ليلة السبت مقدسة في نظر إبليس يخصصها دوما للراحة عند نهاية كل أسبوع، يقضيه في العمل الجاد والمضني، تلك الليلة قضيتها رفقته بعد أن دعاني إلى خيمة من الخيام المتواجدة بأعالي العاصمة التي خصصت لرجال المال والأعمال "ليزافيريست"، كما يسمون، وأبناء المسؤولين أصحاب الجاه والنفوذ، فأماكن كهذه لا يعقل أن تجد بها مسؤولا كبيرا في الدولة متربعا في خيمة يملؤها دخان السجائر و" الرنجيلة" التي دخلت مجتمعنا بقوة. صديقي الملعون كان في أبهى حلة وكأنه عريس ليلة الدخلة، أنا فقط من كان بسيطا في لباسه، تخيلت نفسي ديكابريو بطل فيلم التيتانيك، بالمناسبة الخيمة محرمة على عامة الناس "ليزانديجان" بسبب غلاء الخدمات المقدمة هناك، فمجرد تناول أكواب شاي مع قطع من الحلوى الشرقية يجعلك تدفع أكثر من مليون سنتيم، وهذامبلغ يكفي أن يكون راتبا للكثير من العمال البسطاء، كل هذا لا يهم. تربعت أنا وصديقي الملعون الذي يحب ويهوى هذه الأماكن في أحد الزوايا، جاءتنا فتاة طويلة القامة من لهجتها ولونها الأسمر عرفت أنها غريبة عن العاصمة، لكن الأغرب هو لون شعرها الأصفر الذهبي، سألت إبليس، ألم تلاحظ شيئا؟، قال وهو يبتسم كعادته، ماذا ألاحظ؟ ااه، أتقصد كيف هي سمراء و شعرها أصفر ذهبي؟عادي إنها غيرت لون شعرها بعد صبغه، أضف إلى ذلك الأظافر الزائدة والرموش المزيفة حتى لون العينين ليس طبيعيا، فهي عدسات مركبة لا غير، قلت له إذا كل هذا الجمال زائف؟ قال، بالطبع أيعقل أن يلتقي الشعر الأصفر باللون الأسمر والعيون الزرقاء، هذا الجمال الزائف لا تجده إلا عند العرب، قلت له، ماذا تقصد بكلامك؟، قال هذه الفتاة مثلها مثل الأنظمة والحكومات العربية كلها "زيف في زيف "، أضرب لك مثال بسيط، المكان الذي نحن جالسون فيه الآن تبرم فيه صفقات بالملايير لمشاريع ضخمة في البناء والأشغال العمومية وعمليات الاستيراد التي يتم التلاعب فيها بالكمية والنوعية تبرم تحت الطاولة وهذه هي الحقيقة، أما ماهو معلن من مناقصة ومنافسة ومزايدة، فهو مجرد وهم "وخرطي".