حاورتها: سامية حميش سلمى حراز صحفية بارزة في المجال الاجتماعي، لمع اسمها في جريدة "الخبر"، تؤكد في حديث لها مع " الحوار " أن العنف أصبح جزءا من يوميات الفرد الجزائري، وتضيف محدثتنا أن هذه السلوكات هي نتاج طبيعي للعشرية السوداء التي مرت بها الجزائر، كما تتطرق لجوانب من مسارها المهني. أحرزت على الجائزة الأولى لنجمة الإعلام في فئة الصحافة المكتوبة والمتخصصة، وتفوقت على قرابة 200 متنافس مرشح في الفئة نفسها، ماذا تمثل لك هذه الجائزة؟ بالتأكيد الفوز بأي جائزة يشكل قيمة كبيرة للصحفي، فهو اعتراف بالمجهود الذي يقدمه، وهذا ينعكس على مشواره المهني، لأن التتويج يحفزه لبذل المزيد من الجهد، ويشجعه على مواصلة الإبداع وتطوير ذاته ومهارته، خاصة بالنسبة للصحفي المبتدئ الذي لايزال أمامه مشوارا مهنيا طويلا، وهو ينطبق علي، فعمري المهني لا يتجاوز ثماني سنوات. ليست الجائزة الأولى التي تتقلدينها في مسابقات نجمة الإعلام؟ سبق وأن نلت جائزة لجنة التحكيم في جائزة نجمة الإعلام سنة 2010، عن مقال بعنون "التسويق عبر الهاتف، مهنة جديدة تلج سوق العمل بالجزائر"، وكنت حينها حديثة العهد بالصحافة وقسم المجتمع تحديدا، بعد انتقالي من القسم الثقافي، وكان هذا الربورتاج الفائز من الأعمال الأولى التي وقعت في قسم المجتمع، وأسعدني يومها الفوز ربما أكثر من فوزي بالجائزة الأولى في الطبعة الأخيرة، لأن التحاقي بالعمل الصحفي لم يكن قد مضى عليه ثلاث سنوات، ولم تكن لي تجربة كبيرة في كتابة الربورتاج، وهنا أشير إلى أني استفدت من تجربتي في العمل بالقسم الثقافي الذي يتطلب أسلوبا خاصا في الكتابة. نقلت من خلال مقالك "ربات بيوت يسيّرن متاجر افتراضية عبر الفايسبوك" تأثير التكنولوجيات الحديثة للاتصال على المجتمع الجزائري، إلى أي مدى يؤثر العالم الافتراضي على واقعنا؟ العالم الافتراضي أصبح جزءا من واقعنا وليس فقط مجرد ترفيه، لهذا لا يمكن تجاهل تأثيره، فالوقت الذي يقضيه الأفراد أمام هواتفهم الذكية وفي تصفح مواقع الأنترنت للتواصل عبر شبكات التواصل الإجتماعي أكثر بكثير من الوقت الذي يقضونه مع عائلاتهم وأصدقائهم، والأمر ينطبق على جميع الفئات العمرية ومن الجنسين، وهذا ما قادني للكتابة عن فئة النساء الماكثات في البيوت اللواتي يعتبرهن البعض ربما غير ملمات بالتقنيات الحديثة في العالم الرقمي، لكن الحقيقة غير ذلك، فهن ليس فقط مهتمات بالعالم الافتراضي بل أدركن أيضا تأثيره على مجتمعهن، فاستثمرن في قوة تأثيره لاستقطاب زبائن عبر شبكات التواصل الاجتماعي وهن ماكثات في بيوتهن. يرى البعض أن المجال الاجتماعي ظل بعيدا عن التجاذبات السياسية، وبالتالي فإن العمل به بعيد عن الضغوط، هل ذلك صحيح؟ لا، هذا الكلام غير صحيح، بل أن العمل والاستغراق في صبر أغوار مجتمعنا يكتشف مدى تعقيد مشكلاته وارتباطها الوثيق بما نعيشه من تحولات سياسية، بدأت بانتفاضة خبز في أكتوبر1988 ولاتزال مستمرة إلى غاية اليوم تحت عناوين أخرى، تارة باسم الانتقال والانفتاح السياسي، وتارة باسم استعادة الأمن والاستقرار. ففي كل الحالات كان المواطن البسيط هوالمحرك والجهة التي تعلق عليها أمال التضحيات، ثم كيف يعيش الصحفي بقسم المجتمع بعيدا عن هذا الحراك إن لم يكن له باعا في فهم ما يجري في الساحة السياسية، نحن نعيش في قلب الضغوط ونعمل على تهذيبها وتبسيطها للقراء قدر الإمكان، فجريمة القتل فعل سياسي بالأساس، والسرقة والانتحار وغيرها من المظاهر التي هي نتاج أخطاء الفاعلين السياسيين، للأسف نظرة الكثير من الزملاء للأقسام الاجتماعية تشوبها الضبابية وعدم الفهم لرسالة الإعلام. يرى البعض بأن المشهد الاجتماعي في الجزائر طغى عليه العنف والجريمة، هل تستثمر الجرائد والقنوات في الموضوع برأيك، أم أن الواقع بهذه السوداوية؟ لا يمكن إنكار أن الواقع حقا بهذه السوداوية في مجتمعنا، فالعنف أصبح جزءا من يوميات الفرد الجزائري، ونحن نعيش تداعيات العشرية السوداء التي خلّفت أشكالا أخرى من العنف، أما عن تناول وسائل الإعلام لهذه الأخبار فهذا يندرج في إطار مهمتها الأساسية، وهي تمكين القارئ من حقه في المعلومة، فالصحافة هي مرآة المجتمع، ومن واجبنا كإعلاميين نقل ما يحدث في مجتمعنا، إلا أن بعض وسائل الإعلام لعبت على وتر حساسية هذه المواضيع لتحقيق ربح مادي على اعتبار أن هذه النوعية من الأخبار تتقدم الموضوعات التي يهتم الجمهور بقراءتها ومتابعتها، إذ تركز بعض وسائل الإعلام على تفاصيل الجريمة وتقدمها في قالب تشويقي يحمل الكثير من الإثارة، وأحيانا لا يعتمد الصحفي على المعلومة الصحيحة والموثوقة عند تناول هذه المواضيع، وهذا من شأنه التأثير على الرأي العام في إصدار الأحكام المسبقة وحتى سير التحقيق، فالتعاطي مع أخبار الجريمة يتطلب احترافية ومهنية ومصداقية عند تقديم الخبر دون مبالغة، مع التركيز على أن الجريمة تعد سلوكا مرفوضا، والهدف من نشرها خلق وعي جماهيري بسلبياتها، وهذا يتأتى بمعالجتها بطريقة ردعية والالتزام بالضوابط الأخلاقية. رغم الكم الهائل للجرائد الصادرة اليوم، يرى الكثيرون أن الصحافة فقدت الكثير من مصداقيتها..هل توافقينهم الرأي؟ أمام صعوبة الوصول إلى المعلومة، يبحث الصحفي دائما عن السبق، فينشر الخبر استنادا إلى مصادر غير معلومة في الغالب، وهذا ما أدى إلى تراجع المصداقية، خاصة في ظل المنافسة الكبيرة بين الصحف والقنوات الخاصة التي دخلت حديثا على خط المنافسة. هل أضافت القنوات الخاصة برأيك الجديد للمشهد الإعلامي؟ أكيد أنها إضافة إلى المشهد الإعلامي في الجزائر، فقد نجحت في خلق المنافسة وفرضت على وسائل الإعلام المكتوبة تغيير طريقة عملها، أمام سرعة تدفق الأخبار، ولو أن تجربتها فتية، لكن عموما هذه القنوات الخاصة لم تخرج بعد من عباءة الصحافة المكتوبة، وأمامها الكثير من العمل لتصل إلى الاحترافية وتطوير طريقة تعاملها مع الصورة. ألا ترين بأن بعض القنوات الخاصة اليوم وقعت في فخ الشعوذة الإعلامية وتنويم المشاهد بالخرافات؟ برأيي أن المشاهد اليوم واع ويمكنه الحكم على المادة الإعلامية المقدمة له، خاصة وأن أمامه الكثير من الخيارات، بالنظر إلى الزخم الكبير للقنوات الفضائية.