نشرت : المصدر جريدة الشروق الأحد 28 فبراير 2016 11:08 يحتضن أحد المنازل العتيقة بالحيّ الشعبي الرحيبة بوسط مدينة تلمسان، مأساة إنسانية، بكلّ ما تحمل هذه الكلمة من معان، حيث تعيش عائلة بوشيبي المتكوّنة من خالتي فاطمة التي تجاوزت العقد السابع من العمر وابنيها فوزي وفتح الله المعاقين ذهنيا وحركيا، والذين لم يسبق لهما وأن خرجا من شبه غرفة منذ قرابة 30 سنة كاملة، وحسب ما كشف عنه أحد المواطنين أنّ أوّل خروج لهما من المنزل كان منذ سنة تقريبا. "الشروق" تنقّلت إلى منزل العائلة الكائن بالحيّ العتيق الرحيبة بوسط مدينة تلمسان، توقّفت عند وضع اجتماعي وإنساني يرثى له، لعائلة تعيش على ما يمنحه أهل الخير من محسنين أو عمّا تجلبه خالتي فاطمة التي تجاوز عمرها 72 سنة، ورغم سنّها إلاّ أنّها لاتزال تتكفّل بابنيها فوزي البالغ من العمر 43 سنة، وفتح الله الذي يبلغ من العمر 39 سنة، حيث ومنذ وفاة زوجها في بداية التسعينيات من القرن الماضي، بقيت لوحدها تسعى جاهدة لتوفير ما يمكن توفيرها لابنيها، متكفّلة بجميع حاجياتهما من مأكل وملبس وغيرها من الضروريات الأخرى، إلاّ أنّها مع مرور الأيّام، لم تعد قادرة على توفير حتى لقمة العيش، ولولا وجود إحدى جاراتها برفقة ابنتها، لكان الوضع أكثر مأساوية، بالنظر لكون فوزي وفتح الله لا يستطعان القيام بأي شيء، مما يتطلب تكفلا يوميا بهما، بدءا بقضاء حاجياتهما البيولوجية وما يترتب عن ذلك من توفير الحفّاظات، وغيرها من المتطلبات الأخرى . تزامنا تواجدنا في بيت خالتي فاطمة مع حضور عدد من الفنانين والرياضيين، يتقدمهم اللاعب الدولي السابق كمال هبري والممثل سمير مازوري والمطرب بخوجة عمر وعدد من الشباب من أعضاء جمعية الوصال الثقافية، في زيارة خيرية قاموا بها، أين تم طلاء جدران الغرفة الهشة التي تقيم فيها عائلة خالتي فاطمة، وحسب ما كشف عنه أحد المواطنين من فاعلي الخير فإن وضعية فوزي وفتح الله، كانت جد كارثية وقد قام أحد المحسنين بمرافقتهم إلى منزله، أين أخذا حماما، قبل أن يتّم حلق شعرهما، مضيفا "عندما جئنا لزيارتهما، صدمنا من حالتهما الاجتماعية والإنسانية، حتى يخيّل إليك أنهما من أهل الكهف"، إذ لم يسبق لهما وأن خرجا من غرفتهما منذ ثلاثة عقود، ولم يتقدم أي احد من اجل مساعدتهما على الأقل، فيما يخص جانب النظافة، وكشفت خالتي فاطمة أنّها وبالرغم من عمرها المتقدّم لاتزال واقفة صامدة تعمل على خدمة ابنيها، وفي شهادة لجارتها، فإن خالتي فاطمة لم تمدّ يدها للتسوّل ولا تطلب ذلك من أحد، تاركة أمرها بيد الله، وهي اليوم لا تطلب شيئا سوى ترميم البيت التي تقطن فيه، ومساعدتها على التكفل بفوزي وفتح الله، اللذان عادت لهما الابتسامة والفرح عندما وجدا أهل الخير من فنانين وشعراء ورياضيين يقدمون لهما يد العون من مأكل وملبس وإعادة طلاء شبه الغرفة التي يقيمان فيها برفقة والدتهما .