بمجرد نهاية حفل "الكرة الذهبية"، أصبح قراء "الهدّاف" ينتظرون بشغف متى سيتم كشف ما الذي قاله الجناح الهولندي والأسطورة الكروية "يوهان كرويف" الذي كان ضيف الشرف في طبعة "الكرة الذهبية" هذه السنة. الأكيد أن "كرويف" لا يملك لجاما في فمه والأكيد أيضا أنه فتح قلبه مثل كل النجوم السابقين حصريا ل "الهدّاف". فقد تحدّث عن العديد من الأمور التي تهم قراءنا. "كرويف"، مثلما هو معروف، شخص صريح وتحدث معنا بطلاقة وعفوية ولم يتوان للحظة في الدفاع عن فلسفته الكروية التي كان دائما يسعى لفرضها وتطبيقها، وهي السياسة التي كان يسعى من خلالها للعب الجميل وتحويل الملعب إلى مسرح ممتع. هذا الحوار الشيق أجريناه في جناح "كرويف" في فندق الأوراسي، والذي كانت خلفيته خليج العاصمة الذي يكون النظر إليه من الأوراسي قمة في الروعة... كان فعلا المكان المناسب لدردشة شيقة ومميّزة مع نجم عالمي وأسطورة كروية حقيقية... شكرا "كرويف" على قبولك القدوم إلى الجزائر خصيصا لحضور حفل الكرة الذهبية الجزائرية... يشرفني الحضور إلى الجزائر ومقاسمتكم هذه الأوقات المميزة، خاصة أن المتوج شاب يلعب في إسبانيا وهو شخص رائع ومميز. كل العالم يعرف أنك مؤسس طريقة لعب "البارصا" الحالية والأب الروحي للكرة الشاملة التي يلعب بها هذا الفريق المميز، ألا تود أن تعطينا الوصفة السحرية لكي نلعب بهذه الطريقة المميزة ونفوز مرارا؟ ما الذي يجب أن نفعله لكي يتمكن المنتخب الجزائري من اللعب مثل "البارصا"؟ لا يمكن أن نقوم بهذا الأمر خلال يومين فقط، يتطلب وقت لتطوير الأمور، وللحديث عن "البارصا" يجب أن لا تشاهدوا البارصا لما تكون بحوزتها الكرة فقط، وإنما شاهدوها لما لا تكون بحوزتها الكرة، اللاعبون يضغطون على المنافس بشكل آلي ويسترجعون الكرات بسرعة فائقة، ثانيا يجب اللعب بطريقة سهلة، في كرة القدم أصعب شيء أن تنجح في القيام بالحركات السهلة، وهنا أقول إن اللاعبين الموجودين في برشلونة لا يخطئون في الكرات السهلة، وليس هذه هي حالة كل الأندية الأخرى، نسميها الإمكانات الفردية وبرشلونة تملكها. هل تعتقد أنه بوجود لاعبين مميزين فرديا نستطيع اللعب مثل برشلونة على المدى الطويل؟ نعم هذا أكيد، لكن بشرط أن نغرس هذه الطريقة وهذاالفكر في اللاعبين منذ سن مبكرة أي لما يكونون في الفئات الشبانية، الجزائر تملك المواهب وهي من بين أحسن البلدان كرويا في القارة السمراء، وإن أرادت الوصول إلى مستوى عالمي يجب أن تنطلق في العمل من لقاعدى، فبرشلونة لم يتطور بين عشية وضحاها، بل من خلال العمل الجاد في القاعدة، وكلما عملنا أكثر في القاعدة كلما زادت فرص النجاح أكثر فيما بعد. لما تشاهد البارصا تلعب أن تشعر بالحنين لكراسي الاحتياط ومهنة التدريب لا لا، بلغت من العمر 65 سنة، وأنا مرتاح في حياتي الحالية مع التقاعد. لكنك تقاعدت منذ فترة طويلة، ألم يتسلل إليك الملل؟ لا بتاتا، فمع "منظمة كرويف" أقضي أوقاتا مميزة بالتكفل بالأطفال المعوقين، وأقضي وقتي أيضا في تكوين اللاعبين الذين لم ينجحوا في مشوارهم الكروي، أساعدهم على النجاح في التسيير الرياضي أو الإداري. وأنت أيضا مدرب منتخب كاتالونيا... ولكني أقود هذا المنتخب يوما واحدا كل سنة خلال لقاء استعراضي فقط. يمكن القول إنها علاقة غرامية مع كتالونيا، أليس كذلك؟ بلى هذا صحيح، فمثلما تعلمون جئت إلى كاتالونيا منذ فترة طويلة ولازلت أعيش هناك، وكنت لاعبا للبارصا وبعدها مدربا، وبالتالي هو طريق عادي أتخذه لأني أشعر أني مدان ومجبر على رد جميل "الكتلان". هل تعتقد أنه سيكون في يوم من الأيام لقاء كتلوني - جزائري في "كامب نو"؟ في كل مرة نحاول أن نجد منافسا قويا ومميزا، ولكن الأمر ليس سهلا لأن هذه الفترة من السنة تكون فترة عطلة، هذه المرة المنافس من إفريقيا لأنه يحضر كأس أمم إفريقيا (يتحدث عن نيجيريا)، تربصه سينطلق يوم 2 جانفي المقبل وبالتالي قبلنا اللعب أمامه في اليوم نفسه، نحن نبحث عن منافسين متاحين في تاريخ معقد للغاية وبالتالي الأمر صعب. نعرف جميعا أنه أنت من فرض ڤوارديولا مدربا للبارصا، ما الذي يمكن أن يحفز هذا المدرب على العودة مجددا إلى كراسي الاحتياط بعد أن فاز بكل شيء مع البارصا؟ هل هو فريق جديد، أو منتخب وطني؟ يجب التأكيد على أن ڤوارديولا لازال شابا ولازال الوقت مبكرا له للتوقف، سيعود لعمله ولكن هذه المرة للقيام بشيء مختلف تماما، ولكن ما هو؟ لا أحد يعرف ذلك! بالنسبة لتدريب منتخب وطني هذا الأمر له ميزاته وصلاحيات ولكن فيه بعض المشاكل الخاصة، فمثلا من أجل فرض طريقة اللعب التي يريدها يلزم ڤوارديولا الكثير من الوقت والحصص التدريبية، وهو ما لا يمكن أن يتاح له على رأس منتخب، بالمقابل الأمر الجيد أنه في المنتخب يمكنه اختيار اللاعبين وهذا شيء إيجابي، أما فيما يتعلق بالشطر الأول من سؤالك عن تدريبه ناديا، فيجب على ڤوارديولا أن يجد أولا ناديا حيث يستطيع فرض فكره وطريقته، في النادي عليهم أن يتركوه يعمل بهدوء وبكل حرّية ويعرف أنصاره كيف يقيّمون طريقة اللعب التي يريد فرضها، لهذه الأمور كلها قلت إنه يوجد علامة استفهام كبيرة عن مستقبله. الكثير من الأندية تجري وراءه وتحاول إقناعه على غرار تشيلزي، مانشستر يونايتد، أسي ميلان، وحتى منتخب البرازيل كان يريده في فترة سابقة، بكل صراحة سيد "كرويف" أين ترى ڤوارديولا يدرب؟ سيكون خيارا شخصيا، وأركز على كلمة شخصي، بالمقابل الأمر الأكيد هو أن النادي الذي سيختاره يجب أن يعجبه، والأجواء السائدة أمر مهم للغاية أيضا، قرار اختيار هذا النادي تعود ل ڤوارديولا وحده، وإن كان يريد البقاء 4 أو 5 سنوات في ناد يجب أن يعطيه النادي الورقة البيضاء وحرّية التصرف حسب فكره في كرة القدم. فيما تختلف بارصا ڤوارديولا عن بارصا تيتو فيلانوفا؟ أعتقد أن خط سير النادي هو نفسه ويسير بشكل منطقي، والتشكيلة التي كانت مع ڤوارديولا هي نفسها الموجودة حاليا، "بيب" كان قد حصد كل شيء مع الفريق، ولما غادر الكثير شكك في قدرة تيتو على إمساك زمام الأمور والتحكم في الوضع، لكن في النهاية الأمور سارت على ما يرام والأهم هم اللاعبون، فإن كانوا محفزين فسيعطون كل ما عندهم على الميدان، فهم من يلعب ويغير الأمور يوم اللقاء، في الوقت الحالي كل شيء على أحسن ما يرام وسننتظر لنحكم. كنت دائما تبدي نفورا من طريقة اللعب التي يطبقها ريال مدريد وكراهية لهذه الطريقة، لماذا؟ لا ليس نفورا أو كراهية تجاه ريال مدريد، فالريال يملك فريقا قويا للغاية هناك 3 أو 4 أندية تتألق وتخرج عن القاعدة في الوقت الحالي، منها برشلونة وريال مدريد، ولكن ما يقلقني في الريال هي طريقة تكوين وتربية شبانه، وسأشرح ما أريد قوله: فمثلا ميسي، تشافي، إنيستا،،، أشخاص عاديون يمكن أن تقابلهم كل يوم في الطريق ولا يتصرفون بغرابة، هذه هي طريقة تكوين وتربية الشبان، وهو ما يختلف بين الريال وبرشلونة. كيف تفسر تزايد عدد اللاعبين الجزائريين في البطولة الإسبانية؟ هذا الأمر يعود لمشاركة الجزائر في "المونديال" الأخير، ما جعل وكلاء أعمال اللاعبين يهتمون أكثر باللاعبين الجزائريين، خاصة أنهم يعرفون أن طريقة اللعب الجزائرية تصلح لكل وقت، وهذا الأمر سيؤدي دون شك لقدوم لاعبين جزائريين آخرين إلى البطولة الإسبانية، اليوم الكل يجب أن يقول: لم يعد أمرا معقدا اللعب في إسبانيا إن كنا نتطور كل يوم، وأقول نتطور وليس نفوز كل يوم كلما كانت حظوظنا أوفر، وكلما كان عدد الجزائريين أكثر في البطولة الإسبانية كلما كان ذلك في مصلحة المنتخب الجزائري. ما رأيك في مشوار فغولي مع فالنسيا؟ ما دام قد أختير أحسن لاعب جزائري في سن 22 سنة هذا يشرح كل شيء، ولكن في الوقت نفسه سيجعله أمام مسؤولية أكبر يعني أنه سيكون الموسم المقبل مطالبا بأن يكون على الأقل ضمن الثلاثة الأوائل، سيكون هذا ثقل ومسؤولية إضافية على عاتقه، هذا الأمر يدفعه إلى الأمام دائما، فإن كان لاعب في سنه لا يفكر في التحسن كل يوم لا يمكن أن يتقدم، ومثلما يقول المثل من لا يتقدم يتأخر. كيف تراه من الناحية الفنية؟ تقني ومهاري، ويكفي أن ترى جسمه لكي تتأكد من الأمر، فلاعب مثل هذا يجب أن لا يعتمد على جسمه، هو لاعب ماهر بالكرة، وعندما أقول إنه تقني فلا أتحدث هنا عن المراوغات، فالتقنيات هي أن تنجح في خلق فرصة من خلال لمسة واحدة للكرة وليس من خلال 6 لمسات، التقني هو من يرى كل منافسيه وزملاءه في لحظة أو ثانية واحدة، ليضع بعدها الكرة أين يجب أن تكون، هذه هي أكبر وأحسن ميزة لدى لاعب كرة قدم. ما الذي ينقصه لكي يحقق قفزة في أحد عملاقي الكرة الإسبانية ريال مدريد أو برشلونة؟ يجب أن نتركه يكبر فهو لا يبلغ من العمر سوى 22 سنة يجب أن لا تنسوا ذلك، فميسي استثناء في كرة القدم لأنه ظاهرة حقيقية، ولكن القاعدة العامة تقول إن لاعبا يصل إلى كامل إمكاناته في سن ال 24 و25 سنة، أو حتى 26 سنة وبالتالي لديه الوقت الكافي لكي يبرهن على قدراته، فمشوار لاعب كرة القدم في شكل عادي ينتهي في سن 35 أو 36 سنة، فغولي لا زال كل المستقبل أمامه ويجب أن لا يكون متسرعا. هل تراه في ناد كبير في سن 24؟ نعم، ولكن بشرط أن يكون في نهاية فترة تعلمه في إسبانيا وفي أوج عطائه، دون أن ننسى أخذه بطبيعة الحال جرعة مهمة من الخبرة. إذن هل تعتقد أن أحسن أمر بالنسبة إليه هو البقاء في فالنسيا أم تغيير الأجواء؟ هذا قرار شخصي يعود له هو، الأكيد أن فالنسيا فريق يسمح له بأن يصبح لاعبا كبيرا، فهو ناد يوجد فيه ضغط شديد ونادي فيه متطلبات كثيرة، وأنا متأكد أن فغولي جيد من الناحية التقنية لأنهم هناك يلعبون كرة القدم الحقيقية، هذه التفاصيل تسمح للاعبين مثل فغولي بالتألق أكثر. نحن نتحدث عن كرة القدم الجزائرية الحالية، ونسينا أنك تعرف جيدا كرة القدم الجزائرية لسنوات الثمانينيات، ما هي الصورة التي تحتفظ بها عن تلك الكرة في تلك الحقبة؟ لقد حدثت في تلك الحقبة أمورا خاصة ومميزة للغاية بوجود لاعبين من نوع خاص لا يقومون بالأشياء بشكل عادي مثل بقية العالم، فلو ننظر إلى ماجر في تلك الفترة أو زيدان قبل وقت قريب هما لاعبان نعرف بسرعة أنهما غير عاديين ولا يشبهان البقية وبسرعة تود أن تضمهما إلى فريقك. هل صحيح أنك كنت تريد أن تضم ماجر لما كنت مدربا ل"البارصا"؟ نعم هذا صحيح، ولكن لا اعرف لماذا لم تسر الأمور كما ينبغي حينها، فماجر يعتبر من بين اللاعبين غير العاديين الذين يقومون بالأمور بشكل خاص للغاية، ودائما كنت مهتما بضم مثل هؤلاء اللاعبين. هل تعتقد أنه من الخطأ الحديث دائما عن هذه التشكيلة التي كانت سنوات الثمانينيات؟ يجب أن يعرف الجميع أن هناك فترة من العطاء المميز. اللاعب الشاب الحالي بحاجة لأن يقارن نفسه ببطل لا يمكن أن يجده إلا في الماضي، وبالتالي ليس خطأ أن نتحدث عن تشكيلة الثمانينيات التي كتبت صفحة جميلة من تاريخ الكرة الجزائرية، فإن تحول لاعبون جدد إلى أبطال هذا سيكون أمرا جيدا ولكن يجب أن لا ننسى السابقين، فلا يمكن أن نمحي شخصا لكي نعوضه بشخص آخر، فهناك مكان للجميع من أجل كتابة التاريخ. لنعد إلى ما يحدث حاليا، ما رأيك في الفارق الموجود حاليا بين الريال وبرشلونة؟ هو فارق شاسع ورهيب، وليس جيدا بالنسبة إلى "الليغا"، فهناك أنصار "البارصا" فقط من هم سعداء، والبطولة لا تكون مهمة لما لا يكون فيها تنافس شديد. مؤخرا اختيرت التشكيلة المثالية في تاريخ كرة القدم، بالمقابل لم تضع اسمك ضمن ال 11 لاعبا، هل هو تواضع منك أم تعتقد فعلا أنك لا تستحق مكانة ضمن هؤلاء في تشكيلة الأحلام؟ قد أكون أملك مكانة ولكن ليس أنا من يجب أن أضع اسمي فيها. ولم يكن فيها حتى مارادونا، زيدان، ميسي وكريستيانو... في فريق يوجد فقط 11 لاعبا والبقية يكونون غير راضين. ولما نقوم بالإختيار نتوقع دائما أننا سنغضب البعض، كنت قادرا على أن أضع تشكيلتين أو ثلاثة للأحلام، ولكن طلبوا مني واحدة فقط فقمت بخياري. حسب الإختصاصيين يوجد لاعبون كبار ويوجد أساطير في كرة القدم مثل دي ستيفانو، بيليه، أنت أيضا، مارادونا، زيدان.. هل تعتقد أن ميسي في الوقت الحالي سبق الجميع؟ لديه أفضلية أنه لا زال يلعب، بالمقابل الآخرون لا يستطيعون فعل شيء آخر ما عدا ما قاموا به، ولكن يجب أن لا نفرض عليه ضغطا يجب فقط أن نستمتع ونحن نشاهد ميسي يلعب، فهو يملك قدرة على التسجيل ومنح أهداف للزملاء أيضا، ففي معظم الأحيان تكون عند لاعب كرة قدم واحدة من هاتين الخصلتين، ولكنه يملكهما معا، ميسي محظوظ لأنه يلعب في فريق وضع على مقاسه وهو أيضا على مقاس "البارصا»، الأمر الذي بيدنا نحن هو أن نستغل الأمر قدر الإمكان ونستمتع به، ولن يكون من الفائدة مقارنته بالآخرين. هل تعتقد أنه سيحطم أرقاما أخرى؟ أعتقد أنه سيفعل ذلك، لديه كل الإمكانات لتحقيق ذلك، حتى وإن كنت أعتقد أنه الموسم المقبل لن يستطيع القيام بما قام به الموسم الماضي، وسيكون الأمر في كل مرة صعبا بالنسبة إليه، ولكني أعرفه، واعرف أنه سيحاول دائما أن يحقق الأحسن. من سيفوز بالكرة الذهبية ل"الفيفا" هذا الموسم حسب اعتقادك؟ من المفترض أن يكون ميسي، فلما تشاهد "البارصا" تفهم أنه لا يوجد من يستطيع منافستها. أحدث إعطاء شرف تنظيم كأس العالم 2022 لقطر ضجة واسعة، هل تعتقد أن هذا البلد يستحق تنظيم كأس العالم، وأنه سينجح في مهمته؟ لما يحدثوني عن ملعب مكيف هوائيا أبقى مندهشا، ولكن هذا عادي لأنه قبل 50 سنة لو جاء أحد وحدثني عن صعود البشر إلى القمر كنت سأعتبره مجنونا، ولكن بكل صراحة لم أفهم إلى حد الآن سبب منح تنظيم كأس العالم لهذا البلد، هناك الكثير من الأمور ضد قطر إلى درجة أنك تقول لماذا سنذهب هناك للعب كأس العالم، هناك أماكن أخرى كثيرة في العالم يمكن أن نلعب فيها كأس العالم. المهم 2022 لا زالت بعيدة وسنرى إن كانت قطر في السنوات القليلة القادمة ستحقق تقدما، إن كان حدث ذلك سيكون هذا جيدا وإلا سيكون من الضروري تغيير المنظم. من سيكون حسب اعتقادك أحسن مدرب هذه السنة؟ المرشحون هم: ڤوارديولا، مورينيو وديل بوسكي أليس كذلك؟ ديل بوسكي حقق مشوارا رائعا ليس فقط هذه السنة بل منذ فترة طويلة، ڤوارديولا لم يكمل الموسم، والريال لم يحقق موسما كبيرا مع مورينيو، لا أريد خلق مشاكل ولكني معجب للغاية بديل بوسكي. ففضلا عن فوزه بالطريقة والأداء هو يمرر روح رياضية عالية للاعبين وتضامنا واسعا بينهم، وبالنسبة إليّ هذه المعطيات مهمة للغاية بالإضافة إلى الإنتصارات بطبيعة الحال. إذن يمكن أن يكون تصرف ديل بوسكي بمثابة مرجع؟ بالنسبة إليّ نعم، فأنا لا أحكم على الناس من خلال النتائج التي يحققونها فقط، بل حتى من خلال تصرفاتهم داخل وخارج الميدان، لقد حدثت العديد من الأمور بين لاعبي "البارصا" والريال ولكن ديل بوسكي كان تصرفه دائما مثاليا ويدعو للسلم، لهذه الأسباب لو أكون مطالبا بإختيار أحسن مدرب في الموسم سأختار ديل بوسكي. خلال السنوات الاخيرة أصبحت استثمارات رجال الأعمال العرب ( الشيوخ) في الأندية الأوربية موضة على غرار ما يحدث مع "بي. أس. جي" مانشستر يونايتد ومالاڤا، هل تعتقد أنها الوصفة اللازمة لتكوين فريق كبير؟ إنه أسوأ شيء يمكن أن نفعله في كرة القدم وأكبر خطأ نقع فيه، فإعطاء الكثير من المال للاعب أو للاعبين لا يضمن بالضرورة النجاح وتقديمهم ما يجب، ففي النهاية كرة القدم لعبة جماعية نلعب فيها 11 ضد 11، وحتى وإن كانت لك كل أموال الدنيا لا يمكنك أن تضيف لاعبا آخر لتلعب ب 12 ضد 11، لنعد للخلف قليلا من هي الأندية التي كانت الأكبر في العالم، هناك بايرن ميونخ من خلال لاعبين معظمهم ألمان، أجاكس بلاعبين هولنديين، كان هناك أيضا ملان بقيادة "أريڤو ساكي" بأغلبية من اللاعبين الإيطاليين و3 هولنديين، واليوم البارصا هي أحسن فريق بفضل مدرستها الكروية، فريق كرة قدم لا يتم خلقه من الأموال بل يتم بناؤه وتكوينه، ولو أراد أحد الأمراء الاستثمار عليه أولا التفكير في الشبان عوض شراء العديد من اللاعبين، يجب أن تستقدم شخصا واحدا من أجل وضع طريقة وقاعدة لتكوين اللاعبين، وأعود هنا إلى برشلونة فإن كان كل أطفال العالم فخورين بحمل قميص هذا النادي، فهذا راجع لطريقة تفكير هذا الفريق وفلسفته وهذا الأمر لا يمكن شراؤه بالمال. بعض الجوانب في مسيرتك الرياضية بقيت غامضة لحد الآن، مثلا قضية رفضك لعب مونديال 78 في الأرجنتين، هل يمكن أن تقول لنا لماذا لم تذهب مع المنتخب الهولندي إلى الأرجنتين؟ لكي تلعب كأس عالم يجب أن تكون مقتنعا وجاهزا بنسبة 100 % ولم يكون وضعي كذلك، ففي تلك الفترة تعرضت لهجوم مسلح في بيتي وهو ما أفقدني الرغبة في لعب كرة القدم وفي لعب المونديال، فكرة قدم المجانين لا أحبها ولا أريدها. ذلك الهجوم الذي تعرضت له هل كان موجّها لكي يمنعك من لعب المونديال؟ لا أعتقد ذلك، ما حدث أنه تم تقييدي ووضع بندقية على رأسي، قلت في نفسي صحيح أنّ كرة القدم أعطتني كل شيء، لكني وصلت إلى قناعة تقول إنه يجب ترك كل شيء. ألم تكن له علاقة بالديكتاتورية الموجودة في الأرجنتين؟ لا بتاتا، الأمر حدث في برشلونة في حقبة صعبة جدا خلال فترة انتقالية من دكتاتورية "فرانكو" إلى الديمقراطية، الكل كان حرا في فعل ما يشاء، ذلك كان ثمنا للتغيير وكدت أدفعه بروحي.،وبالتالي لم يكن بعدها ممكننا أن أضع حياة عائلتي في خطر. إذن تركت كرة القدم تماما. نعم، هذا ما حدث، لكن بعد بضعة أشهر تراجعت وشعرت باشتياق شديد لكرة القدم، لذلك قررت بعدها اللعب في الولاياتالمتحدةالأمريكية أين وجدت بعض الهدوء. ألم تندم على قرارك أو بالأحرى ألم تندم على عدم الفوز بكأس العالم اللقب الوحيد الذي ينقصك؟ لا، لأني لا أندم أبدا على قراراتي، بالإضافة إلى ذلك قراري كان قرارا حكيما، يمكن أن تقول إنه ينقصك لقب لما تكون لم تفز بشيء، لكن لا يمكن أن تقول ذلك لما تكون قد فزت بالكثير بالألقاب، إضافة إلى كل هذا سأقول لك شيئا بكل صراحة، نهائي كأس العالم سنة 1974 أعطانا "بريستيج" أكثر من لو كنا فزنا باللقب، لقد كسبنا تعاطف وثناء العالم أجمع لأننا كنا أحسن من الفائز ولم نكن نستحق الخسارة. لمّا ذكرت اسم زيدان ضمن قائمة عظماء الكرة العالمية لم تقل شيئا... لأنه لاعب عظيم، أول لاعب إفريقي ترك بصمة حقيقية في تاريخ الكرة الأوروبية، لأن زيدان ليس فقط ريال مدريد بل جوفنتوس والمنتخب الفرنسي، فأكبر فوز حققه المنتخب الفرنسي سنة 1998 أنه عرف كيف يخلق روح التعايش الاجتماعي، فقد كانت هناك ألوان بشرات كثيرة لكن فريق واحد فوق الميدان، وهو ما يدل على أنّ التعايش في فرنسا أحسن من السابق. منذ قليل لمّا تحدثنا عن ماجر لم تذكر عقبه الشهير رغم أنك خلال لقائنا الأول في القنصلية في برشلونة لم تكن تحدثنا سوى عن هذا... لقد قام بلقطة عالم كرة القدم لم يكن متعوّدا عليها، أعتقد أن ماجر لم يكن أمامه الوقت الكافي للتفكير فيما يجب أن يقوم به في تلك اللقطة، فمثلما تعرف عندما يكون أمامنا الوقت نستطيع فعل الكثير من الأمور، لكن لمّا يكون الوقت ضيق يجب أن نرتجل ونقوم بشيء يخرج من العدم ويفاجئ الجميع. الجميع يتحدّثون عن الخماسية الأخيرة من برشلونة في مرمى الريال ( لامانيتا)، لكن الكثير يجهلون أنّ أول خماسية تعود لسنة 1974 عندما كنت تلعب في برشلونة وحدثت في ملعب سانتياڤو بيرنابيو، هل تتذكرها؟ هي ذكرى تعود لوقت بعيد، في تلك الفترة زوجتي كانت ستضع ابني يوم اللقاء وهو ما كان سيمنعني من اللعب، ولكي أتمكّن من لعب تلك المواجهة قدمت موعد الإنجاب بالنسبة لزوجتي وأجرت عملية قيصرية وجاء ابني للوجود أياما قبل المواجهة بعد نصائح من الأطباء بطبيعة الحال، أياما بعدها هزمنا الريال (5-0). منذ فترة طويلة راهنت على ڤوارديولا لكي يكون مدربا للبارصا، حاليا الحديث عن تشافي لكي يكون مدرب البارصا مستقبلا، هل تراه يقود الفريق في المستقبل القريب؟ تشافي يملك مؤهلات كبيرة وهذا أمر واضح، لكن أن تكون مدربا الأمر يتطلب أشياء كثيرة أخرى، كيف تسيّر الأمور في غرف حفظ الملابس، كيفية التعامل مع الأنصار والمسيرين وهو ما يطلق عليه بالإنجليزي "people management" أي طريقة تسيير البشر، كيف تكون شخصا ودودا وفي نفس الوقت صلبا، وليس كل الناس فيهم هذه الصفات، لكن ڤوارديولا كان يملكها. وصلنا إلى نهاية الحوار، نود أن نعرف ما هي الصورة التي ستأخذها معك بعد زيارتك للجزائر؟ صورة شعب ودي وظريف وصورة الأطفال في حي القصبة يلعبون كرة القدم، لم يكونوا بحاجة لأشياء كثيرة لكي يكونوا سعداء بل كانوا بحاجة فقط لمساحة صغيرة وكرة. حاوره: محمد ساعد