نشرت : المصدر جريدة الشروق الأحد 06 ديسمبر 2015 09:19 يتحدث السفير التونسيبالجزائر، عبد المجيد الفرشيشي، في هذا الحوار مع الشروق، عن الوضع الذي آلت إليه تونس بعد الاعتداء الإرهابي الذي استهدف عناصر من الأمن الرئاسي، وعن العلاقات الجزائريةالتونسية، خاصة في شقيها الأمني والإنساني، ويربط الدبلوماسي التونسي تدهور الوضع الأمني في بلاده بحالة الفوضى في ليبيا. سلسلة من العمليات الإرهابية شهدتها تونس، وآخرها الاعتداء على الأمن الرئاسي، في أي مرحلة هي تونس الآن؟ أود أولا، أن أشكر الجزائر رئاسة وحكومة وشعبا على الهبة التضامنية في مساندة تونس، والدعم المطلق لها في هذا الظرف الحساس، بعد الاعتداء الإرهابي الذي حدث في قلب العاصمة، واستهدف الأمن الرئاسي . هذا استهداف رمز من رموز الدولة، والرسالة واضحة كانت في البداية باردو وسوسة في ذروة الموسم السياحي، والآن يعكس مدى تخطيط هذه التنظيمات الإرهابية في فترات متباعدة . ما أود التأكيد عليه، انه مهما كانت هذه الاعتداءات الإرهابية، سوف لن تحد من عزم وإرادة الشعب التونسي على اجتثات هذه الظاهرة، هؤلاء يريدون بث ثقافة الموت ونحن نسعى للتمسك بإرادة الحياة وسوف تنتصر إرادة الحياة لا محالة، في تونس شعب متجانسو متضامن، وما حصل لن يزيدنا سوى لحمة وإصرارا للمضي قدما في بناء مؤسساته ومساره الديموقراطي، استكملنا الاستحقاق الانتخابي والمؤسسات ولم يبق سوى التركيز على الجانب الاقتصادي، والذي يستوجب الاستقرار الأمني، وبناء الاقتصاد يتطلب جلب الاستثمار، وهذا لن يتحقق سوى بوجود الأمن، هذا هو الشغل الشاغل لنا في هذه المرحلة. نجاح التجربة التونسية ليس من قبيل الصدفة، فحصول تونس على جائزة نوبل للسلام، هي تتويج لمسار كامل وتوافق بين القوى السياسية، والغاية ليس تتويج الرباعي الراعي للحوار، ولكن حتى يثبت أن بناء المستقبل لن يكون سوى بالتوافق، والجائزة لن تثنينا عن مواصلة العمل معا وحل المشاكل بالحوار. ما حصل في تونس سبقته اعتداءات في لبنان وفرنسا وأخرى بمالي، العمليات وصفت بالنوعية، هل هنالك ترابط بين العمليات، أي أن نفس الجهة خططت لها، أم مجرد صدفة؟ كل الاحتمالات واردة، هذا تنظيم إرهابي عابر للحدود، عابر للأوطان، لا دين ولا وطن له، بعض الأطراف تنسق وأخرى تدعم، ليس من قبيل الصدفة أن يربك شخص واحد المشهد كاملا كما حدث في باردو وسوسة، أو استهداف رموز الدولة، ولا اعتقد أن رجلا أو شخصا بسيطا عاملا في مجال بيع الخضار ينظم ويخطط لاستهداف الأمن الرئاسي، هذا استهداف رمز من رموز الدولة. المؤكد أن هنالك تنسيقا مع بعض الأطراف، ومصدر العمليات من ليبيا، التمويل والإعداد والتخطيط، بعض المعدات والمتفجرات جاءت من ليبيا. ليبيا إذن هي القاعدة الخلفية للإرهاب؟ هنالك من يخطط ومن ينفذ، وهنالك من يدعم هذه التيارات، ليس من قبيل الصدفة، أن تحدث عمليات إرهابية في أوقات متقاربة وفي أماكن متباعدة، أولا، هذا التيار يريد أن يٌبزر انه موجود ويبحث عن الزخم الإعلامي، وتوظيف الإعلام لأغراضه الخاصة. هنالك تركيز شديد من قبل الساسة في تونس على ربط النشاط الإرهابي بليبيا، زرت ليبيا لأيام، في ليبيا لم نشهد استهدافا للأمن الرئاسي في طرابس، ولا تقتيلا كالذي حصل جهارا في سوسة وبمتحف بادرو؟ أولا، نحن لا نوجه أصابع الاتهام إلى ليبيا، بل نسعى إلى تحقيق الاستقرار فيها، وحصول توافق بين الإخوة الليبيين قبل كل شيء، ثم البحث عن حل توافقي لبناء مؤسسات دولة قارة، حتى نضمن لهم الاستقرار وحتى لا تكون ليبيا مرتعا للجماعات الإرهابية. الجماعات الإرهابية لا تنشط في طرابلس، ولكن في أماكن خارج طرابلس في التدريب والتكوين، لدينا معطيات أن بعض التونسيين تدربوا في ليبيا، وهنالك تقارير استخباراتية تؤكد تواجد عناصر إرهابية تنشط وللأسف هي تحت سيطرة بعض المليشيات، لا نقول حكومة طرابلس أو طبرق، لكن بعض الأطراف تسعى إلى استهداف استقرار وأمن دول الجوار، طرابلس لا تبعد عن ليبيا سوى 170 كم، القرب الجغرافي والتواجد الكبير للإخوة الليبيين ترك التواصل بين تلك الجماعات وبعض الأطراف في تونس. غداة الاعتداء الإرهابي، كانت فيه رسالة تعزية من بوتفليقة إلى نظيره السبسي، ثم زيارة للوزير مساهل، ماذا تقرأون في الموقف الجزائري حيال المشهد التونسي؟ أولا، الجزائر كما تونس، وقفت بحكم موقعها الاستراتيجي وبحكم تجربتها وسعيها للبحث عن الاستقرار في المنطقة، استقرار يصب في مصلحتها ويصب في مصلحة تونس كذلك، لأن الرأي الراسخ لدينا أن أمن تونس من أمن الجزائر، وأمن الجزائر من أمن تونس، وهذا من الطبيعي أن تهب الجزائر قيادة وشعبا لنصرة تونس والوقوف إلى جانبها. ما أود التأكيد عليه، أن لا مجال لمواصلة العمل الإرهابي، يمكن أن تحدث اعتداءات أخرى، لكن بفضل تماسك تونس والمجتمع المدني وتلاحمه لا مجال للإرهاب في تونس، ومن يسعون لبث ثقافة الموت نقول لهم أن إرادة الحياة هي التي تنتصر. لعمامرة أعلن أن تجربة الجزائر في مجال محاربة الإرهاب تحت تصرف تونس، عمليا كيف يترجم هذا، وكيف ستستفيدون من التجربة الجزائرية؟ التجربة الجزائرية مترجمة على أرض الواقع، هنالك تنسيق سياسي وعسكري وأمني بين البلدين، هذا التعاون والتنسيق قديم وليس وليد اللحظة، بالنسبة للجزائر كلما طلبنا منها شيئا فإنها توافق عليه، هنالك برنامج تعاون بين المؤسسات العسكرية والأمنية في تبادل المعلومات والاستخبارات، ويوجد عمل ميداني على الحدود في التنسيق اليومي بين الوحدات الأمنية والعسكرية، مع احترام الدستور وسيادة كل دولة، ولكن فيه تنسيق، ففي حالة وجود إشكال أو إرهابيين متواجدين في الشعانبي بتونس يتم إخطار الإخوة في الجزائر بذلك، حتى ينتبهوا للأمر، هنالك دورات تدريبية مستمرة بين الجانبين . معذرة، أنت تقول إن هنالك دورات تدريبية بين الجانبين، هل هنالك أمنيين جزائريين يجرون تدريبات في تونس؟ هنالك لجان قطاعية تشتغل وتضبط برامج التدريب بين البلدين، واستسمحني أن لا أخوض في تفاصيل هذا الأمر، ما أؤكد عليه أن هنالك تنسيقا أمنيا رفيعا يكاد يكون يوميا، وهنالك تدريب وتبادل للمعلومات. أعلنت تونس أنها في حرب شاملة ضد الإرهاب، الملاحظ على معالجة ظاهرة الإرهاب أنها تتم بطرق غير تقليدية، الدعوة لارتياد السينما والمسارح والجلوس في المقاهي، هل هذا الأمر قادر على دحر فكر متطرف؟ أولا، لا بد من إستراتيجية كاملة لمواجهة هذه الظاهرة، وهذه الإستراتيجية ليست وطنية تونسية فقط، بل إستراتيجية دولية، الجزائر لها إستراتيجية خاصة بها وعرضتها في الأممالمتحدة، ونظمت مؤتمرا دوليا حول اجتثاث منابع الإرهاب، الإستراتيجية لا تقوم على المعالجة الأمنية فقط، لا بد من توفر خطة شاملة ومتكاملة، لا بد من مراجعة المنظومة التعليمية والخطاب الديني وتكوين الأئمة، لا بد أن يكون الإمام على قدر من الخبرة والزاد المعرفي، لا بد من التركيز على البعد الثقافي، والتركيز على العمل ألاستخباراتي الاستباقي، هذه بعض العناصر المهمة في مجال محاربة الإرهاب، إلى جانب العنصر التنموي. بين الجزائروتونس خططا لتنمية المناطق الحدودية، واللجنة المشتركة التي انعقدت الشهر الماضي في الجزائر، من بين ما ركزت عليه في التوصيات ضرورة تنمية المناطق الحدودية لمقاومة التهريب والتجارة الموازية واجتثاث الإرهاب، لأنه في جبال الشعانبي مناطق وعرة يجب التنسيق والتعاون في هذا الخصوص على مستوى المثلث الحدودي بين تونسوالجزائر وليبيا، للأسف مادام هذا البلد لا يعرف الاستقرار نتوقع أن يحدث توغل عناصر إرهابية من هذا الباب، يجب التنسيق في هذا الجانب، هنالك خطة كاملة لتنمية المناطق الحدودية، هنالك مشاريع مشتركة للتبادل الحر وإمكانية إنشاء مدراس مشتركة، لِم لا؟ لو نتحدث عن العلاقات الجزائريةالتونسية في بعدها الإنساني، الكثير من الجزائريين يشتكون من ثقل إجراءات العبور، كيف تتعاملون مع هذه الانشغالات؟ قبل ذلك، لقد بلغ عدد الجزائريين الذين دخلوا تونس حتى شهر أكتوبر 1.2 مليون بزيادة 19 بالمائة عن السنة الماضية، طبعا الجانب التونسي يعمل على تحسين المرافق والمعابر الحدودية، وتقرر إنشاء وكالة وطنية لتنمية المناطق الحدودية، حتى لا توكل المهمة إلى جهاز حكومي واحد فقط، ووفق الآلية الجديدة هنالك تنسيق بين وزارات التجهيز والسياحة والداخلية والمالية والنقل والتجارة. كان من الضروري إنشاء وكالة تسهل عمل جميع الأطراف، حيث ستقام عيادات صحية ومراكز راحة في المعابر الحدودية، مع تحسين الطرقات وتوسيعها، لتسهيل تدفق السيارات، هذا ما نقوم به، هذه الخطة التي وضعتها الحكومة على مستوى المعابر الحدودية للإخوة الجزائريين. تم رفع عدد الرحلات الجوية في كلا الجانبين، لكن الأمر لم ينعكس إيجابا على المسافر وتحديدا من حيث مبلغ التذكرة، ألا يوجد مسعى لتخفيض تذكرة الركوب؟ بالفعل، منذ الصائفة تم العمل على مراجعة اتفاقية النقل الموجودة منذ عام 1963 وتم تحيينها خاصة في النقل الجوي، وكان من نتائجها الرفع في عدد الرحلات من 14 إلى 43، وعبر رحلات خاصة، ولن تقتصر الرحلات على العاصمتين، بل ستربط الرحلات الجوية مدنا أخرى. الآن هنالك 14 حلة أسبوعية من وهران إلى تونس، والعمل يجري على فتح خطوط أخرى من وهران إلى جربة، وقسنطينة إلى المنستير، والعاصمة إلى جربة عبر مطارات النفيظة، ما يهمنا هو الاستقرار والأمن وعودة السياحة إلى نشاطها. هذا في مجال النقل الجوي، هنالك اتفاقية لتطوير النقل البري، هنالك اتفاق بين الشركة الوطنية للنقل بين المدن وشركة طحكوت الجزائرية، تم وضع مشروع اتفاق وقّع عليه بالأحرف الأولى، هنالك ترتيبات سيتم توقيعها في وقت لاحق. والخط البحري طرح منذ سنوات ولم ير النور، لماذا؟ هنالك دراسة للنقل البحري بين عنابة وبنزرت وحتى وهران، المشروع طرح ولم يلغ، كما يوجد هنالك مشروع لتطوير النقل بالسكك الحديدية، الإخوة في الجزائر يعملون على تطوير هذا النقل من عنابة إلى المناطق الحدودية، هنالك تفكير جدي، خاصة وأن الخط كان يشتغل، وهنالك نية لعودة الخط إلى العاصمة تونس. يطرح المتخرجون من المعاهد الجزائرية إشكالية عدم الاعتراف بشهاداتهم في تونس، كيف تعالجون الإشكال؟ اتفاقية 1963 هي رمزية، الاتفاق في المجال القانوني والقضائي بعض البنود لم تفعل وهنالك طلبة تونسيين درسوا في الجزائر السنتين الماضيتين، ومع تغيير المناهج التعليمية كما حال معهدي القضاء والمحاماة، طلبة ماجيستير حقوق لا يمكن لهم التسجيل في الجامعات الجزائرية ،لأنه من شروط القبول في المعهد العالي للقضاء أن يكون جزائري الجنسية، ولا يدخل للمعهد الأعلى للقضاة او المحاماة إلا بشروط ومسابقة. ما يثار كذلك في الساحة الإعلامية بالجزائر، وجود عدد من السجناء الجزائريين أوقفوا من قبل الأمن التونسي قبل انطلاقهم للهجرة بطريقة غير شرعية، هل لديكم معطيات حول هذا الموضوع؟ بصراحة لم أواف بهذه المعلومة، وتم لأكثر من مرة نفي هذه المعلومة، ما أؤكده انه تم مؤخرا إنقاذ مجموعة من الجزائريين وهم حوالي 22 شخصا، كانوا يعتزمون الهجرة، وأوقفوا 15 يوما وتم الإفراج عنهم، وصلتني مراسلة من السلطات المختصة في تونس وقمت بتوجيهها إلى السلطات، أجدد التأكيد مرة أخرى أن الموضوع الذي سألتني عنه قديم وتكرر طرحه أكثر من مرة ولا توجد معلومات تؤكد ما تم تداوله.