الحوار مع بوڤرة ممتع للغاية وأخذتنا حلاوة الحديث حتى توالت الساعات دون أن نشعر. ظل يتحدّث معنا براحة ودون حرج ووضعنا في أجواء نفسية أقل ما يقال عنها إنها رائعة. وليس أدل على ذلك من نشر الحديث على حلقات طويلة، كل حلقة تكشف عن أسرارها بنفسها، ويالها من أسرار... كيف كان ردّ أهلك لمّا سجلت هدفك أمام كوت ديفوار في ربع نهائي كأس إفريقيا؟ أبي قال لي أنا فخور بك، يا ولدي لقد لعبت جيدا، وهي عبارات زمان (يضحك)... وحتى والدتي قالت لي الكلام نفسه، وأوضحت أنها لم تشاهد بقية المباراة لأن توفيق إبن عمي من خميس مليانة كان حاضرا بحجوط وانتابته نوبة بعد تسجيل هدفي نقل على إثرها إلى المستشفى. كدت تقتل إبن عمك إذن؟ لحسن الحظ خرج سالما من نوبته. ماذا تقول لمّا تسمع أن حياة عدد كبير من المواطنين تكون في خطر لمّا يخوض المنتخب الوطني مباراة هامة؟ والله إنه أمر غريب عندما نسمع مثل هذه الأشياء، خاصة عندما يكون هدف أسجله يضع حياة إنسان في خطر. هذا الأمر يضحكنا، لكن بالعكس يحزن أولياءهم، ويجعلهم في حداد في الوقت الذي يحتفل الشعب الجزائري بانتصار منتخبهم.. صراحة مثل هذه الأمور تتعداني، كما أتأسف لموت مناصر عندما يجول أو تدوسه سيارة، على الأنصار أن يتحلوا بالحذر في مثل هده الأمور. كيف تسيّر صورتك بعد أن أصبحت نجما؟ الحمد لله. أسيرها بنجاح منذ أن التحقت بنادي “رانجرز”. حيث تعلّمت الكثير في هذا المجال، وأصبحت أحسن الردّ على أسئلة الصحفيين وعدم الوقوع في فخّهم، خاصة أن لاعبي الفريق الاسكتلندي يتميّزون بتغطية إعلامية واسعة من الوسائل الإعلامية المكتوية والمصورة. وحتى لمّا تأهلنا لكأس العالم لم يتغيّر فيّ شيء، بل واصلت على الوتيرة نفسها التي كنت عليها. في أي وقت شعرت بأن الشهرة تتعدّاك نوعا ما؟ إعلاميا لم يحدث ذلك أبدا. في الشارع نعم أقول في نفسي إنني أريد إرضاء الجميع، لكن بعد لحظات معدودة أجد نفسي أواجه حشدا كبيرا من الناس لأجد نفسي عاجزا عن تلبية رغبة الجميع، سواء تعلق الأمر عند الذهاب للفريق أو لزيارة عائلتي، حيث لا أتمتّع أبدا برؤية جدي وجدتي. لكن يجب أن تتفهم الأنصار ... أكيد. أتفهّم هؤلاء الناس، ولو كنت مكانهم لفعلت الأمر نفسه. لكني لا أجد الوقت الكافي لزيارة عائلتي وهو ما يؤثر فيّ. كما أنه يصعب أيضا إرضاء الجميع، كما لا يمكنني رفض أخذ صورة مع الأنصار الذين يتوسّلون لي لأخذ الأمور من الجانب الحسن. ماذا فعلت بأول راتب كبير لك؟ تلقيت راتبي الكبير الأول مع نادي شارلتون ودفعت قسما كبيرا منه لعائلتي التي شرعت في بناء منزل في الجزائر، ومن جهتي اشتريت سيارة من نوع “توارڤ“. كم كنت تتقاضى في ڤونيون؟ 1200 أورو، “ميزيرية“ مقارنة باللاعبين الآخرين. في أي شيء كنت تفكّر عندما استفدت من راتب كبير لأول مرة في حياتك؟ كيف أصرفه دون الندم في السنوات القادمة. إنه أول شيء طبيعي يفكّر فيه الإنسان الذي لم يولد غنيا، لأننا نخشى أن لا يكون لنا المال الكافي غدا فقد وجب علينا عدم السقوط في فخ الغرور. أجمل هدف سجلته في حياتك هو الذي كان في مرمى دوندي بعد أن راوغت أربعة مدافعين على طريقة مارادونا، أليس كذلك؟ نعم هو الأجمل مثل الهدف المسجل في رابطة الأبطال الأوروبية أمام شتوتغارت، لكنه لم يكن الأهم. أهم هدف هو الذي سجلته في مرمى كوت ديفوار. مع حليش ويحيى يكون هناك اكتظاظ بالمدافعين، من منكم الذي يجب ترك مكانه؟ أنا مستعد لترك مكاني ل رفيق أو عنتر. لقد تطرقنا لهذا الموضوع وكلّنا متفقون من أجل مصلحة الفريق الوطني دون التأثر بالجلوس على كرسي الاحتياط إذا اقتضت الضرورة. ونحن الثلاثة نزهاء إزاء هذا الموضوع فمن يوجد في أحسن لياقة يلعب. في المنتخب الوطني نكون مجموعة واحدة نمثّل شعبا كاملا وليس فردا واحدا. الفوج يتشكّل من 23 لاعبا هم الأحسن في الجزائر والمهم أن نكون ضمن الفوج لقضاء شهر كامل في كأس العالم وعلينا أن نستمتع بذلك مع بعضنا البعض وأن نفكّر في مصلحة الوطن. إذا قرر سعدان وضعك على كرسي الاحتياط هل ستتقبّل قراره؟ لا أقول ذلك لإرضاء الجميع بل لن أغضب منه، وليس هناك أي حرج في ذلك. هل هي رسالة توجهها لزملائك؟ نعم، إذا أراد اللاعبون التفكير في مصلحة الفريق الوطني. نحن المدافعون تطرقنا فيما بيننا لهذا الموضوع وكلنا متفقون على التضحية ولن يكون هناك أدنى مشكل من هذا الجانب. بالعكس، عندما يكون مقعد التماس ثريا يبذل اللاعبون الموجودون في الميدان أقصى جهودهم، خاصة عندما يعلمون أن هناك لاعبا كفؤا مستعد لأخذ مكانه في أي وقت. هكذا يتمكن الفريق من تحسين مردوده ويبقى التنافس شريفا على هذا المستوى. وهل أخذ عنتر هذا الجانب من الناحية الإيجابية خلال “الكان”؟ عنتر كان الأول الذي شجعنا بعد فوزنا على مالي باعتمادنا على أربعة مدافعين. حيث قال لي ول حليش: “اليوم لعبتما جيدا وقمتما بتغطية دفاعية جيدة”. وأمام أنغولا كان مستعدا لأخذ مكانه لكنه قال لنا: “الفريق جيد، واصلوا هكذا، لا داعي لإجراء أي تغيير”. لكن المكتوب أراد أن يُصاب العيفاوي فدخل عنتر لتعويضه في الجهة اليمني، وهذا مثال للتضامن الموجود داخل الفريق. هذا سيطمئن كثيرا الأنصار .. يجب على الشعب أن لا يقلق من هذا الجانب وأن لا يطرح أسئلة من نوع كيف ستكون الأمور في غياب فلان أو فلتان؟ نتوفّر على فوج قوي يحسن لعب الكرة وأكدنا على ذلك منذ مدة رغم شكوك البعض. ألا تعتقد أننا في حاجة إلى تدعيم الدفاع على الجانبين؟ شخصيا أفضّل رحو الذي أظهر أمام نيجيريا أنه يحسن أداء دوره داخل الفريق، حيث دافع جيدا وصعد إلى الهجوم ومنح عدة فتحات. لكن يوجد رحو فقط على الجهة اليمنى. نعم، يجب البحث عن بديل وهناك مفتاح وهو لاعب جيد، لكن هذه الأمور تهم المدرب. أين تكمن، حسب رأيك، قوة المدرب رابح سعدان؟ هناك جانب لا يغلبه فيه أحد يتعلق بالعلاقات مع اللاعبين. حيث يدرك جديا طبيعة عقلية اللاعب الجزائري وكيف يحمّله المسؤولية وكيف يحفّزه، وهو يتركنا نفعل ما نشاء فوق الميدان لأنه يدرك أننا محترفون بأتم معنى الكلمة، ونعرف جيدا دورنا في أرضية الملعب. كما أنه يعطينا طريقة اللعب التي يريدها وننفّذ أوامره بسهولة ويضع فينا ثقته ونحن نطمئنه من هذا الجانب. وخارج الميدان؟ حتى خارج الميدان يعرف كيف يحمّلنا المسؤولية، إنه مدرب لا يتصرّف كالدركي لأنه يعلم أننا رجال نعرف كيف نحافظ على لياقتنا، وفي الميدان نحس بأننا متحرّرون ونلعب دون ضغط إضافي. وحتى الاجتماعات لا تكون مملّة أو مطوّلة مثل أولئك الذين يقضون ساعات مع الفيديو. حديثه صريح ومباشر حيث يعرف كيف يبعد عنا الضغط حتى ندخل الميدان مسلحين بالعزيمة. نحس أن له خبرة طويلة وسيرته الذاتية تتحدّث عنه. مثلما قال يبدة إنه المدرب المناسب ل “الخضر” في كأس العالم. هذا أكيد لأنه نجح في تحقيق هذا التأهل. ثم إننا تعوّدنا على طريقة عمله، لذا من الخطأ جلب مدرب آخر سيعيد كل العمل قبل ثلاثة أشهر عن المونديال. لعبت مع كافالي وسعدان، هل من مقارنة بسيطة بينهما؟ لكل مدرب طريقته الخاصة. سعدان يعرف جيدا خبايا الكرة الإفريقية، عكس كافالي الذي خاض أول تجربة إفريقية، ويعتمد على الطريقة الأوروبية. كافالي أدى عملا طيبا يجب الاعتراف به، حيث يتوفر على عقلية تشابه عقلية الجزائريين لأنه من كورسيكا، لكن سعدان يفوقه كثيرا من حيث الخبرة. بماذا تجيب أولئك الذين يريدون تراباتوني مدربا ل “الخضر”؟ لماذا نغيّر مدربا نجح في تحقيق التأهل للمونديال وفعل الكثير مما لم يفعله آخرون منذ 1986؟ لماذا نحرمه من هذا الإستحقاق؟ دلّوني على مدرب واحد في الجزائر يملك خبرة مثل خبرة سعدان. الناس بإمكانهم التكلم لكنه سيبقى مدربنا وسنؤيده حتى النهاية. هناك من يشكك في عمل زهير جلول الذي يعمل في الخفاء، أنت الذي عشت معه كثيرا حدثنا عن دوره ... نعم، زهير لا يتكلّم كثيرا مع وسائل الإعلام، لكنه رجل يقدم الكثير للفريق، خاصة من الناحية النفسية في العلاقات مع اللاعبين. حيث يتميّز بنشاط كبير ويزور اللاعبين في غرفهم لتشجيعهم ويشرح لهم طريقة اللعب التي حضّرها سعدان حسب معطيات المقابلة. كما يكون دائما مواظبا على التدريبات ودوره في الفريق لا يستهان به. هل تؤكد أنه ضروري للفريق الوطني ... بطبيعة الحال، إنه مفيد وسعدان أحسن اختيار من يعتمد عليه في عمله. في نادي “رانجرز“ المدرب “والتر سميث“ مثل سعدان ويتمتع بخبرة طويلة ويساعده “ألي ماك كويست“ الذي يعمل مثل جلول في الخفاء ويكون دوما حاضرا مع اللاعبين لتحفيزهم وشرح تعليمات المدرب الأساسي. جلول مدرب مساعد يعمل خلف سعدان ويتعلّم منه لأن سعدان أكثر خبرة منه. لحسن أصبح الآن معكم، ألا تعتقد أنك أخطأت بتصريحاتك السابقة إزاءه؟ أعترف بخطئي حيث تسرعنا في الحكم عليه، كان الأجدر أن نترك هذا المجال للمدرب. لم أكن دائما ضد مجيء لحسن لكننا خرجنا من مباراة مصر وما دار حولها ثم إننا ربطنا فيما بيننا علاقات متينة جدا وأصبحنا نشكل عائلة قوية لذا كان من الطبيعي الدفاع عن الفوج، لكننا تسرّعنا في هذا الموضوع الذي يعد من اختصاص المدرب. والآن بعد هدوء العاصفة، ماذا تقول في لحسن؟ اليوم أقول له مرحبا بك، بصراحة كل من هو قادر على إعطائنا الإضافة فليتفضّل ومادام يحب الجزائر فلن يطرح ذلك أي مشكل، هذا الكلام صالح ل لحسن ولغيره فمصلحة البلد فوق كل اعتبار. وما هو الاستقبال الذي سيخصص له يوم 3 مارس؟ لا تقلقوا من هذا الجانب سأكون أول من أعطيه التمريرة الحاسمة الأولى وهي طريقتي في الترحيب به مع “الخضر“. هل من رسالة توجهها له عبر جريدة “الهدّاف”؟ أطلب منه ألا يقلق بالنسبة لحضوره إلى الفريق الوطني حيث توجد أجواء رائعة، ويكفي فقط الحضور لطاولتنا للتأكد من أننا سنستقبله أحسن استقبال وسأمازحه مثل غيره. صراحة كلنا إخوة وليست لنا عقلية الأوروبيين. ربما كان هناك كلام، لكن كان هدفنا الدفاع عن الفوج، فإذا استدعاه المدرب فمعناه أنه يتوفّر على إمكانات كبيرة تسمح له بالاندماج بسهولة ضمن الفريق، ثم أن رئيس الاتحادية حدّثنا كثيرا عنه، كما سألت روراوة إلى أين وصلت قضية لحسن فطمأنني كثيرا وحدثني عن حسن خصاله. ماذا أجاب روراوة؟ قال لي إن لحسن رجل لطيف ذو تربية عالية وليس هناك أي مشكل بخصوص اندماجه، لأننا كنا نخشى أن يسبّب ذلك في مشاكل تؤثر في استقرار الفريق. اليوم والحمد لله كلنا مرتاحون لقدومه وسننتظر مجيئه في التربص القادم وسنستقبله مثل الأخ دون أدنى شك.