مهما استدعينا من كلمات المواساة من قواميس الشفقة والرحمة، لنكفكف دمع أم مزقت كبدها، فلن نفيها حق المواساة، الجرح أكبر من أن تواسيه كلمة أو كلمتين، فالأمر يتعلق بفلذة كبد ماتت وأي موت؟ موتة غدر نفذ تفاصيلها جناة ماتت مشاعر الرحمة في قلوبهم فتحولوا إلى وحوش ضارية تنقض على البراءة وبكل وحشية. بالأمس هارون وإبراهيم وقبلهما سندس وشيماء والقائمة تطول، واليوم أنيس، براءة اختطفت وقتلت غدرا، براءة لاذنب لها سوى أنها ولدت في بلد يأبى برلمانه أن يجرم هؤلاء القتلة فأسقط عنهم حكم الإعدام، خطوة شجعت هؤلاء الجبناء الذين لم يجدوا إلا الأطفال لينفذوا في حقهم جريمة يندى لها جبين الإنسانية. من يوقف هؤلاء القتلة المجرمين الذين لم يجدوا رادعا يكبح جماحهم ؟ ومن يعيد السكينة والاطمئنان لأولياء ضيعوا مشاغلهم ومصالحهم اليومية، بل تخلى البعض عن وظيفته لأجل أن يرافق فلذة كبده إلى بوابة المدرسة وينتظره مساء ليعيده إلى البيت خوفا من أن تطاله يد الإجرام التي باتت تعبث بالطفولة. من المؤسف حقا أن تتواصل هذه الجرائم والدولة تطيل الصمت، وتأبى أن تشهر سيف الحجاج في وجه هؤلاء القتلة المجرمين الذين لا تنفع معهم الأحكام الرحيمة، فالحكم الوحيد لردع هؤلاء وكل من سولت له نفسه أن تطال يده البراءة، هو إزالة التجميد عن حكم الإعدام. أتمنى أن يكفر البرلمان الحالي والذي لم تعرف الجزائر أسوأ منه، عن خطيئته الكبرى التي بسببها وجد المجرمون ضالتهم يوم قام البرلمانيون بإسقاط حكم الإعدام عن قتلة الأطفال، دون أن يلتفتوا لدموع الثكالى الذين مات أطفالهم غدرا، ولم تلتئم جراحهم ليومنا هذا، فمع كل مصيبة جديدة تطال طفل جديد تتجدد جراح أولياء من سبق اختطافهم وقتلهم. ألم يحن الوقت لوضع حد لهذه الظاهرة من خلال ردعها بقوانين ردعية؟ أم سنبقى نسعى لإرضاء المنظمات الدولية على حساب أطفالنا الأبرياء ؟ فالسبيل الوحيد لوضع حد لجرائم اختطاف وقتل الأطفال تفعيل حكم الإعدام حتى يعتبر كل من يفكر بالمساس بأطفال الجزائر. في انتظار أن يتحرك أولو الأمر من أجل إعادة الأمان والاطمئنان، وحماية أطفال هذا الوطن مستقبلا، ولجم هؤلاء المجرمين الذين باعوا إنسانيتهم لحظة الجريمة، لا أجد كلمات أواسي بها أمهات الأطفال الذين تم الغدر بهم إلا القول "لكن الله أيتها الثكالى"، ولا أجد ما أقوله لهؤلاء الأطفال الأبرياء الذين تم اختطافهم وقتلهم إلا القول "عذرا أيتها البراءة المغدورة فما باليد حيلة".