ليلى أعراب ربما يكون غباء الزوج أو ذكاء الزوجة هو السبب وراء اكتشاف محاولات الخيانة الزوجية داخل الأسر في الحالات العادية، لكن الطرق التكنولوجية اليوم نقلت فضائح الأزواج إلى حسابات السكايب، الفايسبوك، الماسنجر، انستجرام والتويتر، كطريقة لخراب البيوت من طرف "هاكرز" فضلوا مواقع التواصل الاجتماعي لفضح العلاقات الغرامية للأزواج المخادعين. في قضية فريدة من نوعها، عالجت محكمة بئرمرادرايس مساء أمس الأول قضية مهندس في الإعلام الآلي قام بقرصنة حساب الماسنجر الخاص بمديره في العمل، عبر برنامج خاص طوره لطبيعة تخصصه الجامعي في تنظيم شبكات الأنترنت والاتصالات اللاسلكية، وامتد الأمر لحساب المدير في الفيسبوك والسكايب وانستجرام، واتخذه طريقه لفضح الخيانة الزوجية التي كان يقوم بها رئيسه في محيط العمل، من خلال الاتصال اليومي بزوجته وإعلامها بالعلاقات الغرامية التي ربطها مع زميلاته بالشركة. عنوان بروتوكول الأنترنت "إي. بي" يطيح بالهاكر وتفطن المدير الذي يعيش حالة من الانفصال الجسدي مع زوجته منذ أشهر، وهي حالة شبيهة بالطلاق، إلى قرصنة كافة حساباته في مواقع التواصل الاجتماعي دفعة واحدة، مما دفعه إلى تغيير كملة المرور في كافة الحسابات، مع فتح حسابات أخرى في مواقع التواصل التي تعذر عليه استرجاع كلمات السر الخاصة بها، ليتفاجأ مرة أخرى بقرنصة الحسابات من جديد في عمليات متكررة دوريا فاقت 5 محاولات قرصنة استهدفته بصفة شخصية، وقرر على إثرها إيداع شكوى لدى مصالح الأمن. وتمكنت الفرقة المتخصصة بجرائم المعلوماتية التابعة للمديرية العامة للأمن الوطني من الإطاحة بهذا "الهاكر" عبر عنوان بروتوكول الأنترنت الخاص به وهو ما يطلق عليه عادة اسم "adresse IP"، ويعرّف على كونه عنوانا رقميا يتم تعيينه لكل جهاز إعلام آلي على الشبكة، بحيث يصبح تعريفا خاصا به يسهل الوصول إلى هوية المستخدم وتحديد موقعه على شبكة الأنترنت ويسمح له بالاتصال بغيره من الأجهزة. وعلى إثر التحريات التي قامت بها الفرقة، توصلت إلى هوية الهاكر الذي ينحدر من ولاية البليدة، ويتطابق اسمه مع اسم عامل بالشركة التي يديرها الضحية، وتبين فيما بعد أنه يشغل منصب مهندس الشبكات والاتصالات، واستغل طبيعة تخصصه الجامعي في قرصنة حسابات المدير. من مهندس إعلام آلي إلى هاكر فاعل خير واعترف المهندس في محاضر سماعه أمام الضبطية القضائية بالجرم المنسوب إليه، وأمضى على تعهد كتابي بعدم معاودة مثل هذه التصرفات مستقبلا، نظير صفح مدير الشركة عنه وإسقاط الدعوى القضائية ضده، لكن الأمر لم يقف عند حدود القرصنة، بل تعداه إلى فضح علاقات المدير الغرامية التي ربطها في محيط عمله، حيث كان يتصل يوميا بزوجة المدير عبر حساباته في مواقع التواصل الاجتماعي لإخبارها بتصرفات زوجها، ومحاولة تأجيج النيران بينهما، خصوصا وأنها قاطنة في بيت أهلها منذ شهور، وكان الهاكر يسرد للزوجة يوميات المدير المخادع في العمل، وخارج أوقات العمل، أين كان يقوم بجلب الفتيات إلى بيت الزوجية الذي تغيبت عنه زوجته بفعل حالة الانفصال الجسدي التي كانا يعيشانها. وحاول الهاكر تبرير فعلته بالتأكيد على أن ما قام به هو كان أفضل طريقة لردع المدير عن التصرفات اللاأخلاقية التي كان يقوم بها، فيما تفهم المدير هذا الوضع وتوصل إلى اتفاق معه بعدم معاودة الأفعال المخلة بالحياء مستقبلا، نظير إقلاعه عن هذه التصرفات، واقتنع المدير الذي كانت علاقته الزوجية على المحك بضرورة التوبة إلى الله والكف عن التصرفات المشينة. شهرين سجنا نافذا و200 ألف دينار غرامة والتمس ممثل الحق العام باعتباره المدافع الأول عن حقوق المجتمع، إدانة المتهم بالجرم المنسوب إليه، وسجنه لمدة شهرين موجوبة النفاذ، مع 200 ألف دينار غرامة مالية، تعويضا عن كافة الأضرار التي لحقت بالضحية، قبل أن يطالب مدير الشركو بالصفح عن موظفه وحاول رثبات حسن النية في الأفعال التي قام بها. وسن المشرع الجزائري عقوبات صارمة للجرائم الإلكترونية عند ما تبين جليا أن المعلوماتية أصبحت من وسائل ارتكاب الجريمة ضد الأشخاص وضد الأموال، أصبح إلزاما عليه أن يتدخل لوضع حد لذلك عن طريق سن قوانين عقابية، و هذا بتعديل قانون العقوبات رقم 04-15 المؤرخ في 27 رمضان عام 1425 الموافق 10 نوفمبر 2004، المعدل و المتمم للأمر رقم 66-156 الموافق ل 8 يونيو 1966 و المتضمن قانون العقوبات. وكان من الضروري أن تثير مسألة القرصنة أو جرائم المعلوماتية جدلا كبيرا لدى الفقه الجنائي في تعريفها وتحديد عناصر الجريمة المكونة لها ومدى انطباق نصوص قانون العقوبات وقانون الإجراءات الجزائية التقليدية عليها.