خبراء اقتصاديون يقرؤون الإجراء وانعكاساته على الاقتصاد الوطني اعتبر خبراء اقتصاديون أن إلغاء المادة 87 مكرر الذي أقرّه اجتماع مجلس الوزراء مؤخرا، بقدر ما له من أثر إيجابي على تحسين ظروف معيشة العمال والموظفين، إلا أن له آثارا سلبية على الاقتصاد الوطني، وسيزيد من نسبة التضخم في حال عدم تخليص الاقتصاد الوطني من التبعية للمحروقات. في الموضوع يرى الخبير الاقتصادي عبد الرحمن مبتول، في تصريح ل"الشروق" أمس، بأن إلغاء المادة 87 مكرر، كان محل نقاش واسع منذ 2006، وفي مجلس الوزراء آنذاك، تم تقدير المبالغ المالية التي ستخسرها الخزينة في زيادات الأجور، ووصلت حينها إلى ما يقارب 7 مليارات دولار، ويضيف "الآن مع مطلع 2015، سيصل الرقم إلى الضعف وسيكلف الخزينة أكثر" وأردف: "المشكل الذي سيطرح نفسه بعد رفع أجور العمال والموظفين من الطبقة الفقيرة، هو تساوي أجورهم مع أجور الموظفين أصحاب المؤهلات الجامعية والذين يتقاضون أجورا أكثر من مليوني سنتيم، لكنها في الوقت ذاته لا تناسب مؤهلاتهم". وأضاف المتحدث أنه "في هذه الحال ستتحرك الطبقة الاجتماعية، حيث سيرفض صاحب المؤهل الجامعي أن يتساوى في الأجر مع شخص ليس لديه تكوين أو مؤهل"، وبلغة الأرقام يقول مبتول، بأن الخزينة العمومية جراء الزيادات في الأجور ستخسر سنويا 8 ما يقارب أو 10 ملايين دولار، وإذا ما أضيفت لها 30 سنة يقضيها كل عامل إلى أن يخرج للتقاعد، فستخسر الخزينة كثيرا في حال لم يتم رفع الإنتاج والإنتاجية، وهذا خارج قطاع المحروقات. وشدًّد الخبير الاقتصادي على أن ارتباط الاقتصاد الوطني بالمحروقات وبسونطراك سيعقد الأمر كثيرا، وأنه لتفادي الآثار السلبية لإلغاء المادة 87 مكرر، يجب التخلي عن التبعية للمحروقات ورفع الإنتاج والإنتاجية في قطاعات أخرى، خاصة لأن الدولة تصرف ما يقارب 25 مليار دولار لدعم المواد الأساسية، منوها بضرورة تغيير سياسة الضرائب وفرضها على أصحاب المال لدعم الخزينة العمومية بدل الموظفين العاديين فقط، محذرا من تنامي نشاط السوق الموازية، حيث تمثل 50 بالمائة من الاقتصاد الوطني والتي لا تستفيد الدولة منها بسبب عدم دفع الضرائب. من جهته، الخبير الاقتصادي عبد المالك سراي، اعتبر في تصريح ل"الشروق" أمس، بأن إلغاء المادة 87 مكرر له جانبان، إيجابي وسلبي، فالأول يتمثل في الجانب الإنساني وتحسين القدرة المعيشية للعمال ذوي الدخل الضعيف، أما الجانب الاقتصادي السلبي والذي لا يجب إغفاله -حسبه- وهو التأثير على الخزينة العمومية، حيث يقول الخبير: "عند زيادة الأجور فالمصاريف التي على عاتق الخزينة العمومية ستزيد"، مضيفا "حتى نسبة التضخم سترتفع بارتفاع الأجور والذي يقابله ارتفاع السلع". واعتبر سراي بأن المشكل الذي سيطرح نفسه مع إلغاء المادة 87 مكرر، هو المقابل الذي سيمنحه العمال بعد زيادة أجورهم، ليتساءل: "هل هؤلاء العمال الذين سيستفيدون من رفع الأجور سيحسنون من خدمتهم للنهوض بالاقتصاد الوطني؟ أم أنهم سيشكلون عبئا آخر على ميزانية الخزينة العمومية؟"، معتبرا بأن الاقتصاد الوطني سيكون في خطر، لأن الخزينة العمومية ستصرف دون مردودية بالمقابل. وأشار سراي إلى أن العمال إذا لم يتحركوا ويكثفوا من جهودهم للعمل أكثر وتحسين الخدمات الصناعية والزراعية، فسيزيد التضخم، مسترسلا "الزيادة في أجور ما يقارب المليون و200 ألف عامل وموظف، ستفتح الشهية للآخرين للمطالبة بزيادة الأجور"، مشيرا إلى أن إلغاء المادة 87 مكرر، سيخدم السياسيين أكثر، لأنه سيقلل بدون شك من الحركات الاحتجاجية والإضرابات العمالية، بسبب الأجور، لكنه سيخلق أزمات اقتصادية للبلاد في حال عدم رفع الإنتاج واستمرار الوضع على ما هو عليه.