قبل أن يُعلن الحكم الطوغولي “كوكو” سهرة اليوم عن انطلاق المباراة الإفتتاحية ل “الخضر” أمام تانزانيا، في إطار الجولة الأولى من المجموعة الثالثة لإقصائيات كأس أمم إفريقيا، 2012 ستكون معطيات اللقاء مختلفة تماما عن آخر ظهور الذي كان أمام “الغابون”. هذه المعطيات تتمثل في العناصر الأساسية التي حسمت مستقبلها الإحترافي مع أنديتها، وفي مقدمتها يبدة، حليش، بلعيد، عبدون ومبولحي الذين صارت معنوياتهم مرتفعة بعد ظفرهم بعقود جيدة. يبدة خشي على نفسه في لقاء الغابون وبالعودة إلى المباراة الودية الأخيرة التي خاضها الفريق عقب عودته من نهائيات كأس العالم، والتي جمعته بنظيره الغابوني يوم 11 أوت على ملعب 5 جويلية، فقد ظهر على أداء حسان يبدة حذر شديد وعدم الدخول في صراعات فردية عوّدنا عليها في كل موعد يجمعه مع المنتخب الوطني، لكن في لقاء الغابون بدا على يبدة نوع من الخوف على صحته وهذا ما أثر سلبا في مردود اللاعب. توتر أعصابه كان يعكس كل شيء كما كان التوتر باديا على حسن يبدة، خاصة في التدخلات التي كان يتعرض لها من لاعبي الغابون، والتي كلفته في إحدى الصراعات تلقيه بطاقة صفراء لم يكن سببها تدخل منه على أحد لاعبي المنافس، وإنما رد فعله الخشن على لاعب الغابون الذي حاول إفتكاك الكرة منه ولمسه بالخطأ، وهذا ما جعل توتر الاعصاب باديا على اللاعب وكشف كل شيء. مستقبله الغامض أثّر في مردوده أرجع العارفون بشؤون المنتخب، المردود الهزيل الذي كشف عنه يبدة أمام الغابون والقلق الذي عاشه أثناء ذلك اللقاء إلى الغموض الذي كان يميز مستقبله الاحترافي، خاصة مع وضعه في قائمة اللاعبين المعروضين للبيع في “بنفيكا“، ليجد نفسه أمام عدة عروض، لكن أغلبها لم يكن جديا، وهذا ما فسّره البعض على أن هذه المرة ومع توقيعه في “نابولي” الإيطالي وتحوّله إلى “الكالتشو“ أراح كثيرا اللاعب وسيجعله يلعب لقاء اليوم بمعنويات عالية. حليش خشي تضييع عرض “فولهام” إذا كان يبدة لعب وشارك في لقاء الغابون، رغم عدم اتضاح الرؤية بالنسبة إليه فيما يخص مستقبله، فإن زميله رفيق حليش لم يشارك أصلا في المباراة، بل فضّل سعدان تركه خارج حساباته، قبل أن يتراجع ويضعه في كرسي الإحتياط. ويأتي تفضيل ترك حليش وقتها إلى اغتنام فرصة العرض الذي جاءه من نادي “فولهام” الإنجليزي حتى لا يُصاب وتضيع الصفقة. اليوم صار أحسن وأكثر تحفيزا ومع توقيع حليش رفيق، صخرة دفاع “الخضر“ في ناد من البطولة الإنجليزية، فإنه من الناحية النفسية يعتبر أفضل وأحسن وأكثر تحفيزا مقارنة برفقائه، لا سيما أنه جاء من ناد صغير في البطولة البرتغالية “ناسيونال ماديرا”، وهو اليوم في بطولة أقوى ومع فريق قوي وعريق اسمه “فولهام” الإنجليزي. ودون شك، فإن هذه المعطيات لوحدها تؤكد أن حليش سيدخل مباراة اليوم بمعنويات عالية وعزيمة قوية لتشريف العقد الذي وقعه والثقة التي تربطه بأنصار المنتخب الوطني. مستوى زياني لم يكن مقنعا يومها أيضا كما لم يكن مستوى كريم زياني صانع ألعاب المنتخب الوطني و“فولسبورغ” الألماني أفضل من زملائه في لقاء “الغابون”، حيث ظهر عليه التأثر وفقدان روح القيادة في التشكيلة، والسبب أن زياني لم يكن متأكدا من المواصلة واللعب مع “فولسبورغ” لذا كان تركيزه ناقصا. توقيع مبولحي ل “سيسكا سوفيا” أراحه كثيرا الحارس وهاب رايس مبولحي، النجم المتألق مع “الخضر” في جنوب إفريقيا بمناسبة مونديال 2010، لم يكن حاله أحسن من زملائه، فرغم نجوميته والأندية القوية التي طلبت خدماته إلا ذلك لم يتجسّد، لكن اللاعب ومع وضعه حدا للسيناريو المقلق الذي عاشه في الفترة الأخيرة وتوقيعه مع آخر يوم من مرحلة التحويلات الصيفية الأوروبية مع نادي “سيسكا صوفيا” جعل القلق الذي كان يعيشه اللاعب يزول وهو اليوم جاهز وعلى أتم الاستعداد ليكون أفضل وأحسن من الأداء الذي ظهر به في لقاء الغابون وتلقيه لهدفين. عبدون وبلعيد خدمهما سوق التحويلات ينطبق ما عاشه مبولحي على صانع ألعاب نادي “نانت” الفرنسي جمال عبدون، حيث وجد نفسه يتحول إلى البطولة اليونانية، وبالضبط إلى نادي “كافالا”، والأمر نفسه ينطبق على المدافع السابق ل“فرانكفورت” الألماني حبيب بلعيد الذي وجد نفسه في آخر يوم من مرحلة التحويلات الصيفية يوقع لنادي “سدان” الفرنسي ويضع حدا للقلق الذي انتابه، وهذا ما يؤكد أن حالة كل لاعب على أحسن وأفضل مما كانت عليه في السابق. تاريخ نهاية التحويلات خدم المنتخب وسعدان ساهم إنهاء فترة التحويلات الصيفية الذي صادف يوم 31 أوت الفارط بشكل فعال في رفع معنويات العناصر الوطنية مثل يبدة حسان، حليش رفيق، مبولحي وهاب رايس، عبدون جمال، بلعيد حبيب، وهو الخماسي الذي نجح في الظفر بعقود إحترافية عكست أن تاريخ نهاية التحويلات خدم هذه المرة سعدان والمنتخب كثيرا. اللاعبون دخلوا التربص بمعنويات عالية وتكمن أهمية طي صفحة الانتقالات بالنسبة لسعدان وأيضا انطلاق البطولات الأوروبية في أن جميع العناصر الوطنية دخلت التربص بمعنويات مرتفعة، والسبب حسمها مستقبلها الإحترافي وتوقيعها على عقود سمحت للاعبين التنفس والارتياح من حمل ثقيل كان على عاتقهم، لذا فحتى سعدان بدا متفائلا بتحقيق أشباله للفوز. وكشفت الأيام الأولى من التربص أن الأجواء رائعة وجميلة جدا من الناحية المعنوية وهم محفزون بشكل جيد لدخول لقاء تانزانيا بعزيمة ورغبة شديدة لتحقيق الفوز. لحسن الحظ أن لاعبينا وفّقوا والبرمجة كانت مناسبة من بين أهم الأمور التي يبقى سعدان وحاشيته يتفاءلون بها لتحقيق المنتخب لفوز أول يبدؤون به مشوار الصراع على كسب تأشيرة إفريقية والتغلب على تانزانيا، هي أن الحالة التي يوجد عليها اللاعبون هذه المرة مخالفة تماما لما كانوا عليه في لقاء الغابون والمعنويات مرتفعة، ولكن حظ سعدان “يكسر الحجر” وأيضا لاعبينا الذين وفقوا في كسب عقود جديدة، ويتمنى كل جزائري أن تكون انطلاقة “الخضر“ في تصفيات كأس إفريقيا قوية وبمثابة الإنذار شديد اللهجة لكل منافسينا.