تحولت الرقية في مجتمعنا وللأسف إلى حرفة لمن لا حرفة له مما أدى إلى حدوث كوارث وصلت خطورتها إلى حد الموت سبب الطقوس والأساليب الغريبة والعنيفة التي باتت ممارسة بعيدا عن ضوابط الرقية الشرعية، ويعلم الكل أن الماء هوعنصر أساسي، إذ يقرأ المعالج آيات من القرآن الكريم ويشربه المريض لكن هناك من الرقاة من تمادوا في ذلك، إذ يلزمون المرضى على شرب كمبات معتبرة في مرة واحدة قد تتجاوز العشر لترات، والأمر يحمل خطورة في ظل جهل المرضى وهوما دق بشأنه المختصون نواقيس الخطر حذر في نفس الإطار الدكتور رضوان مكاشر صيدلي مساعد في مجال مبحث السم وتأثيره بالمستشفى الجامعي لتيزي وزو، من أن سوء ممارسة الرقية قد يفضي إلى الموت عن طريق التسمم بالماء إذا لم يتم التكفل بالمريض بسرعة. وأوضح هذا الأخصائي الذي قدم مداخلة بعنوان سوء ممارسة الرقية الشرعية والتسمم بالماء: مرض يمكن تفاديه في إطار الأيام الوطنية ال3 للصيدلة بأن هذا النوع من العلاج القائم على قراءة آيات قرآنية على ماء يقدم للمريض لشربه قد يؤدي بهذا الأخير إلى الموت في حال عدم تحكم المطبب في الكمية المقدمة للمريض. وأكد في هذا السياق بأن هذه الممارسات التي يفترض أنها تأتي بالشفاء لا تخلو من الخطر ، لافتا إلى أن هذه الممارسة التي أصبحت منتشرة بشكل واسع في الجزائر منذ التسعينات والمتمثلة في مناولة المريض كمية كبيرة من الماء ليشربها في ساعات قليلة ينجر عنها تسمم نتيجة تقلص تمركز الصوديوم في البلازما. أوهام بخروج الجان وتتمثل أعراض التسمم بالماء في التقيؤ والأرق وتشنج العضلات والهذيان وهي أعراض يعتبرها المطبب بمثابة نجاح الرقية، حيث يعتقد بأن الأشباح أو الجان الموجودة داخل جسد المريض هي بصدد المغادرة. وأضاف أنه بدلا من وقف العلاج فإنه يشجع المريض على شرب المزيد من الماء وهذا ما يزيد في درجة التسمم . واستدل المحاضر في هذا السياق بأربع حالات لمرضى تعرضوا للتسمم بالماء بعد خضوعهم للرقية تم استقبالهم بالمستشفى الجامعي لتيزي وزو ما بين شهر جوان 2013 وفيفري 2014. إلزام المريض بشرب 30 لترا!
وقد أجبر هؤلاء المرضى من بينهم امرأة، تتراوح أعمارهم بين 35 و41 ، من بينهم اثنان يعانيان من اضطرابات نفسية على شرب 15 إلى 30 لترا من الماء في أقل من 24 ساعة بغرض تحقيق علاج أكيد حسب المطبب ، وكانت أعراض التسمم بالماء بادية على ملامح هؤلاء المرضى الذين تم استقبالهم بالمستشفى وهم في حالة غيبوبة. كما أصيب أحدهم بسكتة قلبية. وقد تمت معالجتهم بمناولتهم كمية من الصوديوم وتقليص كمية الماء، حيث غادروا المستشفى بعد أيام حسب الدكتور مكاشر الذي أشار إلى تسجيل وفيات قبل سنة 2013 ناتجة عن سوء ممارسة الرقية.
تنظيم الرقية ضرورة حتمية الكوارث الحاصلة هنا وهناك بسبب العشوائية الحاصلة في ميدان الرقية دفع ثمنها المواطنون في ظل غياب الرقابة فمن الحرق إلى الضرب إلى الاغتصاب إلى الموت وغيرها من الشبهات التي أعابت الرقية كطريقة للاستطباب جعل الله سبحانة وتعالى فيها شفاء للمرضى، إلا أن بعض الأيادي لطختها بتحويلها إلى تجارة وإلى أساليب للوصول إلى غايات دنيئة كالتعدي على النسوة والتحرش بهن وسلبهن أموالهن وممتلكاتهن إلى غيرها من الحكايات الغريبة التي يكشفها الواقع، يحصل كل ذلك في الوقت الذي تلتزم فيها المصالح المعنية الصمت، وبعد أن تحولت الرقية إلى طب بديل في الجزائر وجب إحاطتها بمجموعة من الشروط والضوابط، لاسيما أن بعض الرقاة المزيفين تسببوا في حدوث وفيات وتسممات بعد إجبار المرضى على شرب كميات معتبرة من الماء أدت بهم إلى الوفاة وحدوث تسممات خطيرة، وفي نفس السياق شدد الدكتور مكاشر على ضرورة اتخاذ التدابير لتجنب حالات التسمم، متسائلا في هذا الصدد أليس من الضروري وضع قوانين وتأطير مثل هذه الممارسات وإخضاع أصحابها للاعتماد .