لطالما بحث وسط الميدان حسين مترف عن فرصته مع المنتخب الوطني، وها هو يحقق مبتغاه مع الناخب الجديد ل“الخضر” وحيد حليلوزيتش، الذي وضع فيه ثقته خلال مباراة إفريقيا الوسطى، بل وفوق ذلك أبقاه أساسيا طيلة التسعين دقيقة، فتبادل بذلك الرجلان الهدايا، بثقة واعتراف من البوسني بإدراجه أساسيا، وبمردود جيد وطيب من مترف الذي ردّ جميل مدربه بذلك، وكان من بين أفضل عناصر المنتخب الوطني في المستطيل الأخضر على مدار التسعين دقيقة، ليعوض بذلك لاعب شبيبة القبائل ما فاته مع المدربين السابقين الذين ورغم اعترافهم بإمكاناته المعتبرة، إلا أنهم تجاهلوه وتجاهلوا ما كان يقدمه في وفاق سطيف، واكتفى طيلة فترة إشرافهم على “الخضر” بتمثيل المنتخب المحلي وفقط، إلى أن جاءه الفرج من مدرب أجنبي لا يعير للأسماء أي اهتمام، بدليل أنه استنجد خلال التربص الأخير برأس حربة إتحاد الحراش بونجاح رغم أن الكثير لا يعرفونه، فوضع الثقة في مترف أساسيا ولم تخب آماله في النهاية بالنظر إلى ما قدمه خريج مدرسة إتحاد العاصمة سهرة يوم الأحد. حليلوزيتش وجد فيه صفات وسط الميدان الدفاعي والهجومي أيضا وإن كان تفضيل مترف للعب أساسيا في لقاء إفريقيا الوسطى قد اعتبر بمثابة المفاجأة الحقيقية بالنسبة لنا ولمختلف متتبعي شؤون المنتخب، فإن الأمر لم يكن كذلك بالنسبة لحليلوزيتش الذي أسرّت لنا مصادرنا أنه أعجب بالفتى منذ أوّل دعوة وجهها له، إذ لفت انتباهه في مختلف الحصص التدريبية التي أشرف عليها وتأكد من أنه لاعب مزدوج المناصب في وسط الميدان، فمثلما يؤدي دوره الدفاعي بامتياز، يؤدي أيضا دوره هجوميا، فأصر على أن يختبره في المباريات التطبيقية التي تخللها تربص سيدي موسى الأخير، وحينها قطع الشك باليقين وتأكد من أنه اللاعب الذي يبحث عنه في الوسط، فاختاره عوض لموشية الذي اكتفى باللعب بديلا هذه المرة، والسبب يعود إلى أن مترف يجيد الدفاع والهجوم أيضا ويساهم في بناء الهجمات وتوغلاته على الجهتين اليمنى واليسرى، وهي الصفة التي لا تتوفر في لموشية الذي يبدو أداؤه دفاعيا أفضل مما هو عليه هجوميا. مترف استغل الفرصة من دون عقدة أو حرج وتأتي الفرص نادرا ومن يستغلها دوما يحجز لنفسه مكانة أساسية ضمن التعداد، ومترف رفض تفويت الفرصة، حيث وضع الثقة في نفسه ولعب من دون عقدة أو حرج، فرغم أنه لاعب جديد في صفوف المنتخب الأول، إلا أنه اندمج بسهولة مع المجموعة ولعب متحررا وأوحى للحضور بملعب 5 جويلية سهرة يوم الأحد أنه يلعب مع يبدة وزملائه منذ عهد المدرب سعدان، مرورا بعهدة خليفته بن شيخة، والحقيقة أنه معهما لم يحصل على الفرصة التي أتيحت له مع البوسني. كان من بين أفضل اللاعبين على الميدان وبشهادة أهل الإختصاص- بينهم الدكتور بوعراطة-، فإن مترف أدى الدور المنوط له بامتياز وغطى جهته اليسرى أفضل تغطية بسد المنافذ من جهة مصباح، كما أنه ساهم في بناء الهجمات من تلك الجهة بمساعدة قادير ومصباح، فضلا عن التمريرات الدقيقة التي كان يزود بها المهاجمين في العمق من حين لآخر، إضافة إلى حضوره بدنيا وتمكنه من مواصلة اللقاء بنفس النسق، ما جعله من أفضل اللاعبين الذين كانوا على أرضية الميدان. بن شيخة أحبّه لكنه تجاهله ويكون مترف بفضل مردوده الرائع قد ردّ الإعتبار لنفسه من التهميش الذي طاله في الماضي، ومن معاناته في كل مرة من التجاهل وإبقائه بعيدا عن حسابات المنتخب الأول، ونخص بالذكر فترة إشراف بن شيخة على المنتخب الوطني، وهي الفترة التي كان اللاعب يعوّل عليها كثيرا، لا سيما أنّ “الجنرال” كان قد وعد منذ قدومه بمنح الفرص للمحليين، بل وعد- على حد قول مترف في حوار سابق له معنا- بأن يمنح لكافة لاعبي المنتخب المحلي فرصهم بانتظام، غير أن تلك الفرص لم تتح لمترف الذي امتعض من بن شيخة في إحدى المرات بسبب نزعه عن قائمة لقاء مراكش، ودافع عن حقه وأعرب عن استغرابه من سر ذلك التهميش من مدرب يعرفه جد المعرفة ويعرف إمكاناته الحقيقية أكثر من أي مدرب آخر. البوسني لم يفوت الفرصة ومنحه ما كان ينتظر وكان على مترف أن ينتظر ويصبر ويواصل الإجتهاد لكي ينال ما دامت الدنيا فرص كما يقال، فانتظر فرصته إلى غاية مجيء البوسني وحيد حليلوزيتش الذي وفي وقت قصير تمكن من اكتشافه والوقوف على إمكاناته خلال المباريات القليلة التي لعبها مع شبيبة القبائل، فوجه له الدعوة واختبره عن كثب في تربص “سيدي موسى”، ومنحه الفرصة التي ظل يطالب بها، والفضل إن نجح مترف الآن في مشواره الدولي مع المنتخب الأول سيعود له حتما للبوسني بما أنه المدرب الأول الذي يدرجه أساسيا في أول لقاء رسمي له بأرض الوطن منذ توليه العارضة الفنية. مترف حفظ ماء وجه المحليين بامتياز وكان مترف سهرة أول أمس اللاعب المحلي الوحيد الذي حجز مكانة أساسية له في تركيبة حليلوزيتش، ليحفظ بذلك ماء وجه محليينا الذين مررت لهم رسالة من خلال إشراك مترف أساسيا بأنهم هم أيضا قادرون بفضل العمل، الجدية والمثابرة على كسب ود وثقة حليلوزيتش الذي لا يعترف لا بالأسماء الرنانة، ولا بالمحترفين أو مزدوجي الجنسية، بقدر ما يعترف بمن يبلل قميصه ويعطي ما هو مطلوبا منه، لذلك فما على جابو، تجار، حشود وغيرهم سوى مواصلة العمل والتألق مع أنديتهم مستقبلا كي يحذون حذو مترف.