السؤال : مِنَ السبعة الذين يظلهم الله يوم القيامة في ظله يوم القيامة شابٌّ نشأ في طاعة الله ، فهل المقصود بذلك الوصف شابٌّ عاش شبابه بدون أي ذنوب؟ الجواب : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ : "سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ الإِمَامُ الْعَادِلُ، وَ شَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ، وَرَجُلاَنِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ أَخْفَى حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِياً فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ". و الظاهر من الحديث أنّ الشابّ الذي يستحق هذه المكانة الرفيعة، هو الذي نشأ في عبادة الله منذ نعومة أظفاره، و فيه حثٌّ للشباب على الإقبال على الله تعالى في مقتبل العمر و ريعان الشباب، و خصّهم بذلك لأنّ سنّ الشباب قد يُغري بمواقعة المعاصي و اقتراف الذنوب، نظراً لما يغلُب على المرء من التسويف، و ما قد يُتاح له من الأسباب المؤدية إلى المعاصي أو المعينة عليها ، كالصحّة، و الفراغ، فعَنِ عبد الله بنِ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما قَالَ : قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم : "نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ ، الصِّحَّةُ وَ الْفَرَاغُ". و من المقرّر عند أهل العلم أنّه لا عِصمةَ إلا للأنبياء عليهم الصلاة و السلام ، فلا يُعقَل أن يوجد شاب (أو غير شابّ) لا يقارف الذنوب على الإطلاق ، لأنّ بني آدَم خطّاؤون لا محالة، فعَنْ أَنَس بن مالك أَنَّ النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ : « كُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ"، و روى مسلم و أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ فَيَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ" . فالعبد لا محالةَ واقع في الذنوب، سواءً كان ذلك في شبابه أو مشيبه ، و الموفّق من وفّقه الله تعالى لتدارك نفسه بالتوبة ، فإن تاب و ندم عمّا اقترفت يداه ، و أقلع عن ذنبه ، عازماً على عدم العودة إليه ثانيةً ، فقد أتى بما أوجبه الله عليه، و نرجوا أن يكون ممّن يظلّهم الله في ظلّه يوم لا ظلّ إلا ظلّه. أمّا إن عاد إلى الذنب ثانيةً فعليه أن يتوب من جديد، و لا يقنط من رحمة الله ، لأنّ الله يغفر الذنوب جميعاً، وإن دام العبد يُحدث من كلّ ذنبٍ توبةً، و لا يُصر على التفريط في جنب الله، فهو أهل لعفو الله و مغفرته، و الله تعالى ( هو أهل التقوى و أهل المغفرة).