بما أن تحليله بعد نهاية المباراة لم يكن يهمّنا كثيرا لأننا تيقنا أن منتخبنا لن يرى التألق من جديد إلاّ بهجوم جديد يشتم لاعبوه الهدف ومرمى المنافس فإن الأنظار توجهت في الندوة الصحفية التي نشطها أمس المدرب الوطني رابح سعدان بعد خروج الجزائر من “المونديال”، إلى مستقبله على رأس العارضة الفنية إن كان سيمكث لفترة أخرى مع المنتخب أم أنّه سيرمي المنشفة كما كان يصرّح به منذ أشهر...ورغم أنه حاول التهرّب من الإجابة على السؤال الموجّه له حول مستقبله وما اتخذه من قرار، إلا أن سعدان لمّح إلى أنه مستقيل من العارضة الفنية عندما أجاب قائلا: “القرار اتخذته بصفة رسمية، وهو في الوقت الذي أحدّثكم في ذهني، ولا يمكنني أن أعلنه لكم قبل أن أبلّغ الاتحادية الجزائرية لكرة القدم... سوف أتحدّث مع الرئيس روراوة وجها لوجه في ظروف مواتية وأعلمه بقراري. أقول للجميع شكرا.. شكرا للاعبين، شكرا للاتحادية على الإمكانات التي وفرتها لنا.. لقد كانت أوقاتا لا تُنسى تلك التي قضيناها معا حتى الآن”. وعن التاريخ الذي اختاره لكي يعلن قراره النهائي ل روراوة، استطرد سعدان قائلا: “لم نتخذ لذلك موعدا، المهم أننا سنلتقي وسأعلمه بالقرار الذي هو في ذهني”. ومن المؤكد أن تصريحات كهذه جاءت لتؤكد أن سعدان قرّر الرحيل بصفة رسمية دون أن يعلنها فقط لوسائل الإعلام. “نحن نادمون على تضييع نقاط مباراة سلوفينيا” وبعدها كان لسعدان حديث عن إقصاء المنتخب من نهائيات كأس العالم في دورها الأول، وأكّد أن “الندم وكل الندم الآن يقع على المباراة الأولى التي ضيعناها أمام المنتخب السلوفيني، لقد كان الفوز يومها في متناولنا، لكننا أهدرناها من أيدينا ووضعنا أنفسنا في موقع صعب وحرج كهذا، وبالتالي فالحسرة شديدة جدا على الخروج بهذه الطريقة وتضييع أسهل نقاط كانت في متناولنا”. “تلك الخسارة هي التي أقصتنا اليوم” ولم يجد سعدان أيّ حرج في التأكيد على أن المنتخب الوطني أقصي من “المونديال“ بسبب تلك الخسارة، ليضيف: “لقد ظهرنا بمستوى جيد في هذا المونديال، ورغم خروجنا بنقطة وحيدة، إلا أننا كنا قادرين على الخروج بأربع نقاط تضمن لنا التأهل لو أننا فزنا بلقاء سلوفينيا الذي أخلط أوراقنا مع بداية هذه الدورة، وفي النهاية هو من أقصانا من المونديال”. “لعبنا أفضل من المبارتين الأولى والثانية” وعن انطباعه حول مستوى منتخبه ومستوى المباراة ككل، أضاف المدرب رابح سعدان: “أعتقد أن المباراة كانت جميلة من الجانبين، ومفتوحة على كل الإحتمالات، كانت لدينا فرص حقيقية للتهديف أهدرناها، وكانت لهم أيضا فرص للتهديف أهدروها، ولو كان الحظ والفعالية مع الجانبين لإنتهت المباراة بالتعادل الإيجابي (2/2) أو (3/3)، لقد بذلنا مجهودات جبارة في لقاء اليوم، ولعبنا أحسن من مبارتي سلوفينيا وإنجلترا، لأننا اندفعنا بأكبر عدد من اللاعبين في الهجوم، وخلقنا عددا كبيرا من الفرص لم نخلقه في اللقاءين الفارطين”. ليضيف: “لا يخفى عليكم أننا واجهنا مشكل الارتفاع الذي أثر على الحالة البدنية للاعبينا، ولذلك كنت أطالبهم من حين لآخر بأن يتصرّفوا مع المباراة بذكاء وألا يحرقوا طاقاتهم في الجري، ولا يتمكنوا بعدها من إنهائها بنفس النسق، ولذات السبب أيضا تعمدت التأخر في إحداث التغييرات، حيث قمت بتدعيم الخط الأمامي بعناصر تمتلك خبرة طويلة في الميادين، للأسف أنها لم تثمر”. “صنعنا فرصا عديدة والضغط هو الذي حال دون تجسيدها” وبعدها أكّد المدرب سعدان: “الضغط المفروض على المهاجمين جرّاء عدم تسجيل أي هدف منذ نهائيات كأس أمم إفريقيا الأخيرة، هو الذي حال دون تجسيد كل تلك الفرص المحصل عليها، لقد لاحظت أن الفرص التي أتيحت لنا لا غبار عليها، واضحة وضوح الشمس، لكننا أهدرناها بسبب الضغط والشك الذي تسرّب إلى نفوس اللاعبين. صراحة توقعت أن نسجّل في اللحظات الأخيرة بالنظر إلى الاندفاع الكبير للاعبينا في الهجوم، لكن ما حدث هو العكس لأن أمريكا سجلت علينا وظفرت بتأشيرة الوصول إلى الدور القادم. فهنيئا لها وأتمنى لها أن تذهب بعيدا في مشوارها في هذا المنافسة”. “لا بدّ أن نبحث مستقبلا عن قنّاصي الأهداف” وبما أنّ الجزائر خرجت بنقطة من هذه الدورة وبصفر هدف، كان لا بد من التوقف طويلا بعض الشيء مع سعدان كي يجد لنا الأسباب الجوهرية التي جعلت هذا الهجوم يصوم عن التهديف منذ لقاء كوت ديفوار، ولكي يقترح الحلول التي لا بدّ من اللّجوء لها مستقبلا للحدّ من عقم هذا الخط الضعيف. فأجاب قائلا: “اليوم لعبنا هجوميا أفضل، توغّلنا في منطقة العمليات، صنعنا الفرص، صوّبنا من بعيد قذفات بالجملة، منها ما كان داخل الإطار، ومنها ما كان خارجه. للأسف، لم يكتب لنا التسجيل، واعتقد أننا حتى الآن ظفرنا بحارس جديد كبير، بلاعبين رائعين في الوسط، وينقصنا مستقبلا أن نبحث عن قنّاصي الأهداف، عن لاعبين يشتمون المرمى ويستغلون الفرص التي تتاح لهم حتى يحدّ من هذا العقم”. “بعد 24 سنة من الغياب لا يُمكن إنتظار المعجزة” وفي الأخير، ودّع المدرب الوطني رابح سعدان الجميع بطريقة غير مباشرة عندما قال: “شكرا للجميع“، دون أن يقول “أنا مستقيل“ طبعا. وقال أيضا: “مستوى المنتخب في تصاعد كبير، اعتقد أن المنعرج الذي حطمنا هو الخسارة أمام منتخب سلوفينيا فقط. علينا ألا نفشل وألا نتوقف هنا، وعلينا أن نواصل العمل وأن نفتخر بما حققه المنتخب الوطني الذي وصل إلى هنا عن جدارة واستحقاق، علينا أن نفتخر أيضا بما قدّمه المنتخب اليوم من أداء بطولي وما قدّمه أمام منتخب إنجلترا أيضا، وأمام منتخب سلوفينيا رغم الخسارة”. واستطرد : “المهم أننا عدنا للمشاركة في المحافل الدولية العالمية بعد 24 سنة من الغياب، ولا يمكن انتظار المعجزة بعد هذه المدة الطويلة من الغياب، علينا أن نكون واقعيين، أدينا ما علينا، وكسبنا منتخبا قويا ينقصه هدّافون ورؤوس حربة يسجلون الأهداف، والمستقبل في اعتقادي سيكون في هذه العناصر الشابة التي نمتلكها”. مبولحي سقط أرضا في نهاية اللقاء كانت علامات التأثر بادية على الحارس رايس مبولحي وهاب بعد إطلاق الحكم الصفارة النهائية للقاء، إذ سقط أرضا ولم يصدّق أن الجزائر خارج “المونديال“، حتى اقترب منه زملاؤه لكي يرفعوا معنوياته وشكروه على كلّ المجهودات التي قام بها، وهو الذي قدم مباراة رائعة وأنقد المنتخب الوطني من أهداف محققة. وقد أبهر مبولحي كلّ من تابع اللقاء بمستواه العالي أين استحق العلامة الكاملة، ويدرك الجميع أنه ليس مسؤولا عن الهدف المسجّل في الدقيقة الأخيرة من هذا اللقاء.