعاً، لا أظنك أحببت موقفاً وجدت نفسك وأنت تتحدث، وقد قاطعك مستمعك.. مواقف من تلك النوعية هي أكثر ما يزعج المتحدث، أي متحدث.. ولذلك وأنت تعيش دور المستمع لا بد أن تعي جيداً هذا الشعور، وتفهم أن أكثر ما يضايق المتحدث هو مقاطعته من مستمعيه أو عدم الإنصات إليه أو الاستماع إليه باهتمام، من المهم جداً وأنت تستمع إلى شخص يتحدث إليك، ألا تقاطعه أثناء الحديث، مهما كانت أهمية ما تود قوله، وتتحمل ثقل أو قساوة حديثه إلى أقصى درجة ممكنة. حاول أن تضبط نفسك وركز على السماع قبل الإسماع من هذا المنطلق، حاول وتدرب مراراً وتكراراً على أن تضبط نفسك وأعصابك ولسانك، لا تتكلم من قبل أن تسمع كاملاَ، دع المتحدث ينهي حديثه بالتمام وبالكمال، واستمع له بإنصات وتركيز وفهم، والقرآن يذكرنا بعاقبة ونتيجة الإنصات في قوله تعالى: "وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون"، درس قرآني عظيم في أهمية الاستماع بل الأفضل والأرقى هو الإنصات، الذي بسببه يحدث الود والألفة بين المتحدث والمستمع أو المنصت، إن صح التعبير، فالإنصات والتركيز هما من صفات الحكماء، ولا أظنك تريد أن تكسب صفات غيرهم، أو هكذا الظن فيك أخي القارئ وأختي القارئة.. أليس كذلك؟