نشرت : المصدر الشروق الجزائرية الأربعاء 11 فبراير 2015 11:00 يُعاني المرضى من سوء معاملة كثير من المُمرضين على مستوى المستشفيات العمومية، وهو الأمر الذي جعل الجزائريين يُفضلون دفع الملايين بعيادات خاصة لأجراء عمليات بسيطة قد تستغرق ثواني بالمستشفى، وآخرون يصطحبون من يعتني بهم من أقاربهم طيلة مُكوثهم بالمستشفى. الموضوع يطرح إشكالية تكوين المُمرضين حول طريقة التعامل الحسَن مع المريض. كثيرة هي الشكاوى التي نتلقاها يوميا بمقر الجريدة من مواطنين تعرضوا هُم أو مرضاهم لسوء المعاملة بالمستشفى ولم يجدوا أذانا صاغية لشكواهم. نبدأها بحكاية سيدة جاءت من ولاية سطيف إلى العاصمة لرؤية زوجها البالغ 56 سنة بعد خضوعه لعملية جراحية على مستوى الرئة بمستشفى مصطفى باشا الجامعي، تقول "أحضرته باحثة عن أحسن الخدمات، لأتفاجأ به بعد إخراجه من غرفة العمليات نائما فوق سرير حديدي حتى الصباح، والممرضة رفضت تغيير له كيس الفضلات مُتحجّجة بانشغالها، فحاول وهو مريض الذهاب للمرحاض، وعندما طلبتُ منها القيام بدورها صرختْ في وجهي وحاولت دفعي"، السيدة اتصلت بنا وهي في حالة هستيرية من البكاء طالبة حضورنا لتصوير حالة زوجها المُزرية. قصة أخرى لسيدة خضعت لعملية جراحية بمستشفى القبة، تقول "الممرضون أنزلوني بقوة من سرير العمليات إلى سرير ثان لنقلي للغرفة، دون تكليف أنفسهم مراقبة كيس البوْل الذي انفصل عن جسدي...لم أشعر بشيء لأن أطرافي السّفلية كانت مخدرة، ثم وضعوني فوق سرير به فراش بلاستيكي فقط ...ليلا بدأ مفعول المُخدّر يزول فأحسست بالبرد والبلل، رغم ندائي على الممرضات والممرضين لم يحضر أحد حتى العاشرة صباحا من اليوم المُوالي، لتتفاجأ والدتي التي أتت لزيارتي أنّي كنت نائمة عارية فوق بركة من البول، وعندما رفضَتْ الممرضات تنظيفي وتعقيم السرير، بدأت والدتي في الصراخ وهدّدتهم برفع شكوى للمدير، فسارعت عاملة نظافة لتنظيف السرير !!".
شيخ تُرك عاريا و"بردانا" في رواق المستشفى مُنتظرا عمليّته.. وحكاية شيخ أُدخل المستشفى بالعاصمة لإجراء عملية جراحية، تُرك أو نُسي لأكثر من ساعة داخل رواق مصلحة العمليات في انتظار عمليّته، والفصل كان شتاء والتهوية كبيرة بالرّواق...المسكين كان يرتجف بردا وعاري الجسد...مُغطّى فقط بإزار، وبعد أكثر من ساعة حضر الطبيب وقال مستغربا "لِم وضعتموه هنا لم يحن وقت عمليته بعدُ !!". ويعاني المرضى داخل بعض غرف العمليات من اللامبالاة، فيوضعون فوق سرير لم يُنظف من بقايا العمليّة السابقة، ويُتركون عُرضة لبرودة التهوية شتاءً خاصة إذا كان المرضى تحت تخدير جزئي، ويتحجج الأطباء بغياب أغطية بالمستشفى وأنه كان على المريض إدخال غطاء لقاعة العمليات؟؟ وعند الانتهاء من العملية يُلفّ المرضى في أغطية مُتّسخة بها دماء وروائح كريهة ما يتسبّب في تحسّس كثيرين، وممرضون ينسون تغيير قارورة "السيروم" بعد نفادها، فترى الأنبوب وهو يمتصّ الدّم من يد المريض. أكّد أستاذ بمدرسة شبه الطبي بحسين داي ونقابي سابق إسماعيل حاجي، بأن طلبة شبه الطبي يدرسون مادة علم النفس، لتعلم طريقة استقبالهم وتعاملهم مع المريض، وحسب محدثنا "المستشفى لا تضمّ الممرضين فقط، يوجد العامل البسيط، موظف تشغيل الشباب، المتربصون.. وهؤلاء يحسبهم المريض ممرّضين"، وبرّر محدثنا سوء معاملة بعض الممرضين، بتعرضهم لضغوطات يومية خاصة بمصلحة الاستعجالات "رأيْتُ رجل شرطة أحضر مريضا من عائلته، ثم أخرج سلاحه لتهديد ممرض، ويوجد مرضى عنيفون، وآخرون يتجاهلون الممرض بحجة أن لهم المعريفة في سبيطار..."، وطالب مُحدثنا انتقاء الطلبة بمعاهد شبه الطبي "ليس الجميع يصلح ليكون مُمرّضا، هي مهنة نبيلة على صاحبها التمتع بالصبر والرّزانة والإنسانية...ولِم لا نُخضع الطلبة لفحص نفسي واجتماعي قبل تسجيلهم بالمعاهد؟".
"الغارْد مَالاد" أضحى ضروريّا في مستشفياتنا!! وبدوره اعتبر رجل القانون حسان إبراهيمي، أنه لكلّ مهنة أخلاقياّتها وقانونها المُنظّم، وكل من يُخلّ بالأخلاقياّت سيُعاقب تأديبيا، إما بالخصم من الرّاتب أو تنزيل الرتبة أو التحويل، لكن بإمكان المريض إذا تعرض لسوء معاملة أن يقدم شكوى للعدالة، فمثلا إذا رفض الممرض تغيير كيس الفضلات أو الضمّاد لمريض، وأن الأمر سيُسبّب ضررا جسديّا للأخير، فالعدالة بإمكانها متابعة الممرض بجنحة الإهمال أو عدم تقديم المساعدة لشخص بحاجة إليها في حال رفع المريض شكوى، وأخبرنا المحامي عن حادثة تعرض سيدة حامل لسرقة مجوهراتها داخل مستشفى عمومي بعدما أُدخلت غرفة العمليات، وقد تمّ مُتابعة القابلة وعاملة النظافة قضائيا بتُهمة خيانة الأمانة. وأضاف المحامي "سوء المعاملة من بعض الممرضين جعلت المرضى لا يستغنون عن "الغارْد مالادْ" حتى وهم داخل المستشفى".