مختار التليلي، مدرب تونسي شهير، عميد الممرّنين هناك، له تاريخ طويل من الألقاب والتتويجات، يشرف حاليا على المنتخب الفلسطيني الأولمبي، لم نجد أفضل منه للحديث عن مقابلة أمريكا التي تُشكّل حدثا كبيرا في فسلطين. تحدث بصراحة مطلقة وهي عادته التي سبّبت له الكثير من المشاكل، لكنه يصرّ دائما على ما يقول. بداية مختار، ما هي نظرتك لمقابلة الجزائر وأمريكا؟ أول أمر لا بد من التأكيد عليه هو أن المنتخب الجزائري يتحسّن من مقابلة الى أخرى. فبعد الوجه المتوسط الذي قدمه أمام سلوفينيا والهزيمة غير المتوقعة، كان الأداء ممتازا على كافة المستويات أمام إنجلترا، سواء بالنسبة للاعبين أو المدرب سعدان الذي تفوّق تكتيكيا بحسن قراءته اللقاء وتعامله الممتاز في التغييرات. بقي أمر واحد وهو أن معطيات مقابلة إنجلترا تختلف كثيرا عن معطيات مباراة الغد (الحوار أجري مساء أمس)، فأمام إنجلترا كان كل شيء مسموح إلا الهزيمة، وأمام أمريكا سيكون كل شيء ممنوع إلا الفوز، وصراحة لا أكذب عليك أنا متفائل لكن يجب حصول أمر ما، حتى تتغيّر الأمور نحو الأحسن. ما هو هذا الأمر؟ نحن نعرف أن الهدف هو الفوز، وحتى تفوز يجب إحداث لمسات خفيفة على التشكيلة، طريقة اللعب يجب أن تبقى نفسها، مع تغيير على مستوى التشكيلة التي تلعب... للضرورة، يجب تغيير لاعب من وسط الميدان بلاعب آخر مهاجم يكون ثابتا، يلعب في منطقة 16 م. للمنافس. أمام إنجلترا لعب الفريق الجزائري بمطمور، لكنه ليس رأس حربة حقيقي، هذه المرة إن كان سيبقى في الهجوم من المفترض أن يدعمه لاعب آخر، مع ترك حرية أكبر للاعبي الظهيرين، مع تحقيق الزيادة العددية عند الهجمات بتواجد أكبر عدد ممكن من اللاعبين داخل منطقة عمليات المنافس. أمر آخر لا بد من الحديث عنه في مباراة أمريكا وهي قوة المنافس بدنيا وقدرته على الفوز بالصراعات الثنائية في وسط الميدان، كما أنه يملك ظهيرين متحركين قويين، وهي معطيات من المفترض أن الأخ والصديق سعدان يعرفها، ورغم أن المنافس منتخب ممتاز إلا أنني مقتنع بأمر واحد. هل هو الفوز؟ نعم، لكن شرط التركيز في اللعب وأن تكون هناك زيادة عددية وجرأة أكبر أمام مرمى المنافس. ألا ترى أن اللعب من أجل الفوز بنتيجة (2-0) سيشكل عبئا إضافيا على المنتخب الجزائري المطالب بتحقيق هذه النتيجة إذا كان يريد المرور الى الدور الثاني دون إنتظار أحد؟ لا بد من السير بمراحل، نفوز باللقاء أولا ثم نبحث عن تحقيق (2-0) عندما تكون هناك إمكانية لتحقيق ذلك. يجب أن لا يسارع اللاعبون ويعملون على تسجيل ثنائية “ضربة واحدة” فكل شيء يتم بالترتيب، ربما (1-0) ستؤهل الفريق الجزائري إذا فازت إنجلترا بأكثر من ثنائية وهو أمر وارد أمام الفريق السلوفيني الذي له مستوى متوسط. على كل حال عندما يفوز المنتخب الجزائري بأي نتيجة في رأيي يكون قد قام باللازم وفي كل الحالات اللاعبون لن يتحسروا ولن يندموا حتى إذا قدر الله ولم تكن نتيجة الفوز تلك كافية للتأهل. حتى المدرب الجزائري يفكر في إحداث تغيير كما طالبت أنت بالإعتماد على مهاجم إضافي، لكن جبور سيأخذ مكان بودبوز الذي أدى مباراة جيدة أمام أمريكا على مستوى التنشيط الهجوم، هل ترى هذا الخيار صحيح؟ أنا اسأل بكل براءة لماذا لا يلعب بودبوز أمام أمريكا؟ أعتقد أنه لاعب مهم خلف المهاجمين الإثنين، وكما كنت أقول أمام إنجلترا كان يحتاج مطمور الى دعم إضافي من مهاجم آخر، وبودبوز يومها قام بدوره لكن الدعم اللازم ربما كان من المفترض أن يأتي من المهاجم الثاني الغائب والذي لم يلعب وطالبنا به أمام أمريكا. في رأيي الشخصي بودبوز يمكن أن يكون أساسيا مع مطمور ومع مهاجم آخر لا أدري من سيكون، وإن رأى سعدان غير ذلك فهو يعرف أفضل مني ومن الجميع، ومن حقه التجريب، وما دام أن الفريق الجزائري لم يسجل إلى حد الآن لا بد أن هناك خللا يجب تصحيحه وهو بصدد التغيير لوضع اليد على الجرح. البعض يطالب بمنح غزال الفرصة لتصحيح خطئه أمام أمريكا؟ أنا أظن وهذا رأيي الشخصي أن غزال هو أفضل مهاجم جزائري حاليا، هو أحسن من أي لاعب آخر، وفي كل الحالات لعب أو لم يلعب يجب أن يكون هناك مهاجم يدخل في آخر 30 م. من الملعب، وفي نظري نحن منتخبات شمال إفريقيا فينا عيب وهو أننا نعتمد على اللعب الفردي عندما نقترب من منطقة عمليات المنافس، نحب أن نراوغ ونسجل وحدنا وهذا خطأ، في وقت نملك حلولا أخرى من خلال الروح الجماعية والسرعة التي يمكنها خلق الحلول أخرى داخل هذه المنطقة. الفريق الجزائري لا يسجل، لماذا في رأيك وما هو الحل الذي تتصوّره أنت لهذا المشكل العويص؟ صراحة الفريق الجزائري له الإمكانات للتسجيل، يجب أن يكون هناك تضامن أكبر بين اللاعبين وزيادة عددية أمام مرمى المنافس، بالإضافة الى التخلي عن النزعة الفردية عند الإقتراب من منطقة الجزاء. كما أنه من المفترض من الدفاع الجزائري أن يحافظ على قوته، هناك أمور تحصل في كرة القدم ومفاجآت غير منتظرة، ربما ستقع أمام أمريكا وشخصيا أتمناها لصالح الجزائر. هل تؤيّد أو تعارض تغيير الخطة للتسجيل والحصول على المطلوب؟ المطلوب هو أن تبقى الخطة نفسها، لو يتم تغيير الخطة ستكون كارثة. من المفترض أن كل شيء يبقى هو نفسه مع بعض الجرأة الهجومية فقط، وإن كان يلزم التغيير فلاعب واحد كما سبق أن قلنا يكون مهاجما ثابتا لدعم مطمور، لماذا أنا ضد التغيير لأن الفريق وجد معالمه وآلياته، الكرة تمشي جيدا بل وبطريقة رائعة للغاية. كما أنها تدور بتناسق واللاعبون تعوّدوا على الخطة حسب ما ظهر لي، لهذا أعارض التغيير ولا أعتقد أن رابح (سعدان) سيُغيّر. حتى مع الأداء المشرّف أمام إنجلترا لا زال البعض يتحدث عن مدى أحقية المنتخب الجزائري بتمثيل العرب، ما موقفك؟ صراحة بعض العرب مرضى بالحسد والغيرة، خاصة المصريين، الذين لم يتقبّلوا أن فريقا من شمال إفريقيا يمثلهم، لكن لا بد من الإعتراف بشيء وهو أن شمال إفريقيا أفضل من حيث الإمكانات الفنية واللاعبين. كان من المفترض أن كل العرب وراء الجزائر ونحن التونسيين لم نتأخر في إعلان دعمنا وحتى المغاربة، وفي النهاية نحن مسرورون جدا أن الفريق الجزائري شرّفنا وشرّف العرب كلهم بأدائه أمام إنجلترا، وأقولها بأعلى صوتي لا يوجد فريق عربي يمكنه تكرار ما فعلته الجزائر أمام إنجلترا... اكتبها حتى يقرأها الجميع (بإنفعال). هل ترى أنه من المعقول أن يُناصر المصريون منتخب سلوفينيا والإنجليز، وصولا الى الأمريكي في وقت أن أطفال غزة المحاصرة يموتون جوعا؟ هذا غير معقول تماما، ولكن اعتبره مرضا ما دام لا نحب الخير لبعضنا لا يمكن أبدا أن نتقدم. إن شاء الله فقط وأدعو من أعماق قلبي أن يعطيهم الفريق الجزائري صفعة قوية على وجوههم حتى يستفيقوا ويتأكدوا فعلا أن الفريق الجزائري أفضل من مصر ومن كل المنتخبات العربية الأخرى ومن يقول غير ذلك فعليه أن يثبت العكس. كيف ينظر الفلسطينيون الى الجزائر، وماذا ينتظرون من مباراة الغد (اليوم)؟ كنت في رام الله وأحسست فعلا أن الشعب الفلسطيني كله وراء الجزائر، إنهم يحبون الجزائر بطريقة غير طبيعية وصدقني صدقني صدقني حتى في مباراة أم درمان بالسودان ناصروا الجزائر، يحبون الجزائر جدا لأن هناك علاقة طبيعية بين الطرفين هي علاقة شعبين يجمعهما الشهداء لأن فلسطين منحت وتمنح الشهداء دائما مثلما قدمت الجزائر في ثورتها مليون ونصف مليون شهيد، كما يجمع بينهما النضال وحب الوطن. وفي اعتقادي إضافة الى كل الفلسطينيين كل الشعوب العربية الى جانب الجزائر، عدا بلد او بلدين خرجا عن القاعدة وحتى نحن لا نحتاج الى تشجيعهم. ماذا ينتظر الفلسطينيون من اللقاء؟ الفوز بإذن الله يا رب، ومزيدا من أعلام فلسطين في الملعب ولم لا خلال الإحتفالات. بماذا تريد أن تختم؟ الجزائريون لا يريدون الدروس من أحد، وأطلب من الجميع أن يأخذوا منهم الدروس من فريق كرة القدم، ومنهم لأنه شعب مناضل ومكافح كانت له أعظم ثورة في التاريخ، وأقول صراحة أنني مفتخر بما قدمه منتخبكم أمام إنجلترا وإن شاء الله ما بقي فقط هو الفوز والتأهل الى الدور الثاني.